قالت ورقة صدرت، اليوم الاثنين، عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي إن اكتشافات الغاز في حوض البحر الأبيض المتوسط تسهم في تحسين الواقع الجيوسياسي لإسرائيل ومكانتها الإقليمية.
وحسب الورقة، التي أعدها عوديد عيران، كبير الباحثين في المركز، والذي شغل في الماضي منصب سفير إسرائيل في كل من الأردن والاتحاد الأوروبي والناتو، فإن اكتشافات الغاز الطبيعي في حوض البحر الأبيض المتوسط قادت إلى بناء شراكات وتعاون اقتصادي بين إسرائيل والعديد من الدول، وهو ما أسهم في تمكين إسرائيل من التمتع بثمار سياسية، على شاكلة تعزيز علاقاتها بهذه الدول.
واعتبر عيران أن تشكيل "منتدى غاز شرق المتوسط"، الذي تشارك فيه إسرائيل، مصر، اليونان، قبرص، إيطاليا، الأردن، والسلطة الفلسطينية يمثل دليلا على إسهام اكتشافات الغاز في المنطقة في تحسين المكانة الجيوسياسية لإسرائيل، لافتا إلى أن الهدف الرئيس المباشر من تشكيل المنتدى يتمثل في تعاون الدول الأعضاء في تطوير قدرتها على استغلال المصادر الطبيعية للطاقة، وهو ما يفضي إلى زيادة اعتماد كل دولة من دول المنتدى على الدول الأخرى.
وأشار إلى أن ما عزز مكانة إسرائيل في أعقاب تشكيل المنتدى، أن الدول المشاركة فيه لم تعد تربط تعاونها مع تل أبيب في المشاريع الاقتصادية بإحداث تقدم على صعيد حل الصراع مع الشعب الفلسطيني، منوها إلى أن العامين 1991 و1995 شهدا ولادة منظومتين إقليميتين للتعاون في مجال الطاقة، لكنهما فشلتا بسبب إصرار الدول العربية في حينه على ربط تعاونها مع إسرائيل بحدوث تقدم على صعيد تسوية الصراع مع الفلسطينيين.
وبين أن تفجر ثورات الربيع العربي أسهم في حينه في تراجع الدعوات للتعاون الاقتصادي، وبناء شركات تنموية بين إسرائيل والدول العربية.
وحسب عيران، فإن تدشين المنتدى، عزز قدرة إسرائيل على استغلال احتياطاتها من الغاز من خلال الاتفاق مع كل من قبرص واليونان على تدشين أنبوب لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، إلى جانب أن القاسم المشترك لمعظم الدول المشاركة في المنتدى يتمثل في مواجهة تركيا واحتواء دورها في المنطقة، الذي ترى فيه مصدر تهديد لمصالحها.
وشدد على أن ما يعزز من فرص استفادة إسرائيل من تدشين المنتدى، حقيقة أن الولايات المتحدة باتت تبدي حرصا على التدخل لدى دول المنطقة لإقناعها بتطوير تعاونها مع إسرائيل في استغلال مصادر الطاقة، مشيرا إلى أن ما يدلل على ذلك هو الزيارات التي قام بها للمنطقة وزير الطاقة الأميركي ريك بيري، ومساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة فرانك بنون.
وأوضح أن التدخل الأميركي وحرص واشنطن على تعزيز التعاون في مجال استغلال مصادر الطاقة في المنطقة لا يرجع إلى أسباب اقتصادية بل إلى دواع إستراتيجية، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تسعى إلى محاولة تقليص فرص نفاذ روسيا إلى المنطقة.
ونوه إلى أن حرص كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على منح مظلة دولية للتعاون بين إسرائيل ودول المنطقة في مجال الغاز يعزز من قدرة الدول العربية على مواصلة التعاون وتطويره، ناهيك عن أنه يساعد نظم الحكم في هذه الدول على التغلب على المعارضة التي تبديها أطراف داخلية ترفض مثل هذا التعاون.
وحسب عيران، فإن التحدي الذي تواجهه إسرائيل يتمثل في بقاء النزاع مع لبنان حول ترسيم حدود المياه الاقتصادية قائما، منوها إلى أن هذا النزاع يحول دون تمكن تل أبيب من استغلال احتياطات الغاز في المنطقة المتنازع عليها.
وأبدى تفاؤله في إمكانية أن تسهم الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في لبنان في دفع حكومة سعد الحريري إلى التوصل لاتفاق ينهي النزاع، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تبذل جهودا كبيرة في محاولاتها تقريب وجهات النظر بين بيروت وتل أبيب، مشيرا إلى أن الأزمة الاقتصادية دفعت بالفعل الحريري إلى إظهار استعداد لبنان للتوصل لاتفاق ينهي النزاع.