رمضان صعب جداً على الفقراء في مصر. من بين هؤلاء يبرز سكان المقابر الذين ينتظرون موائد الرحمن كي يتذوقوا اللحم والدجاج ويحصلون على بعض الخضار
ينتظر كثير من سكان المقابر في مصر شهر رمضان كي يأكلوا وجبة لا يحظون بها طوال العام، ولا يستطيعون الحصول عليها وطبخها. بذلك، يتردد الآلاف من سكان تلك المقابر على موائد الرحمن التي يعتبرونها ملجأهم الوحيد الذي يذوقون فيه اللحم والدجاج والخضار. وبينما يفضّل البعض التجول بين الموائد قبل أذان المغرب بوقت كاف هو وأسرته، وجمع ما يكفيه للإفطار لاحقاً داخل منازلهم، يفضل آخرون الجلوس إلى تلك الموائد.
يرى كثير من سكان المقابر أنّ رمضان هذا العام مختلف، فقد انخفض عدد موائد الرحمن في الشوارع والميادين. أما الموائد الموجودة فقدمت أقل بكثير من المعهود من اللحم والدجاج والخضار مقارنة بالأعوام السابقة. ويؤكدون أنّ سبب ذلك هو ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة الذي يضرب مصر في الوقت الحالي، وهو ما يؤثر في ما يقدم إليهم على الإفطار يومياً.
يتوزع سكان المقابر في القاهرة في مناطق "الإمام الشافعي" و"التونسي" و"البساتين" و"باب الوزير" و"باب النصر" و"الغفير" و"المجاورين". مساكن هؤلاء تشبه القبر لكن فوق الأرض، حيث يعيشون من دون أن يتذوقوا طعم الحياة الحقيقية. كلّ شيء في حياتهم يعبّر عن الموت الذي يحاصرهم ويحاصر أطفالهم.
يصل تعداد سكان مقابر القاهرة إلى أكثر من مليونين ونصف مليون مواطن، عدا عن سكان مقابر باقي المحافظات. يعيشون على الفتات وفي ظل انعدام الخدمات الأساسية. فلا وجود للمياه أو الحمامات أو الصرف الصحي. أما الكهرباء فتجري سرقتها من أعمدة النور وينقطع تيارها أكثر مما يحضر. تحيط بهم المخاطر دائماً من البلطجية واللصوص. أما منازلهم فبأسقف خشبية لا تقيهم أمطار الشتاء ولا شمس الصيف الحارقة. وأطفالهم مشردون لا يعرفون المدارس.
في جولة لـ"العربى الجديد" على بعض سكان المقابر، لمعرفة ظروفهم، خصوصاً في شهر رمضان، تبرز آراء مختلفة. يقول محمد كريم، وهو "تربي" (حفار قبور) في منطقة الإمام الشافعي: "نعيش بالكاد على مدار العام. رمضان فرصة كبيرة لنا كي نتجول أنا والأولاد بحثاً عن الموائد القريبة، خصوصاً في منطقة السيدة زينب. بذلك، نعدّ وجبة إفطار داخل غرفة مخصصة في إحدى المقابر، وأحياناً نبقي قسماً منها للسحور". يضيف: "ما في جيبي لا يكفي إفطاراً لجميع من في البيت. أسعار الخضار غالية.. ولا رقابة عليها، وحال البلد سيئة وتنحدر تدريجياً".
اقــرأ أيضاً
بدوره، يقول سعيد شكري، وهو من المنطقة نفسها: "للأسف لا أتحمل تأمين وجبة إفطار من جيبي لأولادي.. الأسعار اشتعلت.. والحمد لله على نعمة موائد الرحمن". يتابع أنّ "رمضان هو الشهر الوحيد المنقذ لنا من الحياة التي نعيشها". ويتساءل: "أين المساكن التي تعلن الدولة عنها؟ نريد أن نعيش.. حرام أن نعيش مثل هذه العيشة.. الفئران والثعالب والسحالي تشاركنا في الأكل الذي نأكله". ويقول: "نحن نعيش فوق الأرض لكن نتمنى الموت، وأحياناً نحسد الموتى حتى".
