سجلت أسعار العقارات التجارية والإدارية في المناطق القريبة من مواقع مقترحة لإنشاء العاصمة الادارية الجديدة لمصر زيادة جنونية خلال الأشهر الأخيرة، رغم عدم البدء الفعلي في تشييد العاصمة وتضارب التصريحات حول إمكانية تنفيذ المشروع، الذي ما يزال "مجرد تخطيط على الورق" وفق خبراء اقتصاد ومحللين في القطاع العقاري.
وقال عاملون في مجال التسويق العقاري إن نسبة ارتفاع تخطت 20% في بعض المناطق منذ مارس/آذار الماضي، حينما تم الإعلان عن إنشاء العاصمة الجديدة في مؤتمر اقتصادي في شرم الشيخ شمال شرق البلاد.
وتقترح الحكومة المصرية، أن يكون موقع العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، في نقطة تتوسط الطريق بين القاهرة ومنطقة قناة السويس، ما جعل كل المناطق العمرانية المحيطة بالموقع المقترح في مرمى اشتعال أسعار العقارات بمختلف أنواعها، لاسيما التجارية والإدارية.
ومن المقرر أن تحتوي العاصمة الإدارية الجديدة على منطقة معارض على نطاق واسع، ومنشآت إدارية، ومنطقة سكنية، بالإضافة إلى خط قطار سريع يربط المدينة الجديدة بالقاهرة وفقاً لوزير الإسكان المصري، مصطفى مدبولي، فيما تبلغ مساحتها 700 كيلومتر مربع وتصل تكلفتها إلى 90 مليار دولار، ويستغرق إنجازها من 5 إلى 7 أعوام.
وقال محمد رشاد، رئيس القطاع التجاري في إحدى شركات العقارات الكبرى، إن أسعار العقارات بمحتلف أنواعها ارتفعت في مناطق التجمع الخامس والمستقبل وبدر والشروق، الواقعة على أطراف القاهرة.
وأضاف رشاد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحديث عن إنشاء عاصمة إدارية جديدة لمصر أشعل الأسعار في هذه المدن، لاسيما الوحدات التجارية والإدارية، رغم عدم البدء في مشروع العاصمة.
وتابع "رغم أن المناطق القريبة من الموقع المقترح للعاصمة الإدارية الجديدة تتميز بالأساس بتخطيط وبنية أساسية، إلا أن الزيادة المسجلة في الأسعار غير مبررة، لعدم جدية تنفيذ العاصمة الجديدة حتى الآن".
ويشهد مشروع العاصمة الجديدة خلافات بين الحكومة المصرية ومستثمرين إماراتيين عرضوا تنفيذ المشروع، ما جعله عرضة للتجميد.
وقال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال لقاء مع ضباط بالجيش يوم الأحد الماضي، إن عدم توفر موعد وتصور نهائي للعاصمة الإدارية يعطل الإعلان عن إطلاقها.
وبحسب رشاد، فإن سعر المتر في الوحدات التجارية في بعض مناطق التجمع الخامس وصل إلى 50 ألف جنيه (6400 ألف دولار)، بزيادة قدرها 3 آلاف جنيه (383.1 دولاراً) بنسبة 6.4%، مقارنة بمطلع العام الجاري، بينما قفز في الوحدات الإدارية إلى 20 ألف جنيه (2550 ألف دولار)، مقابل 17 ألف جنيه (2171 دولار)، بزيادة 21%، وذلك لندرة الوحدات المعروضة للبيع.
اقرأ أيضاً: خلافات جديدة تهدد بإلغاء العاصمة الإدارية الجديدة لمصر
وأكد أن قطاع مواد الغذاء والمشروبات، يأتي على رأس القطاعات التجارية الأكثر نشاطاً في منطقة القاهرة الجديدة، خاصة مع تزايد الإقبال على الوحدات السكنية فيها خلال الآونة الأخيرة.
وأشار إلى أن سعر المتر في الوحدات التجارية في مدينة الشروق والمستقبل ارتفع أيضاً إلى نحو 17 ألف جنيه ( 2171 دولار)، مقابل 19 ألف جنيه، بزيادة بلغت نسبتها 11.7%، و10 آلاف جنيه للمتر في المقرات الإدارية (1277 دولار)، مقابل 8 آلاف جنيه، بزيادة 25% مقارنة بمطلع العام.
