"عودة الطبيعة": البيئة والعدالة الاجتماعية

04 يونيو 2020
(تمثال ماركس في مدينة ترير الألمانية، Getty)
+ الخط -

تتناول العديد من الدراسات الحديثة مسألة إنقاذ الكوكب والبشرية من خلال بناء حركات اجتماعية من أجل العدالة البيئية التي تستدعي بدورها تغيّرات نوعية في طبيعة الاقتصاديات النيوليبرالية المتوحشة التي تنتهك أماكن العمل والبنية التحتية، ضمن طروحات تلتقي مع الآراء الماركسية.

"عودة الطبيعة.. الاشتراكية والإيكولوجيا" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً عن "منثلي ريفيو برس" في "جامعة نيويورك" لأستاذ علم الاجتماع في "جامعة أوريغون" جون بيلامي فوستر، وفيه امتداد لمؤلّفات سابقة استعرض خلالها فهماً جديداً للمادية البيئية الثورية لدى كارل ماركس عبر تأريخه للمفكرين الذين طورواً أفكاراً حول الطبيعة من إبيكوروس إلى داروين.

يواصل المؤلّف في كتابه الكشف عن تاريخ طويل من الجهود لتوحيد قضايا العدالة الاجتماعية والاستدامة البيئية التي ستساعدنا على فهم ومواجهة حالات الطوارئ الكوكبية غير المسبوقة اليوم، ويعود إلى لحظتَي رحيل داروين وماركس في 1882 و1883 على التوالي، وكيف سعى المحلّلّون الاشتراكيون والعلماء من مختلف حقول المعرفة إلى تطوير الطبيعة الجدلية المتأصلة في نقد الرأسمالية.

يعيد فوستر الأصول الراديكالية والاشتراكية لفهم البيئة، بحسب قراءات كلّ من ويليام موريس وفريدريك إنغلز إوجوزيف نيدهام وراشيل كارسون وستيفن جاي غولد، ليخلص إلى أن الحل يتمثّل في ثورة بيئية طويلة تهدف إلى صنع السلام مع الكوكب مع تلبية الاحتياجات البشرية الجماعية.

يطرح الكتاب جملة تساؤلات مثل: ما علاقة البيئة بنقد الرأسمالية وحركة الاشتراكية؟ ما هي جذور الإيكولوجية الاجتماعية؟ منطلقاً في إجابته من المخاوف الجدية التي بدأت منذ منتصف القرن التاسع عشر بشأن فقدان خصوبة التربة، حيث استنفدت الزراعة وفق متطلبات الرأسمالية الصناعية الجديدة بسرعة مغذيات التربة، وهو ما وصفه ماركس بأنه "صدع لا يمكن إصلاحه في عملية الأيض؛ عملية التمثيل الغذائي التي تحددها قوانين الحياة الطبيعية نفسها".

وتركّزت هذه الانتقادات على ضرورة استعادة هذا التمثيل الغذائي، وهو لا يمكن تحقيقه إلا في مجتمع اشتراكي قادر على اتباع نهج عقلاني ومستدام للإنتاج، وبالتالي تحافظ هذه الاستدامة على الأرض من أجل أجيال المستقبل في مجتمع يقوم فيه المنتجون المرتبطون بتنظيم عملية التمثيل الغذائي بشكل منطقي بينهم وبين الطبيعة مع تطوير إمكاناتهم البشرية.

يُذكر أن فوستر اصدر عدّة مؤلّفات؛ من بينها: "الكوكب المستضعف"، و"علم البيئة الماركسي"، و"الجياع من أجل الربح"، و"الإيكولوجيا ضد الرأسمالية"، و"الثورة البيئية"، إلى جانب مؤلفات مشتركة مثل: "الصدع البيئي"، و"سرقة الطبيعة"، و"أن تعرف عن الرأسمالية".

المساهمون