وأشارت الفتوى المنشورة على الموقع الإلكتروني لدار الإفتاء المصرية، إلى أن "البنود الأربعة التي يقوم بها الصندوق داخلةٌ في مصارف الزكاة الشرعية"، وفصَّلت لجواز كل بند من البنود الأربعة، فأوضحت أن "توفير السكن من الأمور الأساسية المعتبرة في كفاية الفقراء والمساكين، ويدخل فيه ما ذُكر في البند الأول من الأبنية البديلة للعشوائيات، ورفع كفاءة القرى الفقيرة، وفرش المنازل الجديدة للفقراء".
ولفتت إلى أن "بناء دور الرعاية للأطفال المشردين الذين بلا مأوى وتجهيزها والصرف عليها داخلٌ كذلك في السكن الذي هو من أساسيات كفاية المحتاجين في الزكاة"، وكذلك الحال في تعليم هؤلاء الأطفال وتدريبهم وتأهيلهم؛ فالإنفاق على ذلك له مدخلان في مصارف الزكاة: أولهما مصرف الفقراء والمساكين؛ وثانيهما: مصرف (في سبيل الله)؛ والذي يدخل فيه الجهاد باللسان والسنان، ومن العلماء من جعل الصرف على طلبة العلم داخلًا أيضًا في مصرف الفقراء والمساكين".
وتابعت الفتوى أن "إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ بعمل مشروعات للشباب والمرأة المعيلة، داخل في مصارف الزكاة أيضًا؛ وذلك لأن العطاء في الزكاة مبني على أن يأخذ مستحقُّها منها ما يُخرِجه من حدّ الحاجة إلى حدّ الكفاية والاستغناء عن الناس".
وعن عمل برنامج لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، بما يشمل التدريب والتأهيل لفرص العمل المتاحة التي تتناسب مع احتياجات السوق وإمكانات المواطن، والكشف والعلاج لفيروس سي، قالت الفتوى إن ذلك داخل في مصارف الزكاة كذلك؛ لأن المحتاجين هم المستفيد مِن خدمات هذا الصندوق بمشروعاته المتكاملة".
ورغم تلك التفصيلات، لم تشر الفتوى من قريب ولا من بعيد إلى ضوابط الإنفاق، أو مراقبة الإنفاق والحاسبية والشفافية، والتي تغيب تماما عن "صندوق تحيا مصر"، حيث لا يخضع إلى جهة رقابية، سوى تبعيته للرئيس عبد الفتاح السيسي، فيما تتضارب أرقام التبرعات التي يحصل عليها الصندوق، بجانب الإملاء على بعض المموّلين، الذين غالبا ما يطمعون في مطالب أو مطامع سياسية من النظام، أو رجال أعمال عليهم قضايا فساد، يريدون كفّ الجهات الرقابية عنهم، علاوة على البذخ الذي يعم الصندوق من حيث مبناه الفخم، ورواتب العاملين به، وفق مراقبين.
يشار إلى أنه في 25 فبراير/شباط الماضي، كشف السيسي، ولأول مرة، أن الأموال التي تلقاها الصندوق بلغت 4.7 مليارات جنيه (600 مليون دولار). فيما يرى مراقبون أن حجم الأموال التي تم الإعلان عن تلقيها لصالح الصندوق منذ إنشائه تفوق بكثير الرقم الذي أعلن عنه السيسي.
ودشنت الرئاسة المصرية في يوليو/تموز 2014 صندوق "تحيا مصر" تفعيلا للمبادرة التي أعلنها السيسي بإنشاء صندوق لدعم الاقتصاد، وقال السيسي حينها إنه يستهدف جمع ما يصل إلى مائة مليار جنيه (12.7 مليار دولار).
واستجاب رجال أعمال ومواطنون لدعوة السيسي حينها للتبرع، كما قرر الجيش المصري في يونيو/حزيران الماضي التبرع بمليار جنيه للصندوق، إضافة إلى تبرع شركة أوراسكوم وعائلة ساويرس بنحو 3 مليارات جنيه.
وطالب السيسي المصريين بالتبرع للصندوق، في كلمة له في فبراير الماضي، قائلا: "لو كل يوم 10 ملايين من 90 مليون مواطن معاهم موبايل يصبّحوا على مصر بجنيه هانجمع 10 مليون جنيه في اليوم.. يعني 300 مليون في الشهر يعني 4 مليارات في السنة". ورغم تلك الحالة التي عبّر عنها السيسي من الفقر والعجز الاقتصادي في البلاد، لم تتوقف قراراته بزيادة رواتب العسكريين والقضاة والشرطة.
فتاوى دعم السيسي
يذكر أنه منذ 3 يوليو/تموز 2013، تسارعت المؤسسات الدينية في دعم توجهات نظام السيسي، فأفتى مستشار وزير الأوقاف، صبري عبادة، في رمضان 2015، بتخصيص زكاة أموالهم وصدقاتهم لصالح صندوق "تحيا مصر"، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2015، أجازت دار الإفتاء المصرية التبرع لصالح "صندوق تحيا مصر"، من الناحية الشرعية، وكذلك دفع أموال الزكاة والصدقات.
وقبيل الانتخابات البرلمانية الماضية، أفتى شيخ الأزهر أحمد الطيب، بتشبيه مُقاطِع الانتخابات البرلمانية في مصر، بـ"العاق لوالديه".
وانتعشت بورصة الفتاوى السياسية في مصر ووُجّهت بالأساس ضد معارضي النظام، للتغطية على السياسات الخاطئة وقمع الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالحرية، واستبقت الفتاوى القرارات السياسية في تناغم غير مسبوق.
ودأبت مشيخة الأزهر على الدفع بأعضائها للإشادة بالسيسي، ووصلت المبالغة في الثناء عليه إلى تشبيه السيسي بالأنبياء، وإصدار فتاوى تُجيز فقء عيون معارضيه، وفق فتوى أستاذ الشريعة في الأزهر، الدكتور عطية عبد الموجود، كما أفتى أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، بتجريم ترديد شعار "يسقط حكم العسكر".
وذهب أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، الدكتور سعد الدين الهلالي، إلى وصف السيسي ووزير الداخلية السابق، محمد إبراهيم، بأنهما "رسولان بعثهما الله لحماية الدين"، كما وصف وكيل وزارة الأوقاف، الشيخ سالم عبد الجليل، معارضي السيسي بأنهم "بغاة يجب قتلهم".
وحرّض المفتي السابق، علي جمعة، علناً، على قتل المعتصمين في ميدانَي رابعة والنهضة، قائلاً: "طوبى لمن قتلهم وقتلوه". ثم لاحقاً، قال جمعة، خلال برنامجه "والله أعلم"، على قناة "سي. بي. سي"، إنّ "الأمير الآن يمثّله الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويجب طاعته وعدم عصيانه"، مسترشداً بأحاديث نبوية.