وانطلق الطيار السويسري، اندريه بوشبيرغ، بالطائرة عند الساعة 7.12 (4.12 تغ) من مطار البطين في أبو ظبي واتجه بها نحو مسقط بعد تأخير لمدة 42 دقيقة بسبب انطلاق إنذار في اللحظة الأخيرة يتعلق بناقل كهربائي.
وارتفعت الطائرة عن المدرج ببطء بالتزامن مع شروق الشمس، واتجهت شرقاً إلى سلطنة عمان، فيما ظهر طيفها بين المباني الحديثة وبالقرب من مآذن وقبب جامع الشيخ زايد.
وبعيد انطلاق الطائرة، قال الطيار السويسري، اندريه بيكار، الذي أطلق قبل 12 سنة فكرة بناء هذه الطائرة، من أرض المطار "لقد بدأت المغامرة"، وقد بدا متأثراً.
وبدا بيكار وبورشبيرغ واثقين ومتحمسين قبل الإقلاع، وقد رافقتهما زوجتاهما في اللحظات الأخيرة.
ويفترض أن يتوجه بيكار فوراً إلى مسقط، حيث يستلم الطائرة من بورشبيرغ ويقودها، صباح الثلاثاء، إلى محطتها التالية في أحمد آباد في الهند.
وتستغرق الرحلة بين مسقط وأحمد آباد 18 ساعة، وهي أطول رحلة تجتازها الطائرة حتى الآن.
ويتناوب الطياران خلال المراحل الـ12 للرحلة التي تستمر خمسة أشهر، على قيادة الطائرة التي تتسع لشخص واحد ويبلغ وزنها وزن سيارة بالرغم من كون أجنحتها أطول من أجنحة طائرة بوينغ 747.
وستجتاز الطائرة في رحلتها حول العالم مسافة 35 ألف كيلومتر خلال خمسة أشهر، أما أيام
التحليق الفعلي المتوقعة فهي 25 يوماً. وستحلق على ارتفاع 8500 متر كحد أقصى.
كما يبلغ متوسط سرعة الطائرة حوالي مئة كيلومتر في الساعة فقط.
وبعد أحمد آباد، تتوجه الطائرة إلى مدينة وفاراناسي الهندية، ثم تحط في ماندالاي في بورما ثم في شنونغ كينغ ونان جينغ في الصين.
وبعد الصين، تتجه الطائرة عبر المحيط الهادئ إلى هاواي ومن ثم إلى ثلاثة مواقع في الولايات المتحدة، بما في ذلك مدينتي فينكس ونيويورك، حيث ستكون لها وقفة رمزية في مطار "جي أف كي".
بعد ذلك تعبر الطائرة المحيط الأطلسي في رحلة تاريخية أخرى قبل أن تتوقف في جنوب أوروبا أو شمال أفريقيا بحسب المعطيات المناخية، ثم تعود الى أبوظبي.
ولطالما شدد الطياران على أن "التحدي البشري" هو الأصعب في الوقت الراهن، وليس التحدي التقني، لأن الطائرة قادرة نظريّاً على التحليق من دون توقف، بينما الإنسان لا يستطيع ذلك.
وستكون أطول الرحلات فوق المحيطين الهادئ والأطلسي، وكذلك المرحلة الأخيرة إلى أبوظبي، وسيتعين على الطيارين اختبار حدود قدرة الإنسان على العيش في مساحة صغيرة نسبيّاً لفترة
طويلة.
وتستغرق المرحلة الأطول من الرحلة بين الصين وهاواي حوالي خمسة أيام.
وتطلب الاستعداد للرحلة الكثير من التمارين الجسدية لمحاكاة طبيعة تفاعل الإنسان مع البقاء في الطائرة ضمن مقصورة صغيرة لعدة أيام.
وتابع بوشبيرغ على سبيل المثال تدريباً باليوغا، كما تدرب بيكار على التنويم المغناطيسي الذاتي الذي يتيح له الدخول في سبات قصير مع شعور بأنه نام لعدة ساعات.
وفي حال تعرض الطائرة لأي مشكلة، خلال نوم الطيار، يمكن للطاقم الأرضي أن يوقظه.
وقال بيكار "يجب أن نجعل مقصورة الطيران مثل منزل لنا، فنستخدم الحمام ونغسل أنفسنا بالمناديل الرطبة، ونأكل ونشرب ونرجع إلى مقعدنا ونستريح ونستعين بالطيار الأوتوماتيكي، لكن علينا أن نبقى مسيطرين على الطائرة".
وسيكون الطيار على اتصال دائم بمركز التحكم في الرحلة في موناكو.
وسيسافر طاقم من 65 شخصاً آخرين في طائرة عادية من محطة الى أخرى بشكل مواز لرحلة الطائرة الشمسية، فيما يبقى 65 في مركز التحكم في موناكو حيث
يتمركز خبراء الطقس والمهندسون الذين سيجرون تجارب المحاكاة على المسارات ويساعدون الطيار عندما يكون في الجو.
ويؤكد الرائدان السويسريان، بيرتران بيكار واندريه بورشبيرغ، أن مشروعهما "إنساني" وهما يريدان "تغيير العالم" عبر إثبات قدرة البشرية على توفير نصف استهلاك الطاقة والحصول على النصف الثاني من مصادر نظيفة بواسطة تقنيات متوافرة حاليّاً.
ويعكس المشروع صداقة الرجلين وطموحهما ليذكرهما التاريخ بين الرواد والمستكشفين التاريخيين.
فبيكار أطلق الرؤية وبورشبيرغ المهندس نفذ الطائرة، ومعاً حصلا على دعم شركات كبرى قدمت لهما أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجال الخلايا الشمسية والعزل والاتصالات، فضلاً عن دعم حكومة أبوظبي وشركتها مصدر التي استضافت الإقلاع وستستضيف الهبوط.
ويفترض أن يحط بيكار في أبوظبي، بعد خمسة أشهر، في ختام المرحلة الأخيرة من الرحلة، لينجز بذلك حلمه الكبير بالدوران حول الأرض من دون استخدام قطرة وقود واحدة.
اقرأ أيضاً: سولار أمبلس: طائرة شمسية ستجول العالم دون قطرة وقود