الأزمات المعيشية وحدها يمكن أن تلخص حال العاصمة اليمنية صنعاء، في ظل ندرة غاز الطهي واختفاء الوقود وقلة المعروض من المواد الغذائية والانقطاع المستمر للكهرباء، والذي يصل إلى 15 ساعة.
ولليوم الخامس على التوالي، يشنُّ طيران "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية غاراته على مواقع عسكرية يُسيطر عليها الحوثيون، غالبيتها في صنعاء، فيما تشهد المدينة حركة نزوح محدودة لسكان يقطنون قرب المطار والمعسكرات وتمركزات الحوثيين، خشية تجدد القصف الجوي.
وتشهد محلات المواد الغذائية في صنعاء ازدحاما شديدا، حيث يتسابق السكان للتزود بالمواد الأساسية مثل القمح والزيت والدقيق والسكر، وسط حالة هلع ومخاوف من نفاد الغذاء المعروض في الأسواق.
وتعطلت حركة النقل الجوي في مطار صنعاء الدولي والحركة داخل شوارع المدينة، التي باتت شبه خالية، باستثناء طوابير طويلة للسيارات أمام محطات الوقود.
ومنذ اليوم الثاني لعمليات القصف العشري، بدأ سكان صنعاء في التأقلم مع عمليات القصف التي تبدأ يوميا مع حلول الظلام عند السابعة مساء، حيث تخلو الشوارع تماما من المارة والسيارات ويلتزم الناس منازلهم.
يقول زايد سلطان، موظف حكومي: "مع بدء القصف نهرب من الغرف المطلة على الشارع. بعض الأسر تلجأ إلى البدرومات (غرف تحت الأرض أسفل المباني السكنية)، إذ لا يوجد في صنعاء ملاجئ، ولم تشهد المدينة من قبل مثل هذا القصف العنيف الذي يهز المنازل".
وتحيط الجبال بصنعاء من ثلاث جهات، وقد استخدم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح هذه الجبال كمعسكرات ومخازن للسلاح والصواريخ الباليستية، وعند قصف هذه الجبال تهتز منازل صنعاء، خاصة القريبة من المواقع المستهدفة.
ويتوقف القصف عند العاشرة مساء، وتعود الغارات مع ساعات الفجر حيث تشهد المدينة قصفا عنيفا ومرعبا، وخلال الساعات بين الغارات أول الليل وغارات الفجر، فإن المدينة تغرق في الظلام وسكانها لا يعرفون النوم في انتظار غارات الفجر.
ومنذ مطلع الأسبوع الجاري، تبدو الوزارات والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة شبه خالية من الموظفين. وقال ماجد حسن، موظف في وزارة الصناعة، لـ "العربي الجديد": لا نستطيع النوم خلال الليل وقررت الذهاب إلى العمل عند استيقاظي في العاشرة صباحا ووجدت الوزارة شبه خالية. هناك عدد قليل من الموظفين وهم يتجمعون للحديث عن الوضع وكيف يعيشون في ظل الحرب. لا أحد يعمل".
وعلى غير العادة، بدأ القصف يوم أمس الإثنين، منذ العاشرة صباحا، فغادر الموظفون أعمالهم واختفت الحركة من الشوارع بشكل كامل.
وتقول مريم أحمد، موظفة في شركة خاصة، لـ "العربي الجديد": نظرا لتوقف الأعمال اضطرت إدارة الشركة إلى تخفيض المرتبات للنصف، ومنذ شهرين نستلم نصف راتب فقط، ومع بدء القصف منذ الخميس انقطع الموظفون".
مأساة إنسانية في عدن ولحج
وتعيش مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، مأساة إنسانية وأزمة غذاء مع اندلاع حرب شوارع بين المواطنين والقوات التابعة لجماعة الحوثي وصالح.
وقالت أريكا أحمد، موظفة، لـ "العربي الجديد": المحلات التجارية مغلقة بما فيها محلات المواد الغذائية فضلا عن المطاعم، وهناك اشتباكات على مدار الساعة وعمليات سلب ونهب كثيرة حدثت في الأيام الماضية".
اقرأ أيضا:
اليمن: الحوثيون يعصفون بالاستثمارات الخليجية
وناشد سكان مدينة الحوطة (40 كم شمال عدن)، المنظمات الإغاثية واللجان الشعبية إلى سرعة فك الحصار عليهم المفروض من القوات الخاصة ومسلحي الحوثي المتمركزين على مداخل المدينة. ويعيش ساكنو مدينة الحوطة بلا ماء أو كهرباء لليوم الثالث على التوالي.
انهيار الاقتصاد اليمني
وحذر أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء ووزير المالية السابق الدكتور سيف العسلي من كوارث اقتصادية ومجاعة وانهيار شامل، وقال العسلي لـ "العربي الجديد: "كان الاقتصاد اليمني يحتضر بعد سيطرة الحوثيين وسيؤدي القصف إلى وفاته، وكل الكوارث محتملة، ومن بينها موت الناس وتدمير البنية التحتية وانتشار الأمراض والجوع".
