"عهد" لا تغلقي الباب

28 مارس 2018
+ الخط -
وأنت تشاهد المشهد السياسي يوميا في الإعلام المرئي أو المكتوب أو على الإنترنت، ستضجر ألف مرة ومرة ويتصدع رأسك، فقط لمحاولة تصنيف وترتيب ما يحصل اليوم، في المنطقة العربية. ستشاهد وتستمع لألف خطاب وخطاب، وتتمعن في تحليلات للخبراء السياسيين والعسكريين والاقتصاديين، في سبيل الحصول على تفسير واضح ومنطقي لما يحصل يوميا سواء في سورية أو العراق أو اليمن أو ليبيا، إلخ..

الواضح والجلي أن ما يحصل أكيد ليس بأيدينا، وأن مصيرنا اليوم وغدا كمصير الناقة العمياء في الصحراء الواسعة، لهذا حاولت قدر المستطاع أن أبتعد عن كل ما هو سياسي، لمقتي وكرهي لها، ولكن بصراحة، لأني عجزت أن أفكك الأحداث وأضع أفكاري وتصوراتي لجانب طرف من الأطراف التي غدت اليوم أكثر من أطراف الأخطبوط، ولذلك لم أعد أؤمن وأثق في أي طرف سواء داخل هذه البلدان أو خارجها، وأدركت أنه ما من أحد منهم همه هذه الأراضي بقدر ما يهمه الدولارات التي يستفيدها منها.


سئمت السياسة... لكني لا أستطيع أن أمر على حدث في فلسطين مرور الكرام، لأني أعتقد وقد أكون مخطئا في ذلك، أنها القضية الوحيدة التي لا زالت بينة المعالم، والقضية الوحيدة التي يحق لي الخوض فيها دون الانزلاق للذاتية والأيديولوجية التي ترسبت في وعيي، ففلسطين قضية أزلية، بالنسبة لي كجزائري، هكذا لُقّنّا على الأقل في صغرنا، نحن الجيل الذي يحفظ مقولة بومدين رغم أنه لم يعشها، نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، رغم أنها غدت شعارا لا أكثر ولا أقل منذ سنوات..

نحن المراهقون الذين توشحنا بالكوفيات في 2008 إبان الحصار والعدوان على غزة، ليس ذنبنا، هم من أقنعونا بذلك وقتها، فقط ليبيع لنا المتاجرون بقضايا وآلام الناس تلك الكوفيات، لهذا قلت إن نصرتنا لأقصانا قد غدت كلاما كغثاء السيل، هكذا صادق أحد أساتذتي في الجامعة على كلامي، يومها قال لي: نحن ننافق أنفسنا، لو كنا نحب أقصانا ما كنا اليوم هنا في بلداننا ننام على الفراش الوافر، ونأكل الغلة الطازجة، فما بالك إن غدت في فلسطين اليوم شقراء في عمر الزهور، شعرها غجري، وعيناها طيران أخضران، ليس لها أظفار، بل تحمل في أحد كفيها حجرا، والآخر خالٍ، لكنه يحمل رجولة وبأس أمة تخلت عنه، وتخاذلت في استعماله..

أُصدر الحكم إذاً في حق شقراء الأقصى، والتي تحمل جينات لالة فاطمة نسومر، وبوحيرد، ورابعة العدوية، وغزالة الشيبانية، وحملنا نحن الذل والمهانة والعار والخذلان..

نحن الذين لا نحسن إلا الضرب على الدفوف، وترديد "صامد يا دار"، والدار لا تصمد إذا خلت من أهلها، والدار لا تصمد إذا كان الخونة ينخرون أعمدتها ليل نهار.
A2EAA257-8ED6-4CE8-8FB3-188268EDDBB0
يوسف بكاكرية

جزائري المولد والجنسية... طالب جامعي تخصص أدب عربي حديث ومعاصر.يقول: نكتب لنعيش