"ريادي صغير" في غزة

12 نوفمبر 2016
يحكي عن مشروعه (محمد الحجار)
+ الخط -
أراد فريق مكوّن من ثلاث خرّيجات جامعيّات العمل مع الأطفال في المخيّمات بطريقة مختلفة، والتركيز على إدخال الأفكار الرياديّة خلال تنفيذ المشاريع، وتعزيز دورهم في المجتمع، وإشراكهم في ابتكار مشاريع ريادية رغم المشاكل التي يعيشونها، مع التركيز على أهميّة الابتكار إلى حين دخولهم الجامعة والانخراط في سوق العمل. من هنا، أطلق مشروع "الريادي الصغير".

الفتيات الثلاث وضعن مشروعاً رياديّاً يستهدف الأطفال في القطاع. في هذا السياق، تقول يارا الحتو (25 عاماً)، وهي إحدى القائمات على المشروع، إن الفكرة تعدّ فرصة جيّدة لإطلاق المشاريع من خلال الاستفادة من هوايات الأطفال وطاقاتهم. تضيف: "أردنا نقل الخبرة للأطفال في عمر صغير، بهدف تأسيس حياتهم بطريقة صحيحة". وترى أنّ الفكرة جديدة ومميّزة على مستوى العالم العربي، لافتة إلى البدء بتأسيس الأطفال منذ الصغر.

بدأ المشروع في بداية شهر مايو/ أيار عام 2015، وما زال مستمراً حتى اللحظة، ويستهدف بشكل أساسي الأطفال ما بين 8 و12 عاماً. قبل بدء المشروع، درست الفتيات تأثيره على أرض الواقع، وحوّلنه إلى مشروع عمل بعد ترويجه. في وقت لاحق، تابعن العمل وطوّرنه، وحصلن على تمويل من مشروع دعم الشباب الريادي في قطاع غزة "مبادرون" (الجامعة الإسلامية).

بداية، أطلقن مخيّم "الريادي الصغير" مع مؤسّسة "غزة سكاي جيكز"، وهو أول مخيم لهن. أقنعن الأهالي بتسجيل أبنائهم في المخيم، بهدف اكتسابهم مهارات ريادية، وتنمية مواهبهم. تقول إسلام الديب (30 عاماً)، لـ "العربي الجديد": "مخيّمات الأطفال في غزة تقليدية، وتقتصر على تعلّم رقص الدبكة وبعض الفنون الأخرى. لم نلحظ وجود ما يمكن أن يحفّزهم. وضعنا برنامجاً لاكتشاف المواهب وتطويع المشاكل". وشارك في المخيّم الأول 25 طفلاً.



المخيّم الثاني كان تحت عنوان "مخيّم رياديات المستقبل"، وذلك في "معهد الأمل للأيتام"، وشاركت فيه 11 طفلة. توضح الديب أنهن توجهن لهذه الفئة لأن المجتمع لا يعرف عنهن شيئاً، وقد أردن مساعدتهن على كسب مهارات مختلفة. كان المخيّم ناجحاً، وقد أثمر 11 مشروعاً، من بينها مشروع "صوف بلادي"، وأنجزن من خلاله بعض الأشغال اليدوية، بالإضافة إلى مشروع آخر استطعن من خلاله التعبير عن أنفسهن من خلال الرسم، وغيره.

أما المخيم الثالث للفريق، فكان "كوكتيل دي"، وذلك من خلال يوم تدريبي كامل استهدف 28 طفلاً تعلموا مهارات "محاكاة السوق"، وكيفية تحضير بعض المنتجات وتسعيرها وتسويقها. كذلك، تعلموا كيفية إعداد عصائر الفواكه وتسويقها بطريقة جاذبة، وقد طبقوا ما تعلموه من خلال عرض منتجاتهم في قاعة الجامعة الإسلامية.

أما المخيّم الأخير فهو "فكرة كام"، الذي ركّز على التدريب حول التفكير الإبداعي، بهدف الخروج بأفكار مميزة. وفي النتيجة، كانت هناك مشاريع عدة، مثل "كتيب فلسطين حرة"، والذي يضمّ صوراً لمدن فلسطينيّة، ونبذة صغيرة عن كل مدينة. بعض هذه الصور ملونة، فيما تركت أخرى لخيال الطفل، ما يتيح له التسلية والقراءة والاستفادة من المعلومات في وقت واحد.



وخرج المشاركون بأفكار أخرى، منها سلّة القمامة الذكية، والتي تهدف إلى تشجيع الناس على رمي النفايات في سلال مخصصة، وشاحن للهواتف الذكية يعتمد على الطاقة الشمسية، بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي في غزة، بالإضافة إلى "تي شيرت" تعدّل درجة حرارة الجسم. وكان بارزاً أيضاً فكرة "الطائرة النقالة"، التي تساهم في نقل أغراض إلى الطوابق العليا.

من جهتها، تقول إسراء حبوش (25 عاماً)، وهي إحدى القائمات على المشروع: "نثق في مهارات وإمكانيّات الأطفال"، لافتة إلى أنهم في حاجة إلى التحفيز فقط. ومن خلال التدريبات التي حصلوا عليها "اكتشفنا مهاراتهم وإبداعاتهم وقدرتهم على حل المشاكل"، مشيرة في الوقت نفسه إلى حاجتهم إلى التوجيه. من هنا، استطاع الفريق مخاطبة الأطفال بلغتهم. واعتمد الفريق على مراجع ومصادر باللغة الإنكليزية على شبكة الإنترنت، للتعرف على وسائل الريادة الحديثة، وسعى إلى تطبيقها في قطاع غزة المحاصر، واعتمد على معدات بسيطة تتوفّر في متاجر غزة.

يشار إلى أنّ الفريق واجه صعوبات تتعلّق بتفهم المجتمع للمشاريع الريادية، خصوصاً أهالي الأطفال المستفيدين من المشروع، بالإضافة إلى ضعف المحتوى العربي. في الوقت الحالي، يطمح إلى تأمين بيئة متكاملة لدعم ريادة الأعمال لدى أطفال القطاع.

دلالات