تشي كل الإجراءات التي تعلنها الحكومة الفرنسية أو يعلن عنها الرئيس فرانسوا هولاند، هنا وهناك، بأن المواطن الفرنسي العادي عليه أن يشد الحزام أكثر فأكثر. وفي ظل هذه المناشدة المستمرة بـ "التضامن الوطني" تسقط المحرمات ويصبح كل موضوع قابلا للنقاش والتغيير.
ولم يعد الأمر حكرا على اليمين في سحق ما سمي بالمكتسبات التاريخية للطبقة العاملة، بل اليسار الحاكم هو الآخر لم يجد وسيلة غير مطالبة كل الفرنسيين بالتضامن، من أجل تجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ فرنسا.
وهكذا بدأت الدولة تتصدى بشكل صريح لقضية العمل في أيام الآحاد، إضافة إلى التفكير في تعامل "سلس" (في انتظار إلغائه!) مع قانون 35 ساعة.
وهكذا تتهاوى المكتسبات العمالية التي حققتها الطبقة العاملة الفرنسية في تاريخها الطويل والعنيف والدموي، في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية الطاحنة، التي تشير إلى ازدياد معدل البطالة وضعف القوة التنافسية للمنتجات الفرنسية، مقارنة مع العملاق الألماني وقوة اليورو مقارنة بالدولار، إضافة إلى تأخر النمو في الوصول.
والغريب أن تهاوي هذه المكتسبات يتم في ظلّ حكومة يسارية، اسميا، على الأقل، تعهد مرشحُها فرانسوا هولاند على نفسه في خطبة شهيرة (هي التي ساهمت في انتخابه، كما يرى أغلبية المراقبين السياسيين) أن يُقارع المال وأهل المال، وأن يُحسّن الظروف الاقتصادية للأغلبية، أي "للذين لا أسنان لهم"، كما يصفهم، على حد تعبير شريكته السابقة فاليري تريرفيلر في كتابها الشهير "شكرا لتلك اللحظات".
ولكن مقارعة المال وأهله تركت المكان لتصريحات وزيره الأول، الليبرالي، يعلن فيها "عشقه للمقاولات"، أمام أرباب العمل الفرنسيين، وتأكيده بلغة إنجليزية رديئة: "تأييد حكومته لِعالَم الأعمال"، أثناء زيارته الأخيرة للندن.
وإذا كان فرانسوا هولاند قد فرض، في بدايات حكمه، وانسجاما مع وعوده الانتخابية، ضريبة 75% على أصحاب الدخل العالي، وهو ما دفع بالكثيرين من أصحاب المال والفن والرياضة إلى الهروب بأموالهم إلى دول أكثر رحمة، كما فعل الفنان العملاق جيرارد ديبارديو وزين الدين زيدان وآخرون، فإن الوزير الأول مانويل فالس تعهد بإلغاء هذه الضريبة أمام الوزير الأول البريطاني الذي سبق له أن عرض اللجوء على كل الثروات الفرنسية المهددة في فرنسا.
وإذا كان بمستطاع أصحاب الثروات الفرنسية الكبرى أن يتنفسوا الصعداء، فإن على الطبقات الفقيرة أن تشد أحزمتها أكثر لأن سنين عجافا تنتظرها.
ومن هنا ينصب هجوم العديد من الوزراء الفرنسيين، ومن بينهم جان-ماري ليغوين، سكرتير الدولة للعلاقات مع البرلمان، على العاطلين عن العمل الذين يتلقون تعويضات و"الذين بإمكانهم انتظار ستة أشهر قبل معاودة البحث عن الشغل".
وتبدو هذه الهجمات الحكومية اليسارية على العاطلين عن العمل متناقضةً مع الرفض الصارم، من قبل اليسار حين كان مُعارِضاً، للهجمات الرهيبة التي طالت هذه الفئة الهشة من المجتمع في فترة نيكولا ساركوزي.
وفي حقيقة الأمر لا تختلف مواقف اليسار الحالي عن اليمين، من خلال الحديث عن مئات الآلاف من وظائف الشغل التي لا يريدها أحدٌ. اليمين يتحدث حينا عن 500 ألف وحينا آخر عن 250 ألفا، في حين أن وزير العمل الحالي تحدث عن 350 ألفا، وهي أرقام خيالية كذبتها الهيئات الرسمية المختصة.