وأضاف "نعيش حصارا اقتصاديا وحظرا بحريا وجويا، ستتوقف المصانع وحركة النقل بين المدن وسترتفع أسعار المواد الغذائية مع توقف الواردات".
ويستورد اليمن 70% من الغذاء والعلاج ومشتقات النفط.
وعن تصريح وزارة الصناعة اليمنية بأن المخزون الغذائي يكفي لـ 6 أشهر، قال وزير المالية السابق: "هذا من باب تطمين الناس، سينفد الغذاء من الأسواق بفعل حالة الهلع، هذه الحرب مدمرة اقتصاديا لكل اليمنيين، ستنهار كل المؤسسات الاقتصادية، والناس سيصبحون جوعى وليس لديهم ما يأكلون".
وأشار العسلي، إلى أنه في حال استطاعت وزارة المالية توفير الرواتب للموظفين لن يستطيع الناس أن يعيشوا في ظل هذا الوضع، وستحدث مأساة إنسانية.
وكانت وزارة الصناعة والتجارة اليمنية، والتي تخضع لسيطرة جماعة الحوثيين، أكدت، الخميس الماضي، أن الوضع التمويني والغذائي في البلاد مستقر ومطمئن، مشيرة إلى أن المواد الغذائية الأساسية متوفرة في الأسواق المحلية بكميات تفي باحتياجات المواطنين.
وتوقع المحللون أن تؤدي حدة الصراع في اليمن إلى تفاقم المعاناة المعيشية والإنسانية لليمنيين، معتبرين أن أول ضحايا النزاع المسلح هو الاقتصاد اليمني الهش الذي يتجه سريعاً صوب الانهيار، ويعاني أزمة مالية وأزمة في الميزانية وارتفاعاً للديون.
ومنذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى في سبتمبر/أيلول الماضي شهدت البلاد انخفاضا كبيرا في حركة النشاط الاقتصادي، وتعثر كثير من المشروعات الاستثمارية، فضلا عن هروب العديد من الشركات والمؤسسات الأجنبية ورؤوس الأموال المحلية، نتيجة لقلق عام ينتاب المستثمرين جراء تدهور الوضع السياسي والأمني.
وكانت منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة في اليمن، قد حذرت في تقرير لها، في فبراير/شباط، من أن الوضع الاقتصادي في اليمن أصبح على حافة الانهيار، مشيرة إلى أن من هم تحت خط الفقر يصلون إلى 60% من عدد سكان البلاد البالغ 26 مليوناً.
اقرأ أيضا:
الاقتصاد وحملة إنقاذ اليمن
اليمن: شوارع خاوية وأسواق خارج الخدمة في عدن
ولليوم الخامس على التوالي، يشنُّ طيران "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية غاراته على مواقع عسكرية يُسيطر عليها الحوثيون، غالبيتها في صنعاء، فيما تشهد المدينة حركة نزوح محدودة لسكان يقطنون قرب المطار والمعسكرات وتمركزات الحوثيين، خشية تجدد القصف الجوي.
وتشهد محلات المواد الغذائية في صنعاء ازدحاما شديدا، حيث يتسابق السكان للتزود بالمواد الأساسية مثل القمح والزيت والدقيق والسكر، وسط حالة هلع ومخاوف من نفاد الغذاء المعروض في الأسواق.
وتعطلت حركة النقل الجوي في مطار صنعاء الدولي والحركة داخل شوارع المدينة، التي باتت شبه خالية، باستثناء طوابير طويلة للسيارات أمام محطات الوقود.
ومنذ اليوم الثاني لعمليات القصف العشري، بدأ سكان صنعاء في التأقلم مع عمليات القصف التي تبدأ يوميا مع حلول الظلام عند السابعة مساء، حيث تخلو الشوارع تماما من المارة والسيارات ويلتزم الناس منازلهم.
يقول زايد سلطان، موظف حكومي: "مع بدء القصف نهرب من الغرف المطلة على الشارع. بعض الأسر تلجأ إلى البدرومات (غرف تحت الأرض أسفل المباني السكنية)، إذ لا يوجد في صنعاء ملاجئ، ولم تشهد المدينة من قبل مثل هذا القصف العنيف الذي يهز المنازل".
وتحيط الجبال بصنعاء من ثلاث جهات، وقد استخدم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح هذه الجبال كمعسكرات ومخازن للسلاح والصواريخ الباليستية، وعند قصف هذه الجبال تهتز منازل صنعاء، خاصة القريبة من المواقع المستهدفة.
ويتوقف القصف عند العاشرة مساء، وتعود الغارات مع ساعات الفجر حيث تشهد المدينة قصفا عنيفا ومرعبا، وخلال الساعات بين الغارات أول الليل وغارات الفجر، فإن المدينة تغرق في الظلام وسكانها لا يعرفون النوم في انتظار غارات الفجر.
