"سيداو" والقضاء على العنف ضد النساء

16 سبتمبر 2017
لبنان تحفّظ على بند منح النساء جنسيتهنّ لأسرهنّ(فرانس برس)
+ الخط -

تبنت لجنة "سيداو" في الأمم المتحدة مطلع هذا الأسبوع توصية عامة رقمها 35 حول العنف القائم على النوع الاجتماعي. لمن لا يعرف "سيداو"، هي اتفاقية أو معاهدة دولية تدعى "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" أبرمت عام 1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.

تعدّ هذه الاتفاقية من أهم الاتفاقيات الدولية الخاصة بأوضاع النساء كونها تعتبر وثيقة حقوق دولية للنساء ومظلة تضم وترعى كافة الحقوق الإنسانية للنساء وتطالب الدول الأعضاء بتحقيقها. وبالرغم من ذلك، فإنه كان ينقصها مكوّن الاعتراف بالعنف ضد النساء والفتيات وبتفاقم أوضاع العنف عليهن في ظل النزاعات والحروب. من هنا، أصدرت لجنة "سيداو" عام 1992 توصية عامة رقم 19 في ما خص العنف ضد النساء والفتيات، لتقوم عام 2013 بإصدار توصية عامة أخرى رقم 30 في ما خص النزاعات والحروب وتأثيرها على النساء. ومؤخراً، صدرت التوصية العامة 36 والتي تعد خرقاً إضافياً في مجال القضاء على العنف ضد النساء والفتيات، كونها ركزت على مواضع أساسية أبرزها الاعتراف بعدم أحادية أسباب التمييز بل بتداخل الجندر مع عوامل أخرى مثل العوامل الإثنية والجنسية والعرق واللون والميول الجنسية والطبقة الاقتصادية وغيرها. كما سلّطت الضوء على العنف الهيكلي تجاه النساء، والتزامات الدول تجاه ردم الفجوة الجندرية.

يشير هذا المسار من التطور التاريخي وصولاً إلى الواقع الحالي إلى أن مسألة العنف ضد النساء والفتيات ليست مسألة جامدة أو محصورة بتاريخ وجغرافيا معينة. هي قضية عامة ودولية وباتت تأخذ اشكالاً وأبعاداً أخرى، ما يتطلب مرونة في مقاربة الموضوع وفكراً منفتحاً في التعاطي معه لا سيما مع التغيير في وجه النزاع والحروب عما كانت عليه في الخمسين سنة الماضية.

وبالعودة إلى لبنان، فإنه قد وقّع على الاتفاقية عام 1996 مما يعني أنه بات ملزماً بتطبيق بنودها وتقديم تقارير دورية للجنة "سيداو" عن التقدم المُحرز في ما خص أوضاع النساء كل أربع سنوات تقريباً. المشكلة في توقيع لبنان على الاتفاقية هي أنه تحفّظ على بندين منها. الأول له علاقة بحق النساء بمنح الجنسية لأسرهن في حال تزوجن من غير لبنانيين (في المادة 9)، والبند المتعلق بالأحوال الشخصية للنساء من حيث ضمان وصولهن للمساواة وللعدالة (المادة 16). ومنذ توقيع لبنان على الاتفاقية قدّم أربعة تقارير رسمية حول أوضاع النساء فيه. ولعكس الصورة بشكل حقيقي كما هي على أرض الواقع، قدّم المجتمع المدني النسوي تقارير ظلٍ في مقابل هذه التقارير لضمان وصول الواقع كما هو دون أي خلل.

إذاً، بالرغم من أهميتها، إلا أنه لا يزال لحكومات الدول الأعضاء القرار الكامل بتوقيع هذه الاتفاقية من عدمه، وبالتحفظ على بنود دون أخرى. ومن المفارقات، أن دولتين متخاصمتين سياسياً وأيديولوجياً كالولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية تتفقان على عدم التوقيع على الاتفاقية، ومثلهما ست دولٍ أخرى.

*ناشطة نسوية

المساهمون