كذلك، يعتبر التربي أحمد إبراهيم، من منطقة باب الوزير، أنّ رمضان هذا العام مختلف، فقد تقلص عدد الموائد، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، كما قلت الكميات التي كانت تقدم للأهالي من الأكل، فتصل الآن إلى أقل من ربع دجاجة، وأقل من 100 غرام لحمة، ونصف رغيف خبز، وبعض الخضار. يقول: "كنا زمان نملأ الأطباق من الأكل، الآن الوضع اختلف". مع ذلك، يحمد الله على وجود رمضان، ففي خارج أيامه يأكلون من صناديق القمامة. يقول: "بالرغم من قلة موائد الرحمن لكن نتمنى السنة كلّها رمضان.. كي نجد أكلاً. من جهتي لا أذوق اللحمة إلّا في رمضان".
من جهتها، تقول الحاجة أمينة العيسوي (65 عاماً): "أعيش في المقابر منذ 35 عاماً أنا وأولادي الثلاثة. مصدر دخلي الوحيد هو 200 جنيه مصري (22.5 دولاراً أميركياً) راتب التضامن الاجتماعي. ابني الأكبر يعمل يوماً ولا يعمل عشرة. نعيش بصعوبة كبيرة. حتى المكان الذي نقيم فيه هو كرم أخلاق من أصحابه الذين يسمحون لنا بالبقاء ولا يأخذون منا مالاً. لا دورات مياه لدينا. أملي الوحيد أربعة حيطان يستروني".
تتابع: "في أول يوم من رمضان أعطاني أحد المارة نصف كلغ لحمة، طبخته مع بامية وأرز وبطاطس. أما في الأيام التالية فبتنا نتردد على موائد الرحمن للإفطار. لكنّ أزمتنا هي مع السحور، فالفول بجنيه واحد لا يكفي طفلاً. وبذلك، نحتاج إلى شراء فول بأكثر من خمسة جنيهات. أما الزبادي وباقي الحاجات التي قد يتسحر عليها الناس، فلا نعرفها على الإطلاق".
اقــرأ أيضاً
ينتظر كثير من سكان المقابر في مصر شهر رمضان كي يأكلوا وجبة لا يحظون بها طوال العام، ولا يستطيعون الحصول عليها وطبخها. بذلك، يتردد الآلاف من سكان تلك المقابر على موائد الرحمن التي يعتبرونها ملجأهم الوحيد الذي يذوقون فيه اللحم والدجاج والخضار. وبينما يفضّل البعض التجول بين الموائد قبل أذان المغرب بوقت كاف هو وأسرته، وجمع ما يكفيه للإفطار لاحقاً داخل منازلهم، يفضل آخرون الجلوس إلى تلك الموائد.
يرى كثير من سكان المقابر أنّ رمضان هذا العام مختلف، فقد انخفض عدد موائد الرحمن في الشوارع والميادين. أما الموائد الموجودة فقدمت أقل بكثير من المعهود من اللحم والدجاج والخضار مقارنة بالأعوام السابقة. ويؤكدون أنّ سبب ذلك هو ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة الذي يضرب مصر في الوقت الحالي، وهو ما يؤثر في ما يقدم إليهم على الإفطار يومياً.
يتوزع سكان المقابر في القاهرة في مناطق "الإمام الشافعي" و"التونسي" و"البساتين" و"باب الوزير" و"باب النصر" و"الغفير" و"المجاورين". مساكن هؤلاء تشبه القبر لكن فوق الأرض، حيث يعيشون من دون أن يتذوقوا طعم الحياة الحقيقية. كلّ شيء في حياتهم يعبّر عن الموت الذي يحاصرهم ويحاصر أطفالهم.
