"رسائل وطن": تليين زوايا العزلة الألمانية

05 فبراير 2016
(من العرض، تصوير: ناديا غراسمان)
+ الخط -

مساهمةً من قبل المسرح في مواكبة الاهتمام العالمي بقضية اللاجئين وتدفّقهم إلى ألمانيا، استضاف "مسرح شاوبونه"، في برلين، مؤخّراً، العرض المسرحي "رسائل وطن". وإن كانت الاستضافة ليوم واحد فقط، إلا أن المناسبة شكّلت فرصة للإشادة والاحتفاء بمؤسّسة "نبض نادي اللاجئين" التي نظّمت وصمّمت العرض.

تأسّست "نبض نادي اللاجئين" عام 2013 من قبل ناشطين عملوا لسنوات مع لاجئين من كل أنحاء العالم. استطاعت المؤسّسة تكوين تجمّع بعيد عن بيروقراطية المؤسّسات؛ إذ يقدّم الناشطون فيها الاستشارات والمعونات لمن يحتاجونها، وينظّمون الحملات والاعتصامات والفعاليات الفنية. وفي تجربتها الجديدة، قدّمت مساحة للاجئين ليعدّوا مسرحياتهم ويعرضوها بأنفسهم على مسارح ألمانية متعدّدة كان آخرها عرضهم في "مسرح شاوبونه".

الوصول إلى ألمانيا هو نهاية رحلة فردية هرباً من موت جماعي، ولكنه من ناحية أخرى بداية لصعوبات جديدة يعاني منها اللاجئ، أقساها هو التهديد بالترحيل، والعيش في مجتمع يغيّر تعاطيه مع قضيّتهم تبعاً لخبر في التلفزيون.

قدّم العرض اسكتشات تروي مشاكل التواصل والعنصرية والاندماج، كما سلّط الضوء على تحامل المتعصّبين على قيم الثقافات المختلفة عنهم. تخلّلت هذه الفقرات مشاهد راقصة وحركية وأغان وظهور لمهرّجَين يتحدّثان عن غرائبية المفاهيم التي نعيشها في عصرنا وتناقضاتها الواضحة.

لعل المتفرّج الذي يأتي لمشاهدة عرض "رسائل وطن" لا يخفى عليه ما يتعرّض إليه اللاجئ، في ألمانيا أو في أي بلاد أخرى، كما لا يخفى عليه دور البلدان الأوروبية في استعار الحروب في بلاده الأصلية. كان هناك ما يشبه الاتفاق الضمني بين الجميع على أن الذهاب إلى العرض يمثّل دعماً للاجئين من خلال دعم مؤسّسة "نبض نادي اللاجئين"، وتوسيع التجمّع الذي بدأه الناشطون فيها.

خلال الحوار الذي دار بُعيد العرض، أجمع المشاركون على أن اللاجئين هم ضحية سياسية قبل كل شيء ومسؤولية مشتركة. من ناحيتهم، لم يقدّم اللاجئون معلومات إضافية إلى الجمهور المهتمّ بأمرهم، ولم يطرح الجمهور حلولاً لهم.

بدا الموقف مستعصياً على الجميع أمام أسئلة كبيرة من نوع: ما العمل؟ وكيف نحقّق العدالة؟ ولكن الإنجاز الذي يُحسب للعرض هو قدرته على تشكيل تجمّعات متّفقة فيما بينها، وقدرته على نقل تجارب اللاجئين الفردية إلى حراك جمعي، يشترك في تفاصيل الحياة اليومية والأفكار والتوجّهات السياسية وأساليب الحلول.


اقرأ أيضاً: اللاجئ السوري على الخشبة الألمانية: "أهلاً بك" بالمقلوب