ومن خلال مقارنة بسيطة وسريعة بين القوانين المعمول بها في الدول الأوروبية الأخرى، لا نكتشف اختلافات صارخة. فالدانمارك مثلا تمنح العاطل عن العمل تعويضا يصل إلى 90% من مرتبه السابق، في حين أن هولندا تتساوى مع فرنسا في رقم 75%.
ولم يعد الأمر حكرا على اليمين في سحق ما سمي بالمكتسبات التاريخية للطبقة العاملة، بل اليسار الحاكم هو الآخر لم يجد وسيلة غير مطالبة كل الفرنسيين بالتضامن، من أجل تجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ فرنسا.
وهكذا بدأت الدولة تتصدى بشكل صريح لقضية العمل في أيام الآحاد، إضافة إلى التفكير في تعامل "سلس" (في انتظار إلغائه!) مع قانون 35 ساعة.
وهكذا تتهاوى المكتسبات العمالية التي حققتها الطبقة العاملة الفرنسية في تاريخها الطويل والعنيف والدموي، في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية الطاحنة، التي تشير إلى ازدياد معدل البطالة وضعف القوة التنافسية للمنتجات الفرنسية، مقارنة مع العملاق الألماني وقوة اليورو مقارنة بالدولار، إضافة إلى تأخر النمو في الوصول.
والغريب أن تهاوي هذه المكتسبات يتم في ظلّ حكومة يسارية، اسميا، على الأقل، تعهد مرشحُها فرانسوا هولاند على نفسه في خطبة شهيرة (هي التي ساهمت في انتخابه، كما يرى أغلبية المراقبين السياسيين) أن يُقارع المال وأهل المال، وأن يُحسّن الظروف الاقتصادية للأغلبية، أي "للذين لا أسنان لهم"، كما يصفهم، على حد تعبير شريكته السابقة فاليري تريرفيلر في كتابها الشهير "شكرا لتلك اللحظات".
ولكن مقارعة المال وأهله تركت المكان لتصريحات وزيره الأول، الليبرالي، يعلن فيها "عشقه للمقاولات"، أمام أرباب العمل الفرنسيين، وتأكيده بلغة إنجليزية رديئة: "تأييد حكومته لِعالَم الأعمال"، أثناء زيارته الأخيرة للندن.
وإذا كان فرانسوا هولاند قد فرض، في بدايات حكمه، وانسجاما مع وعوده الانتخابية، ضريبة 75% على أصحاب الدخل العالي، وهو ما دفع بالكثيرين من أصحاب المال والفن والرياضة إلى الهروب بأموالهم إلى دول أكثر رحمة، كما فعل الفنان العملاق جيرارد ديبارديو وزين الدين زيدان وآخرون، فإن الوزير الأول مانويل فالس تعهد بإلغاء هذه الضريبة أمام الوزير الأول البريطاني الذي سبق له أن عرض اللجوء على كل الثروات الفرنسية المهددة في فرنسا.
وإذا كان بمستطاع أصحاب الثروات الفرنسية الكبرى أن يتنفسوا الصعداء، فإن على الطبقات الفقيرة أن تشد أحزمتها أكثر لأن سنين عجافا تنتظرها.
ومن هنا ينصب هجوم العديد من الوزراء الفرنسيين، ومن بينهم جان-ماري ليغوين، سكرتير الدولة للعلاقات مع البرلمان، على العاطلين عن العمل الذين يتلقون تعويضات و"الذين بإمكانهم انتظار ستة أشهر قبل معاودة البحث عن الشغل".
وتبدو هذه الهجمات الحكومية اليسارية على العاطلين عن العمل متناقضةً مع الرفض الصارم، من قبل اليسار حين كان مُعارِضاً، للهجمات الرهيبة التي طالت هذه الفئة الهشة من المجتمع في فترة نيكولا ساركوزي.
وفي حقيقة الأمر لا تختلف مواقف اليسار الحالي عن اليمين، من خلال الحديث عن مئات الآلاف من وظائف الشغل التي لا يريدها أحدٌ. اليمين يتحدث حينا عن 500 ألف وحينا آخر عن 250 ألفا، في حين أن وزير العمل الحالي تحدث عن 350 ألفا، وهي أرقام خيالية كذبتها الهيئات الرسمية المختصة.
ومن خلال مقارنة بسيطة وسريعة بين القوانين المعمول بها في الدول الأوروبية الأخرى، لا نكتشف اختلافات صارخة. فالدانمارك مثلا تمنح العاطل عن العمل تعويضا يصل إلى 90% من مرتبه السابق، في حين أن هولندا تتساوى مع فرنسا في رقم 75%.