يصل تعداد سكان مقابر القاهرة إلى أكثر من مليونين ونصف مليون مواطن، عدا عن سكان مقابر باقي المحافظات. يعيشون على الفتات وفي ظل انعدام الخدمات الأساسية. فلا وجود للمياه أو الحمامات أو الصرف الصحي. أما الكهرباء فتجري سرقتها من أعمدة النور وينقطع تيارها أكثر مما يحضر. تحيط بهم المخاطر دائماً من البلطجية واللصوص. أما منازلهم فبأسقف خشبية لا تقيهم أمطار الشتاء ولا شمس الصيف الحارقة. وأطفالهم مشردون لا يعرفون المدارس.
في جولة لـ"العربى الجديد" على بعض سكان المقابر، لمعرفة ظروفهم، خصوصاً في شهر رمضان، تبرز آراء مختلفة. يقول محمد كريم، وهو "تربي" (حفار قبور) في منطقة الإمام الشافعي: "نعيش بالكاد على مدار العام. رمضان فرصة كبيرة لنا كي نتجول أنا والأولاد بحثاً عن الموائد القريبة، خصوصاً في منطقة السيدة زينب. بذلك، نعدّ وجبة إفطار داخل غرفة مخصصة في إحدى المقابر، وأحياناً نبقي قسماً منها للسحور". يضيف: "ما في جيبي لا يكفي إفطاراً لجميع من في البيت. أسعار الخضار غالية.. ولا رقابة عليها، وحال البلد سيئة وتنحدر تدريجياً".
بدوره، يقول سعيد شكري، وهو من المنطقة نفسها: "للأسف لا أتحمل تأمين وجبة إفطار من جيبي لأولادي.. الأسعار اشتعلت.. والحمد لله على نعمة موائد الرحمن". يتابع أنّ "رمضان هو الشهر الوحيد المنقذ لنا من الحياة التي نعيشها". ويتساءل: "أين المساكن التي تعلن الدولة عنها؟ نريد أن نعيش.. حرام أن نعيش مثل هذه العيشة.. الفئران والثعالب والسحالي تشاركنا في الأكل الذي نأكله". ويقول: "نحن نعيش فوق الأرض لكن نتمنى الموت، وأحياناً نحسد الموتى حتى".
كذلك، يعتبر التربي أحمد إبراهيم، من منطقة باب الوزير، أنّ رمضان هذا العام مختلف، فقد تقلص عدد الموائد، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، كما قلت الكميات التي كانت تقدم للأهالي من الأكل، فتصل الآن إلى أقل من ربع دجاجة، وأقل من 100 غرام لحمة، ونصف رغيف خبز، وبعض الخضار. يقول: "كنا زمان نملأ الأطباق من الأكل، الآن الوضع اختلف". مع ذلك، يحمد الله على وجود رمضان، ففي خارج أيامه يأكلون من صناديق القمامة. يقول: "بالرغم من قلة موائد الرحمن لكن نتمنى السنة كلّها رمضان.. كي نجد أكلاً. من جهتي لا أذوق اللحمة إلّا في رمضان".
من جهتها، تقول الحاجة أمينة العيسوي (65 عاماً): "أعيش في المقابر منذ 35 عاماً أنا وأولادي الثلاثة. مصدر دخلي الوحيد هو 200 جنيه مصري (22.5 دولاراً أميركياً) راتب التضامن الاجتماعي. ابني الأكبر يعمل يوماً ولا يعمل عشرة. نعيش بصعوبة كبيرة. حتى المكان الذي نقيم فيه هو كرم أخلاق من أصحابه الذين يسمحون لنا بالبقاء ولا يأخذون منا مالاً. لا دورات مياه لدينا. أملي الوحيد أربعة حيطان يستروني".
تتابع: "في أول يوم من رمضان أعطاني أحد المارة نصف كلغ لحمة، طبخته مع بامية وأرز وبطاطس. أما في الأيام التالية فبتنا نتردد على موائد الرحمن للإفطار. لكنّ أزمتنا هي مع السحور، فالفول بجنيه واحد لا يكفي طفلاً. وبذلك، نحتاج إلى شراء فول بأكثر من خمسة جنيهات. أما الزبادي وباقي الحاجات التي قد يتسحر عليها الناس، فلا نعرفها على الإطلاق".