09 أكتوبر 2024
"صبرا وشاتيلا".. دور إسرائيل
كان لإسرائيل دور رئيسي في "تيسير" ارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا، يمكن إعادة التذكير به من نواحٍ عدة، إحداها استحضار ما تم تقطيره من محاضر اجتماعات رسمية.
في أوائل 2013، سمح الأرشيف الرسمي لدولة الاحتلال بنشر مقاطع، حظرت الرقابة العسكرية نشرها من محاضر اجتماعات عقدتها الحكومة الإسرائيلية برئاسة مناحيم بيغن في فبراير/ شباط 1983، للتداول بشأن تقرير لـ"لجنة كاهان" (لجنة تحقيق تقصّت وقائع المجزرة)، صدر في ذلك الشهر. وأكثر ما يلفت النظر، تأكيد وزير الدفاع، أريئيل شارون، أنه لا يجوز قبول أجزاء من التقرير، أكّدت أن زعماء إسرائيل وقادة مؤسستها الأمنية تغاضوا عمدًا عن خطر ارتكاب المجزرة. وشدّد على أن هذا التأكيد يحمّل الجميع مسؤولية ارتكاب المجزرة، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة. وفي حال قبوله، ستكون الحكومة عرضةً لأن تُدان بارتكاب جريمة إبادة شعب، وتُطالَب بدفع تعويضات باهظة. وقدّم شارون شرحًا مفصلًا عمّا يقصده بمساهمة "المشتركين" في المجزرة، قائلًا: "معروف أننا من توجّه إليها (قوات الكتائب) كي تدخل (إلى المخيمَين)، وقدّمنا المساعدة، ووفرنا الإضاءة، وساعدنا في إجلاء الجرحى، وكنا موجودين في المكان. ومعروف أيضًا أننا كنا في المكان، والمنطقة المحيطة، كي نردع المقاومة. أفلم نعزل المنطقة، وقامت قوات تابعة لنا بالمرابطة في المكان، بينما رابطت قواتٌ أُخرى بالقرب منه، كي نضمن التنفيذ، وخشية أن تُمنى تلك القوات بالفشل، وتنشأ حاجة لتخليصها".
وقرأنا أقوالًا أدلى بها كبار قادة الجيش، وألقت الضوء على خلافاتٍ نشبت، في ذلك الوقت، بين جهاز الموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية، بسبب إرغام الأخيرة وحدها على "دفع الثمن" عقب المجزرة وإعفاء "الموساد".
وتكلّم رئيس شعبة الاستخبارات في ذلك الحين، الجنرال يهوشواع ساغي، الذي اضطر للاستقالة من منصبه، في اجتماع الحكومة، فأشار إلى أن توصيات لجنة التحقيق تلحق ظلمًا كبيرًا بمسؤولي الشعبة، خصوصًا أن تقديراتهم بخطورة السماح للكتائب بدخول المخيمين كانت صحيحة، بينما لم يلحق أي ضرر بالموساد، على الرغم من أنه المسؤول من الجانب الإسرائيلي عن العلاقات مع الكتائب، ولديه منظومةٌ خاصة للأبحاث والتقييمات.
وتطرّق شارون، في سياق كلامه، إلى مسؤولية جهاز الموساد عما حدث، فبدأ بتأكيد أن رئيس الجهاز، ناحوم أدموني، لا يتحمل أي مسؤولية شخصية عن المجزرة، نظرًا إلى أنه بدأ مزاولة منصبه قبل فترة وجيزة من وقوعها. لكنه أضاف: "لا نختبر هنا الأشخاص فحسب، وإنما أيضًا نختبر الأجهزة برمتها. فهل يعتقد أحدٌ أنه لدى معالجتنا الأوضاع في لبنان، أو خلال الزيارة التي قام بها رئيس هيئة أركان الجيش إلى مقر قيادة الكتائب، في 15 من ذلك الشهر (سبتمبر/ أيلول 1982) عند الساعة 3:30 فجرًا، لم يكن هناك مندوبٌ من المستويات الرفيعة جدًا للموساد، الذي يتعامل مع موضوع لبنان منذ أعوام طويلة؟". وختم شارون: "لا شك في أن الموساد كان ضالعًا في الموضوع (السماح للكتائب بدخول المخيمين)، ولا توجد لديّ أي ادّعاءات ضد الموساد، فهو لم يقدّر ما الذي يمكن أن يحدث، وأي منّا لم يقدّر أن هذا هو ما سيحدث".
مع ذلك، أكّدت لجنة التحقيق في تقريرها أن الموساد "لم يزوّد الحكومة بتحذيرٍ واضح فيما يتعلق بالخطر الكامن في السماح لقوات الكتائب بدخول المخيمين، ولم يُبد أي ملاحظةٍ إزاء هذا الأمر، خلال تقييمه الوضع أمام الحكومة". وأضافت أنه "في ضوء العلاقات الخاصة بين هذا الجهاز والكتائب، كان يتعيّن عليه أن يلفت إلى احتمال حدوث أعمال انتقامية من خلال تحليل كل العوامل المتعلقة بهذه العملية".
على الرغم من هذه الكشوف الدامغة، أشير، آنذاك، إلى أنها لا تلقي ضوءًا جديدًا على المجزرة، نظراً إلى أن فقراتٍ طويلةً ما زالت تخضع للرقابة، وخصوصًا شهادات ضباط الجيش، الأمر الذي يُبقي الشك بأن إسرائيل تواصل إخفاء ما يثبت تورّطها في المجزرة أكثر.
