"شنطة" فقط لرمضان

03 يونيو 2016
موائد الرحمن طقس رمضاني قد يُحرم منه المصريون(العربي الجديد)
+ الخط -
على مدى العقود الماضية، كانت موائد الرحمن تعدّ طقساً رمضانياً في مصر، خصوصاً في القاهرة والمدن الكبرى. إلا أنّ الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمرّ فيها البلاد، والغلاء وغيرها من الأمور، قد تحرم المصريين منها. ويعرب بعضهم عن تخوفهم من تقليص عدد الموائد هذا العام، خصوصاً في القاهرة، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وعزوف عدد كبير من رجال الأعمال عن إعداد الموائد أو المشاركة فيها، بعد تراجع أعمالهم. وتجدر الإشارة إلى أن رجال الأعمال والجمعيات الخيرية اعتادوا تمويل وتنظيم هذه الموائد على مدى السنوات الماضية.

ويتوقّع الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة الأزهر حاتم القرنشاوي، أن تشهد مصر، ولأول مرّه في تاريخها، انخفاضاً كبيراً في عدد موائد الرحمن خلال شهر رمضان المقبل، علماً أنها كانت تملأ الشوارع والميادين، عازياً السبب إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد حالياً، والارتفاع الكبير في الأسعار. يضيف أن عدداً كبيراً من رجال الأعمال والفنانين والمقتدرين فضّلوا عدم إقامة موائد الرحمن والاكتفاء بـ "شنطة رمضان" فقط بسبب انخفاض كلفتها، علماً أنها توزع مرة واحدة على الفقراء والمحتاجين في المدن والقرى.

ويوضح قرنشاوي أن جميع المعطيات تشير إلى تراجع هذه العادة في شهر رمضان، والتي كانت تتميز بها شوارع مصر، متوقّعاً أن تقل نسبة الموائد بدرجة كبيرة في الأحياء والمناطق الراقية والمناطق الشعبية، بعدما كان الشارع الواحد يضم مائدتين أو أكثر، بسبب الظروف والأزمات المالية التي دفعت كثيرين من الأغنياء إلى استبدال موائد الرحمن بأخرى، على غرار إعطاء المال أو شنطة رمضان، والتي بدأت تزدهر خلال العامين الماضيين.

مع ذلك، يلفت إلى أن موائد الرحمن بصفة عامة تعد ضرورية بالنسبة لكثير من الناس، خصوصاً الفقراء الذين ينتظرونها كل عام، بالإضافة إلى "أبناء السبيل" الذين يعبرون من محافظة إلى أخرى أو مكان إلى آخر، وتجبرهم ظروف العمل وصعوبة المواصلات والازدحام على تناول وجبة الإفطار على إحدى الموائد الموجودة في الأحياء أو الطرقات الرئيسية.


في المقابل، يؤكد عضو جبهة علماء الأزهر يحيى إسماعيل أن أكثر من 80 في المائة من موائد الرحمن في مصر تنظمها جمعيات دينية في المساجد، لافتاً إلى أن هذه الجمعيات تحصل على الأموال من أهل الخير لإعداد الطعام في المساجد الكبرى أو الشوارع. يضيف أن معظم هؤلاء المتطوعين حالياً في السجن لأسباب مجهولة، فيما هرب عدد منهم إلى خارج البلاد، ما أدى إلى تضاؤل الاهتمام بتنظيم موائد الرحمن عاماً بعد عام.

ويرى أن هذا الأمر كان واضحاً خلال رمضان الماضي بسبب تراجع عدد المتبرعين، علماً أن موائد الرحمن تعتمد في تمويلها على التبرعات التي يقدمها رجال الأعمال والتجار. ويلفت إلى أن القاهرة وبعض المحافظات لطالما تميزت بموائد الرحمن. ويصف هذا التراجع اليوم بـ "الكارثة. خلال السنوات الماضية، كان عدد كبير من الفقراء الصائمين يحصلون على وجبة إفطار كاملة تقدم لهم من أهل الخير الذين كانوا يتسابقون في ما بينهم لإعداد هذه الموائد، سعياً لكسب الأجر والثواب". ويوضح أن هذه الموائد كانت تسد حاجة الكثيرين من الذين لا يستطيعون تأمين قوت يومهم، مشيراً إلى أن هناك الكثير من الأسر التي تعتمد اعتماداً كبيراً على وجبة إفطار رمضان.

وكان الباحث في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية حسين علي قد اتهم الحكومةَ المصرية بتحجيم "موائد الرحمن". وحمل وزارتي الداخلية والأوقاف وعدداً من المحافظات، على رأسها محافظة القاهرة، المسؤولية، لافتاً إلى أن حججها "واهية ولا أساس لها من الصحة".