ومنذ مطلع الأسبوع الجاري، تبدو الوزارات والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة شبه خالية من الموظفين. وقال ماجد حسن، موظف في وزارة الصناعة، لـ "العربي الجديد": لا نستطيع النوم خلال الليل وقررت الذهاب إلى العمل عند استيقاظي في العاشرة صباحا ووجدت الوزارة شبه خالية. هناك عدد قليل من الموظفين وهم يتجمعون للحديث عن الوضع وكيف يعيشون في ظل الحرب. لا أحد يعمل".
وعلى غير العادة، بدأ القصف يوم أمس الإثنين، منذ العاشرة صباحا، فغادر الموظفون أعمالهم واختفت الحركة من الشوارع بشكل كامل.
وتقول مريم أحمد، موظفة في شركة خاصة، لـ "العربي الجديد": نظرا لتوقف الأعمال اضطرت إدارة الشركة إلى تخفيض المرتبات للنصف، ومنذ شهرين نستلم نصف راتب فقط، ومع بدء القصف منذ الخميس انقطع الموظفون".
مأساة إنسانية في عدن ولحج
وتعيش مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، مأساة إنسانية وأزمة غذاء مع اندلاع حرب شوارع بين المواطنين والقوات التابعة لجماعة الحوثي وصالح.
وقالت أريكا أحمد، موظفة، لـ "العربي الجديد": المحلات التجارية مغلقة بما فيها محلات المواد الغذائية فضلا عن المطاعم، وهناك اشتباكات على مدار الساعة وعمليات سلب ونهب كثيرة حدثت في الأيام الماضية".
اقرأ أيضا:
اليمن: الحوثيون يعصفون بالاستثمارات الخليجية
وناشد سكان مدينة الحوطة (40 كم شمال عدن)، المنظمات الإغاثية واللجان الشعبية إلى سرعة فك الحصار عليهم المفروض من القوات الخاصة ومسلحي الحوثي المتمركزين على مداخل المدينة. ويعيش ساكنو مدينة الحوطة بلا ماء أو كهرباء لليوم الثالث على التوالي.
انهيار الاقتصاد اليمني
وحذر أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء ووزير المالية السابق الدكتور سيف العسلي من كوارث اقتصادية ومجاعة وانهيار شامل، وقال العسلي لـ "العربي الجديد: "كان الاقتصاد اليمني يحتضر بعد سيطرة الحوثيين وسيؤدي القصف إلى وفاته، وكل الكوارث محتملة، ومن بينها موت الناس وتدمير البنية التحتية وانتشار الأمراض والجوع".
وأضاف "نعيش حصارا اقتصاديا وحظرا بحريا وجويا، ستتوقف المصانع وحركة النقل بين المدن وسترتفع أسعار المواد الغذائية مع توقف الواردات".
وعن تصريح وزارة الصناعة اليمنية بأن المخزون الغذائي يكفي لـ 6 أشهر، قال وزير المالية السابق: "هذا من باب تطمين الناس، سينفد الغذاء من الأسواق بفعل حالة الهلع، هذه الحرب مدمرة اقتصاديا لكل اليمنيين، ستنهار كل المؤسسات الاقتصادية، والناس سيصبحون جوعى وليس لديهم ما يأكلون".
وأشار العسلي، إلى أنه في حال استطاعت وزارة المالية توفير الرواتب للموظفين لن يستطيع الناس أن يعيشوا في ظل هذا الوضع، وستحدث مأساة إنسانية.
وكانت وزارة الصناعة والتجارة اليمنية، والتي تخضع لسيطرة جماعة الحوثيين، أكدت، الخميس الماضي، أن الوضع التمويني والغذائي في البلاد مستقر ومطمئن، مشيرة إلى أن المواد الغذائية الأساسية متوفرة في الأسواق المحلية بكميات تفي باحتياجات المواطنين.
وتوقع المحللون أن تؤدي حدة الصراع في اليمن إلى تفاقم المعاناة المعيشية والإنسانية لليمنيين، معتبرين أن أول ضحايا النزاع المسلح هو الاقتصاد اليمني الهش الذي يتجه سريعاً صوب الانهيار، ويعاني أزمة مالية وأزمة في الميزانية وارتفاعاً للديون.
ومنذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى في سبتمبر/أيلول الماضي شهدت البلاد انخفاضا كبيرا في حركة النشاط الاقتصادي، وتعثر كثير من المشروعات الاستثمارية، فضلا عن هروب العديد من الشركات والمؤسسات الأجنبية ورؤوس الأموال المحلية، نتيجة لقلق عام ينتاب المستثمرين جراء تدهور الوضع السياسي والأمني.
وكانت منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة في اليمن، قد حذرت في تقرير لها، في فبراير/شباط، من أن الوضع الاقتصادي في اليمن أصبح على حافة الانهيار، مشيرة إلى أن من هم تحت خط الفقر يصلون إلى 60% من عدد سكان البلاد البالغ 26 مليوناً.
اقرأ أيضا:
الاقتصاد وحملة إنقاذ اليمن
اليمن: شوارع خاوية وأسواق خارج الخدمة في عدن