في أوائل 2013، سمح الأرشيف الرسمي لدولة الاحتلال بنشر مقاطع، حظرت الرقابة العسكرية نشرها من محاضر اجتماعات عقدتها الحكومة الإسرائيلية برئاسة مناحيم بيغن في فبراير/ شباط 1983، للتداول بشأن تقرير لـ"لجنة كاهان" (لجنة تحقيق تقصّت وقائع المجزرة)، صدر في ذلك الشهر. وأكثر ما يلفت النظر، تأكيد وزير الدفاع، أريئيل شارون، أنه لا يجوز قبول أجزاء من التقرير، أكّدت أن زعماء إسرائيل وقادة مؤسستها الأمنية تغاضوا عمدًا عن خطر ارتكاب المجزرة. وشدّد على أن هذا التأكيد يحمّل الجميع مسؤولية ارتكاب المجزرة، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة. وفي حال قبوله، ستكون الحكومة عرضةً لأن تُدان بارتكاب جريمة إبادة شعب، وتُطالَب بدفع تعويضات باهظة. وقدّم شارون شرحًا مفصلًا عمّا يقصده بمساهمة "المشتركين" في المجزرة، قائلًا: "معروف أننا من توجّه إليها (قوات الكتائب) كي تدخل (إلى المخيمَين)، وقدّمنا المساعدة، ووفرنا الإضاءة، وساعدنا في إجلاء الجرحى، وكنا موجودين في المكان. ومعروف أيضًا أننا كنا في المكان، والمنطقة المحيطة، كي نردع المقاومة. أفلم نعزل المنطقة، وقامت قوات تابعة لنا بالمرابطة في المكان، بينما رابطت قواتٌ أُخرى بالقرب منه، كي نضمن التنفيذ، وخشية أن تُمنى تلك القوات بالفشل، وتنشأ حاجة لتخليصها".
وقرأنا أقوالًا أدلى بها كبار قادة الجيش، وألقت الضوء على خلافاتٍ نشبت، في ذلك الوقت، بين جهاز الموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية، بسبب إرغام الأخيرة وحدها على "دفع الثمن" عقب المجزرة وإعفاء "الموساد".
وتكلّم رئيس شعبة الاستخبارات في ذلك الحين، الجنرال يهوشواع ساغي، الذي اضطر للاستقالة من منصبه، في اجتماع الحكومة، فأشار إلى أن توصيات لجنة التحقيق تلحق ظلمًا كبيرًا بمسؤولي الشعبة، خصوصًا أن تقديراتهم بخطورة السماح للكتائب بدخول المخيمين كانت صحيحة، بينما لم يلحق أي ضرر بالموساد، على الرغم من أنه المسؤول من الجانب الإسرائيلي عن العلاقات مع الكتائب، ولديه منظومةٌ خاصة للأبحاث والتقييمات.
وتطرّق شارون، في سياق كلامه، إلى مسؤولية جهاز الموساد عما حدث، فبدأ بتأكيد أن رئيس الجهاز، ناحوم أدموني، لا يتحمل أي مسؤولية شخصية عن المجزرة، نظرًا إلى أنه بدأ مزاولة منصبه قبل فترة وجيزة من وقوعها. لكنه أضاف: "لا نختبر هنا الأشخاص فحسب، وإنما أيضًا نختبر الأجهزة برمتها. فهل يعتقد أحدٌ أنه لدى معالجتنا الأوضاع في لبنان، أو خلال الزيارة التي قام بها رئيس هيئة أركان الجيش إلى مقر قيادة الكتائب، في 15 من ذلك الشهر (سبتمبر/ أيلول 1982) عند الساعة 3:30 فجرًا، لم يكن هناك مندوبٌ من المستويات الرفيعة جدًا للموساد، الذي يتعامل مع موضوع لبنان منذ أعوام طويلة؟". وختم شارون: "لا شك في أن الموساد كان ضالعًا في الموضوع (السماح للكتائب بدخول المخيمين)، ولا توجد لديّ أي ادّعاءات ضد الموساد، فهو لم يقدّر ما الذي يمكن أن يحدث، وأي منّا لم يقدّر أن هذا هو ما سيحدث".
مع ذلك، أكّدت لجنة التحقيق في تقريرها أن الموساد "لم يزوّد الحكومة بتحذيرٍ واضح فيما يتعلق بالخطر الكامن في السماح لقوات الكتائب بدخول المخيمين، ولم يُبد أي ملاحظةٍ إزاء هذا الأمر، خلال تقييمه الوضع أمام الحكومة". وأضافت أنه "في ضوء العلاقات الخاصة بين هذا الجهاز والكتائب، كان يتعيّن عليه أن يلفت إلى احتمال حدوث أعمال انتقامية من خلال تحليل كل العوامل المتعلقة بهذه العملية".
على الرغم من هذه الكشوف الدامغة، أشير، آنذاك، إلى أنها لا تلقي ضوءًا جديدًا على المجزرة، نظراً إلى أن فقراتٍ طويلةً ما زالت تخضع للرقابة، وخصوصًا شهادات ضباط الجيش، الأمر الذي يُبقي الشك بأن إسرائيل تواصل إخفاء ما يثبت تورّطها في المجزرة أكثر.