يقدّم فيلم "عشر سنوات من حياتي" لخالد زهراو (وثائقي شاركت في كتابته كريمة حبيب) شهادات لسبع عراقيات، تكاد تكون كل شهادة وثيقة حيّة لطالما غيّبت عن المشهد العام. وتطرح أولئك النسوة اهتماماتهن، وخلفياتهن الاجتماعية، كما يتحدّثن عن اللحظة الحاسمة التي شكّلت انعطافةً في حياتهن منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003 وسنوات الاحتلال وحتّى سنة 2013، لنرى كيف تنظر كلّ واحدة إلى عقد كامل من العنف والاضطهاد.
يرفع الفيلم الغطاء السميك عن أصوات نساء عراقيات "يعشن بما يشبه المعجزة"، كما يقول زهراو، دون فرض رؤى اجتماعية أو حزبية كتلك التي تفرضها عليهن الكوتا البرلمانية. بعد أن رافقت الكاميرا النساء من العاصمة بغداد إلى مدنهن؛ البصرة والعمارة ودهوك وكركوك والنجف.
يعرض الفيلم تجاربَ أليمةً بدت إلى فترات قريبة غامضة، وحياةً يوميةً عراقيةً تغيب عنها مسحة الأمل أحياناً، ولكنه في الوقت نفسه يأتي كبقعة ضوء تعيد الانتباه إلى الموضوع النسوي في العراق قبل أن يصبح في عداد المفقودات.
ولعل هذا بالذات ما جعل المهرجانات تقبله سريعاً، فبعد خروج الفيلم من المونتاج بفترة قصيرة دعي إلى عدة مهرجانات عربية وأجنبية؛ ففي منتصف الشهر المقبل سيُعرض في سدني، وبعدها في مدينة كانبيرا بأستراليا، وفي "مهرجان الأفلام العربية" الذي يقام فيها. ثم سينتقل إلى الولايات المتحدة الأميركية ليعرض في ميشغين وواشنطن نهاية الشهر المقبل، كما سيعرض في "مهرجان سينما المرأة" في الرباط في أيلول/ سبتمبر القادم، وبعدها في لندن على مسرح الـ BBC في بداية تشرين الثاني/ نوفمبر.
يذكر أن المخرج العراقي المغترب خالد زهراو يعيش في هولندا، وله تجارب سينمائية وتلفزيونية، منها سلسلة وثائقيات عن بغداد بعنوان "المدينة والناس"، غاص خلالها في جماليات بغداد وأعاد سرد ما تصدع من حكاياتها عبر أصوات الناس في الأزقة والخانات البغدادية. وله أيضاً فيلم "هذه الليلة، الأسبوع القادم" عن اندثار الصالات السينمائية في العراق. وفيلم "الطنجاوي" عن الروائي المغربي محمد شكري. كما أسّس زهراو سلسلة "دفاتر السينما العراقية"، وهو مشروع نقدي فني يسعى إلى حفظ الذاكرة السينمائية العراقية وأفلامها من الضياع.