"سبات شتويّ" يحصد الذهب ويزرع الإحباط خلفه

26 مايو 2014
مخرج فاجأ كثيرين وأحبطهم (Getty)
+ الخط -

شهدت الدورة 67 لمهرجان "كان" السينمائي حالات إحباط كثيرة بسبب التتويج غير المتوقع للفيلم التركي "سبات شتوي - Winter Sleep" للمخرج نوري بليجي جيلان، على رأس المشاركين، بنيله السفعة الذهبية. ومن بين هؤلاء المحبطين كزافيي دولان، وفيلمه "مومي "Mommy، الذي تَقاسَم مع جان لوك غودار، جائزة لجنة التحكيم عن فيلمه "وداعاً للغة".

ولم يُخفِ كثير من النقاد السينمائيين والمراقبين الإحباط الشديد نظراً لأنّ فيلم "مومي" للمخرج الكندي كان واثقاً من الفوز، وهو ما لاحظه الجميع من خلال تأثّر المخرج بالنتيجة. فقد جاء هذا الكندي الشاب، 25 سنة، بفيلمٍ صادم بالغ الحيوية، وينضح عذوبة ويقطُر عشقاً لِكلّ الأمهات اللواتي يُظهِرن رباطة جأش وإرادة.

العرب والمسلمون والأفارقة خسروا أيضاً مع إقصاء فيلم "تمبوكتو" للمخرح عبد الرحمن سيساكو، الذي يوجّه إدانة صريحة إلى جرائم المتطرّفين، ممن عاثوا فساداً ورعباً في مدينة تمبوكتو، المدينة المالية التاريخية والشهيرة. ولا مبرر مقنعاً لهذا الإقصاء سوى ما يمكن أن نقرأه من ابتعاد لجنة التحكيم عن موضوعات الساعة السياسية الحارقة.

لكنّ تركيا والسينما التركية كانا على موعد مع التاريخ في هذا المهرجان، من خلال خطف فيلم  "سبات شتوي" للمخرح التركي الكبير نوري بليجي جيلان، السعفة الذهبية. وهو فيلم مُؤلف لامع وطموح. وهذه هي المرّة الثانية التي تُكرَّم فيها السينما التركية بعد الإنجاز الذي حقّقه المخرجان يلمظ غوني، وشريف كورين، في فيلمها "الطريق" سنة 1982.

ولم يفت المخرج، وهو يحضن السعفة، أن يُهدي إنجازه الكبير والمفاجئ إلى شبيبة بلاده وكلّ من قضى منهم في الأحداث الأخيرة... وإذا كان هذا المهرجان هو احتفال بالجمال، وخصوصاً النسائي، فإنّ الممثلات المقتدرات كنّ كثيرات إلى درجة صعب فيها الحسمُ بين أفضلهن (جولييت بينوش وماريون كوتيارد وآن دورفال والأميركية جوليان مُور). لكن كان يلزم اجتياز التردّد ومنح الجائزة، فمُنِحَت لهذه الأخيرة عن دورها في فيلم "Maps to the stars". ولم تنتظر الممثلة ظهور النتائج فغادرت مهرجان "كان" والتحقت ببلادها. أما دورها في الفيلم، فهو شخصية ممثلة هوليوودية معتوهة تحلم بالعودة إلى تحقيق حلمها في دور حياتها الأكبر.

جائزة الرجال كانت من نصيب البريطاني تيموثي سبال، عن دوره في فيلم "Mr turnen". وكان فوزه فرصة للتأثر والدموع، وهو يقصّ على الحضور المشدوه والمنذهل قصته التي تعود إلى سنة 1996 حين فاز بالسعفة الذهبية، آنذاك، عن فيلمه "أسرار وأكاذيب". فلم يستطع الحضور لإصابته بسرطان الدم. وقال: "لديّ الجرأة في ألّا أموت... إني أشكرُ مهرجان "كان" ولجنة التحكيم وأشكر الله على أنّني لا أزال حيّا".

الجوائز الأخرى كانت على الشكل التالي: الجائزة الكبرى لفيلم (Meraviglie)  للإيطالية أَليس روهواتشر، وجائزة الإخراج للمخرج الأمريكي بينيت ميللر عن فيلم (Foxcatcher)، أما جائزة أفضل سيناريو فكانت من نصيب المخرج الروسي، أندريه زفيجانتزف.

ولأنّ مهرجان "كان" ينعقد في فرنسا، حيث بات لا غنى عنه في عالم السينما المتعدّدة، الباحثة عن فُرَصٍ لفرض نفسها وسط الاجتياح الهوليوودي، أصيبت السينما الفرنسية بالإحباط لأنّ الحصيلة الفرنسية (3 أفلام في المسابقة من أصل18  فيلماً متبارياً) كانت صِفْراً كبيراً، ما يعني، بلغة صريحة وغير دبلوماسية، أنّ "سياسة الاستثناء الثقافي الفرنسي"، العزيزة على قلب الساسة الفرنسيين ومثقفيهم، أُصيبتْ في مقتل.

 

المساهمون