"سونيك": الأزرق السريع وفيلمه

17 مارس 2020
خيّب الفيلم التوقّعات السلبية تجاهه (Imdb)
+ الخط -
لم تكن التوقّعات مبشِّرة أبداً بخصوص Sonic the Hedgehog، لجف فاولر، المقتبس عن لعبة الفيديو الشهيرة، التي لاقت رواجاً وشعبية كبيرة في تسعينيات القرن الماضي. من ناحية، لا تمتلك الأفلام المقتبسة عن ألعابٍ كهذه سمعة سينمائية جيدة، وتعاني غالباً من ارتباكات لا تُحصى مع الفئة التي تستهدفها. وهو ما أثبتته تجارب سابقة كثيرة، فشلت في تحويل الألعاب الإلكترونية إلى أفلام ناجحة فنياً.
السؤال المطروح: هل الغرض منها تقديم حكاية مستقلّة، أم اللعب على وتر النوستالجيا عند عشاق اللعبة؟

من ناحية أخرى، تعرّض هذا الفيلم تحديداً لدعاية سيئة، بعد إطلاق عرضه الدعائي الأول في العام الماضي، إثر اعتراض الجمهور على تصميم سونيك، إذْ إنّه لا يشبه أبداً الشخصية الكرتونية التي لعبوا بها في طفولتهم. إذ انطلقت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تسخر من الشخصية الجديدة، وتعتبرها منفصلة كلياً عن الشخصية التي أحبوها. كل ذلك دفع شركة "بارامونت" إلى قرارٍ بدا مرتبكاً: تأجيل العرض 3 أشهر، من نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 إلى فبراير/ شباط 2020، والبدء مجدّداً بمرحلة المؤثرات البصرية، وإعادة تصميم سونيك كما يحبّه جمهوره.
مع عرض الفيلم، حدثت المفاجأة: هذا عمل جيد فعلاً. إنّه أفضل نسخة يمكن توقّعها من فيلم أطفال مُقتبس عن لعبة فيديو، من دون رؤية مرتبكة، وباستفادة كاملة من المعطيات المتاحة كلّها.

بداية، ذكيٌ جداً أنّ الفيلم لا ينغمر في تفاصيل اللعبة وعالمها بشكل يمنع الجيل الجديد من التواصل معه. إنّه، في النهاية، "عمل مستقل"، يبني تفاصيله منذ اللحظة الأولى، مع انطلاقه من مُطاردة متحرّكة تضع الجميع في قلب الحدث، يبدأ بعدها استخدام سونيك كصوت راو يُخبِر ـ بإيقاعٍ سريعٍ، ومن دون استطرادات لا تخدم الحبكة الأساسية ـ مَن هو، ومِن أين أتى؟ وبعض قدراته الخارقة. هكذا يستمرّ الفيلم، غير المبالِغ أبداً في المعلومات أو الإمكانيات التي تغازل محبّي اللعبة، كما أنّه يعتني فقط بتحرّك القصّة إلى الأمام، تلك التي تروي تكليف الحكومة الأميركية الدكتور روبوتنيك (جيم كاري)، بمطاردة سونيك (بن شفارتز)، بعد حدوث ظاهرة خارقة مثيرة للشك. في الوقت نفسه، يستعين سونيك بالشرطي واتشوفسكي (جايمس مارسدن)، لمساعدته في استعادة "خواتمه" القادرة على إعادته إلى عالمه.

أفضل ما في الفيلم استغلاله كلّ عنصر مُتاح للمحافظة على الكوميديا والمغامرة اللتين تتحكّمان به. شخصية سونيك هي الأبرز، بتصميمها الجديد، وبأداء صوتي ممتاز لشفارتز. هناك أيضاً كيفية تغيّر فصول الفيلم وعوالمه بسلاسة، من البداية اللاهثة إلى العالم الفانتازي، وإلى فترة تعرّف سونيك على كوكب الأرض، وصولاً إلى رحلة الطريق مع واتشوفسكي، ومطاردة روبوتنيك لهما. تغييرات الفصول وروح العمل تجعل المُشاهد مستمتعاً طول الوقت، من دون ملل.
الأمر الثالث: وضع الممثل الكبير جيم كاري في دور وقصة وأجواء تستخدم إمكانياته الكوميدية القديمة والاستثنائية للمرّة الأولى منذ زمن بعيد. ففي التسعينيات الفائتة، برع كيري في الكوميديا الحركية، المعتمدة على جسده ومبالغات وجهه، في أفلام كـThe Mask لتشاك راسل (1994)، وسلسلتي "آيس فانتورا" وغيرها. مع الوقت، لم يعد يُقبل هذا النوع من الكوميديا بشكلٍ كبير في السينما الأميركية، فجاء "سونيك" بعد 20 عاماً على الأقل من آخر عمل كوميدي مُقدَّر لكيري، بأجواء كارتونية وشخصية هستيرية، تجعلان أداءه مثالياً. كما أنّ كيري يمنح الفيلم حضوراً طاغياً على الشاشة، مُثيراً ضحكاً لا يتوقّف في كلّ ظهور له، ويجعل سونيك نموذجاً لما يجب أن يكون عليه فيلم بسيط، من هذا النوع، موجّه إلى الأطفال.
دلالات
المساهمون