اختارت "جمعيّة الثقافة العربيّة" في حيفا ما يُعرف بـ"السينما الاجتماعية" كمحور لأعمال الموسم الثاني من تظاهرة "سينما الانشراح" التي انطلقت في 11 من الشهر الجاري وتُختتم غداً. الأعمال المنتقاة تعود إلى خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي، ولعل في ذلك إشارة إلى خفوت إنتاج هذا النوع السينمائي وبقاء الأعمال القديمة أكثر جاذبية.
سيكون العرض الختامي بالفيلم المصري "ثرثرة فوق النيل" (1971) لـ حسين كمال، عن روايةٍ لنجيب محفوظ بالعنوان ذاته كانت قد صدرت سنة 1966. ينطلق العرض في الثامنة من مساء يوم غد الثلاثاء في الهواء الطلق في ساحة "المركز الثقافي العربي" بحيفا.
ضمن نفس التظاهرة، عُرض أيضاً: "باب الحديد" (1958) لـ يوسف شاهين (في 11 من الشهر الجاري)، و"المنسيون" (1950) للمخرج الإسباني لويس بونويل وقد عُرض الثلاثاء الماضي مع ترجمة بالعربية.
يعدّ فيلم "ثرثرة فوق النيل" أحد أنجح الأفلام التي اقتُبست من أدب نجيب محفوظ، ومن أسباب ذلك حيوية الشخصيات التي يقدّمها بمرجعيات متعدّدة ضمن المجتمع المصري حيث يجمعها لقاء يوميّ في عوامةٍ يتخذونها ملاذاً من عالمهم المتأزم، ويتحدّثون بشكل عفوي وهم يدخّنون الحشيش.
إذا كان صاحب "الحرافيش" قد اختار عوامة كفضاء لعمله يجتمع فيه مثقفون حول شخصية "مسطول"؛ من الموظف إلى الكاتب، مروراً بالطالبة والطبيب، فقد كان بذلك يُنشئ صورة مصغّرة للمجتمع المصري، ويُظهر مواقفها الهروبية مما يحدث حولها. الرواية التي صدرت قبل سنة من "هزيمة 67" بدت تنبّؤية حيث أظهرت أن البلد الذي خاض الحرب كان مهزوماً من الداخل، وهو ما وظّفه الفيلم ضمن موجة الإدانة التي رافقت بدايات حكم أنور السادات تجاه الفترة الناصرية.
على المستوى السينمائي الصرف، يُحسب لكمال حسن تطويعه للحبكة الروائية على مقاس مفردات الفن السابع، وهو الذي عرف بتحويله للكثير من الأعمال الأدبية إلى الشاشة ومنها: "إمبراطورية ميم" و"العذراء والشعر الأبيض" لإحسان عبد القدوس، و"الندّاهة" لـ يوسف إدريس"، و"قفص الحريم" لـ مجيد طوبيا.
من جانب آخر، صدر الشريط في ذروة مسيرة مخرجه بعد أعمال جماهيرية كبرى مثل "شيء من الخوف" و"أبي فوق الشجرة" و"نحن لا نزرع الشوك"، ناهيك عن حضور ممثلين في ألمع محطات مسيرتهم وقتها مثل عماد حمدي وسهير رمزي وميرفت أمين وأحمد رمزي وماجدة الخطيب وعادل أدهم.