"سور بغداد": تقطيع للأوصال وتجزئة للمجزأ

16 فبراير 2017
تطرح الحكومة الحاجة الأمنية كمبرر لإنشاء السور (Getty)
+ الخط -



لن يتمكن أبو علي الزوبعي بعد اليوم من الوصول إلى مزرعته، فسور بغداد الذي تعمل الحكومة على إقامته فصل المزرعة عن منزله، ليبقى المنزل داخل العاصمة والمزرعة خارجها، ولن يتبقى أمامه إلّا أحد الخيارين الصعبين؛ إمّا البقاء بالمنزل وترك العمل، وإمّا السكن في المزرعة داخل كوخها المهلهل وترك أطفاله بالمنزل.

هذه الحال لا يعاني منها أبو علي وحده، بل مئات المزارعين والمواطنين في أطراف بغداد، ومنها أبو غريب والرضوانية واليوسفية، التي سيطوقها السور، الذي تؤكد الجهات الأمنية عدم التراجع عنه كإجراء أمني أصيل.

وعلى الرغم من الاعتراضات الكبيرة على السور، تصرّ القوات الأمنية ومليشيات "الحشد الشعبي" على بنائه، وتؤكّد أنّه "سيحفظ أمن العاصمة من المتسللين".

وبحسب مصدر في قيادة عمليات بغداد، فإنّ "القيادة اقتربت من توقيع عقد إنشاء السور، وأنّها تدرس عروضا من عدّة شركات محلية ستتولّى مهمة بنائه".

وقال المصدر لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاتفاق مع إحدى الشركات سيكون في غضون الأيّام القليلة المقبلة، وإنّ القيادة حدّدت مهلة لا تزيد عن العام الواحد لإكماله".

من جهته، قال عضو لجنة الأمن البرلمانية، عدنان الأسدي، في تصريح صحافي إنّ "سور بغداد يهدف الى تحقيق الأمن والاستقرار داخل العاصمة، وسيسهم في الحفاظ على حياة المواطنين"، مؤكدا أنّ "قيادة عمليات بغداد طالبت رئيس الحكومة بدعمها ماديا للإسراع بتنفيذ السور".

وأشار الى أنّ "السور سيكون عبارة عن سياج أمني يحدّد دخول السيارات والأشخاص إلى العاصمة، وسيكون أيضا على شكل كتل كونكريتية وخنادق شقيّة وقنوات إرواء طبيعية، ويتحول في بعض المناطق الى سواتر ترابية وكاميرات حرارية وأبراج مراقبة بحسب الطبيعة الجغرافية للمناطق التي تقع ضمن مساره"، مؤكداً أنّ "لجنة الأمن أطلعت الأطراف السياسية المعترضة على السور، على أهمية إنشائه وما سيكون له من دور كبير في حفظ أمن العاصمة".

واتهم الأسدي المعترضين على السور بأنّهم "إمّا مشتركون مع "داعش" لتأجيج العمليات الإرهابية، وإما يعملون وفقاً لأجندات سياسية".

ولم يراع مخطط سور بغداد مناطق أطراف العاصمة، ولا مناطق أطراف المحافظات المجاورة لبغداد، إذ إنّه ووفقا لمخططه فسيقتطع أجزاء من العاصمة ويتركها خارجه كما في بلدة الطارمية وبعض مناطق أبو غريب والرضوانية واليوسفية، بينما سيقتطع أجزاء من المحافظات الأخرى ويضمها إلى بغداد، كما مع محافظتي ديالى وواسط.

وينتقد مسؤولون ونواب مخطط السور الأمني، مطالبين بإنشاء سور على حدود العراق بدلا من تقطيع أوصال العاصمة.

وقال النائب عن تحالف القوى، كامل الغريري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قرار إنشاء السور هو قرار خاطئ وغير صحيح، ولا يمكن القبول به"، مبيّناً أنّ "السور سيعزل الكثير من المزارع والبيوت وسيقطع أوصال الكثير من المناطق".

وأشار إلى أنّ "السور المجحف لا يراعي المواطنين وعملهم، ويتجاوز على أملاكهم، ويحول دون أدائهم أعمالهم"، داعياً رئيس الحكومة الى "إصدار قرار بمنع إنشاء السور والتوقف عنه".

ويشكو الكثير من المزارعين من إنشاء السور والذي سيتسبب بقطع أرزاقهم، ويحول دون إمكانية وصولهم إليها، ويقول المزارع أبو علي الزوبعي، وهو من أهالي أبو غريب لـ"العربي الجديد"، إنّ "السور سيتسبب بقطع رزقي ورزق أطفالي، إذ سيفصل بين منزلي ومزرعتي ليكون المنزل داخل بغداد والمزرعة خارجها".

وأضاف "أبحث عن عمل ثان، وقد عرضت ماشيتي للبيع لأنّها لن تستطيع الرعي في المزرعة مع وجود السور، كما أنّي لا أستطيع العيش والبقاء مع أطفالي في المنزل، كما لا أستطيع العيش داخل كوخ في المزرعة، ولن أستطيع التنقل بينهما".

يشار الى أنّ القوات الأمنية عجزت عن توفير الأمن في العاصمة بغداد، وخططت لإنشاء هذا السور في محيطها، ويحظى مشروع "سور بغداد" بدعم وتأييد من قبل مليشيات "الحشد الشعبي" التي ترى منه حصنا منيعا للعاصمة.