ورغم أن مدينة بدر على أطراف القاهرة تعد منطقة صناعية في المقام الأول وكانت الأقل سعراً بين المدن العمرانية الجديدة على مدار السنوات الماضية لقلة الإقبال عليها، إلا أن ارتفاع الأسعار كان بنسبة أكبر تخطت 40% في بعض المناطق، وفق عاملين في القطاع العقاري، لانتشار التكهنات بأن العاصمة الإدارية الجديدة ستكون امتداداً لها.
وأرجع المثمن العقاري، إبراهيم عوض، لـ"العربي الجديد"، الزيادة الكبيرة في أسعار الوحدات العقارية المختلفة بالمدن الجديدة، إلى انتشار السماسرة والوسطاء الذين يرفعون الأسعار بدون أي مبرر، ويخلقون أحياناً طلبات وهمية على الشراء لتحفيز الغير.
وأوضح " نعم هناك طلب على العقارات، رغم الأحداث السياسية والأمنية التي تشهدها مصر، لأن المصريين ينظرون إلى العقار كملاذ آمن لاستثمار أموالهم والحفاظ عليها من التآكل بفعل تضخم أسعار السمتهلكين، لكن الزيادة في الأسعار غير مبررة.. الأسعار ارتفعت بشكل كبير جداً هذا العام".
وطالب عوض بتدخل حكومي لمواجهة الارتفاع الكبير فى الأسعار، من طرح أراضٍ للأفراد لإنشاء المزيد من العقارات في المدن الجديدة.
لكن الخبير الاقتصادي، أحمد إبراهيم، رأى أن الحكومة هي من تسببت بالأساس في ما وصفه بالارتفاع الجنوني للأسعار، موضحاً أن "الحديث العشوائي عن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة وعدم وضع خطط واضحة لمساره ومكانه بشكل، جعل سوق العقارات يتحرك في فلك واسع من التكهنات ودفع الأسعار للانفلات بفعل مضاربات السماسرة والتجار والكثير أيضاً من المطورين العقاريين".
وأضاف إبراهيم، في تصريح خاص، "الحكومة أيضاً طرحت في الفترة الأخيرة العديد من الأراضي بأسعار مبالغ فيها، ما قاد السوق العقاري إلى الارتفاع بشكل عام، حيث تحولت من مجرد ضابط للسوق إلى تاجر لا يهمه سوى جمع أكبر حصيلة من الأموال".
وتابع "هناك مضاربات بشكل كبير في سوق الوحدات العقارية التجارية والإدارية، ومن المفترض أن تتراجع الأسعار أو تظل عند مستويات الأعوام الماضية، لأن هناك تباطؤاً اقتصادياً في مصر، ما يجعل الإقبال على العقارات الإدارية والتجارية ضعيفاً وهذا حدث خلال الأزمة المالية العالمية التي انعكست على مصر في 2008 و2009 وتبعها، ثورة يناير/كانون الثاني 2011 وما لحقها من اضطرابات سياسية وأمنية، ما أثر أيضاً على النشاط الاقتصادي".
لكن طارق شكري، نائب رئيس شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، قال إن عدداً كبيراً من المواطنين تكالب على شراء وحدات عقارية في المدن الجديدة القريبة من العاصمة الإدارية، سواء وحدات إدارية أو تجارية أو سكنية، بغرض الإشغال الفعلي أو انتظاراً لربح متوقع مستقبلاً.
وأشار إلى أن السماسرة هم من أشعلوا الأسعار، وضاربوا عليها بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية، حتى وصل سعر المتر في شارع التسعين أحد أشهر شوارع التجمع الخامس إلى 50 ألف جنيه للمقرات التجارية، بعد أن كان سعره لا يتعدى 15 ألف جنيه منذ عامين، بزيادة تصل إلى 233%.
اقرأ أيضاً:
عن أزمة المشروعات الكبري
مصر تعترف بأزمة العاصمة الإدارية الجديدة