"سؤال المهنية والأيديولوجيا في الصحافة": مقاربة سوسيولوجية

14 فبراير 2019
هنريك أوليسن/ الدنمارك
+ الخط -

منذ تأسيس أولى الصحف في أوروبا نهاية القرن السادس عشر، شكّلت منبراً للدفاع عن أفكار أصحابها السياسية والاجتماعية، وظلّ الجدل دائراً لقرون حول قدرة الصحافة على التخلّص من وظيفتها الدعائية، وانتفاء الحياد عن أية رسالة تصدر عن مؤسسة إعلامية.

في هذا السياق، صدر حديثاً كتاب "سؤال المهنية والأيديولوجيا في الصحافة: الحالة المغربية أنموذجاً" للصحافي والباحث المغربي محمد البقالي عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، والذي يسعى إلى الإجابة عن تساؤلات مثل: من هم الصحافيون المغاربة؟ ما السياق التنظيمي والمؤسسي لعملهم؟ ما القيم التي يدافعون عنها على المستويين المهني والذاتي ربطاً بالمتغيرات السوسيولوجية؟ وما الأبعاد الرئيسة المشكلة لهويتهم؟

يمثل الكتاب محاولة لفهم الواقع الصحافي في المغرب الذي مرّ بمراحل مختلفة، معتمداً في تناوله هذه الأسئلة أربع مقاربات سوسيولوجية: مقاربة الهوية، والمقاربة المؤسساتية، ومقاربة القيم المهنية، ومقاربة القيم الشخصية.

رغم أن الصحافة المغربية وُلدت في النصف الأول من القرن التاسع عشر في إطار التنافس الاستعماري بين فرنسا وإسبانيا بشكل خاص، إلا أن تطوّرها الحقيقي بدأ في ثلاثينيات القرن الماضي مع ظهور التيارات والقوى السياسية في المغرب وتقديمها لوجهات نظرها تجاه الأحداث والمستجدات.

يتناول الفصل الأول "سوسيولوجيا الإعلام: النشأة والتطوّر" آباء الإعلام ومؤسّسيه، والمجال البحثي لسوسيولوجيا الإعلام التي لا يمكن الحديث عنها بمعزل عن وسائل الإعلام الجماهيري؛ ويتطرّق الفصل الثاني "سوسيولوجيا الصحافيين: الفرع المتأخر لسوسيولوجيا الإعلام" إلى كون الصحافة آلية من آليات الصراع وأداة من أدوات الإخضاع، فلم يُنظَر إليها موضوعاً للبحث العلمي إلا متأخّراً.

في الفصل الثالث "الصحافيون في المغرب والتحوّلات الديموغرافية والمهنية"، يحاول البقالي الإجابة عن سؤال: من هو الصحافي المغربي؟ معتمداً على المعطيات الديموغرافية والمهنية، ويقارب الفصل الرابع "الصحافي داخل المؤسّسة: التنشئة والمراقبة الاجتماعيتين،" قِيم الصحافيين والرقابة.

يبحث الفصل الخامس "الصحافة في مواجهة قوّة الإغراء" في سوق الإعلانات، ويستكشف الفصل السادس "أخلاقيات المهنة: امتحان الصحافيين الصعب" الالتزام الهشّ بأخلاقيات مهنة الصحافة والرضا الوظيفي فيها، بينما يعرض الفصل السابع "القِيَم المهنية: تمثّلات مهنة الصحافة وممارستها" تمثّل الصحافي وظيفَته المجتمعية بين الحياد والانخراط.

في الفصل الثامن "انتماءات الصحافيين المغاربة الفكرية والسياسية" يبحث البقالي في الانتماء السياسي من منظور مسافة الأمان المهني بين الصحافي والسياسة، ويتناول الفصل التاسع "الدِّين والدولة: "تبيئة القِيَم" واستراتيجية التوفيق" سؤال العلاقة بين الدِّين والدولة الذي يثير قلقاً فكرياً في أوساط الصحافيين.

يعالج الفصل العاشر "مرجعيات التشريع: الارتباك القِيَمي" الخصوصية والكونية، والارتباك القِيَمي والأيديولوجيات التوليفية، ويبحث الفصل الحادي عشر "سؤال المحافظة والتحرّر: القِيَم الغائية والقِيَم المعيارية" أثر القِيَم في مواقف الصحافيين من بعض القضايا الأساسية ذات الطابع الخلافي، ويفصّل الفصل الثاني عشر "تحوّلات القِيَم: الذات المتشظّية بين الحداثة والمحافظة" كيف أن المواقف المحافظة المعبّر عنها لا تستند دائماً إلى منطلقات دينية أو مرجعيات أخلاقية، كما أن المواقف المتحرّرة لا تستند دائماً إلى مرجعيات حداثية.

يشير الفصل الثالث عشر "سؤال الهوية: هويات متعدّدة" إلى أبعاد الهوية عند الصحافيين ومكوّناتها، ويقارب الفصل الرابع عشر "القِيَم الاجتماعية: "تضامن" يصنع الإجماع" ارتفاع نسبة الإيمان بقيمة الفردانية في صفوف الصحافيين العاملين في الصحافة الإلكترونية والصحافة الحرّة.

المساهمون