حذرت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" من تكرار مذبحة جديدة على غرار مذبحة "عرب شركس"، بعد التصديق على أحكام الإعدام في القضية 174 عسكرية، أمس.
وقالت المنظمة في بيان لها، اليوم، الخميس، "عادت الأحكام العسكرية لتتصدر المشهد من جديد، رغم النص على عدم جواز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرًا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو المناطق العسكرية أو الحدودية".
ولفتت إلى أن "الشهور السبعة التي تلت ثورة يناير واستلام المجلس العسكري لإدارة البلاد في العام 2011، حوكم فيها ما يقرب من 13 ألف مدني مصري أمام المحاكم العسكرية، بحسب اللواء عادل مرسي، من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كما حوكم بعد 3 يوليو/تموز 2013، المئات من المدنيين أمام المحاكم العسكرية".
وقالت "مونيتور" إن "القضاء العسكري يفتقر إلى الكثير من الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة والمنصفة، حيث يخضع لسلطة وزير الدفاع، وجميع القضاة وأفراد النيابة عسكريون يحملون مختلف الرتب ويخضعون لكافة لوائح الضبط المبينة في قوانين الخدمة العسكرية، ويقوم وزير الدفاع بناءً على توصيات رئيس هيئة القضاء العسكري بتعيين القضاة، وهم غير قادرين على محاكمة الأعلى منهم رتبة، ويمتثلون لأوامر قادتهم، ولا تعتبر أحكامهم نافذة قبل التصديق عليها من ضابط ليس عضواً في المحكمة، يملك صلاحيات إلغاء الحكم أو إيقاف تنفيذه أو تخفيفه أو حتى إعادة المحاكمة، وهو ما ينزع عنهم أي استقلال أو قدرة على الحياد، حتى وإن أرادوا ذلك".
وأصدرت محكمة غرب القاهرة العسكرية الأحد 29 مايو/آذار 2016، حكمها بإعدام 8 في القضية رقم 174 لسنة 2015 العسكرية والمعروفة إعلاميا بـ"العمليات المتقدمة"، كما عاقبت المحكمة 12 بالمؤبد، وصدر حكم بالحبس 15 عاما ضد 6 أشخاص، وبراءة 2 من المتهمين. وتم التصديق على الحكم في 21 أغسطس/آب 2016، دون علم الأهل والمحامين.
وفي ظل تعنت الإجراءات واستنفاد فُرص المحاكمة العادلة لم يتبق سوى تقديم طلب لنقض الحكم أمام المحكمة العسكرية خلال 60 يوما من تاريخ التصديق، لتنظر المحكمة فيما بعد في الطلب بالقبول أو الرفض، لتعاد إجراءت القضية برمتها بنفس التعنت والتعسف، وفي حالة قبول، أما في حالة الرفض فيُصبح الإعدام مصيرًا حتميًا، وذلك انتهاكًا لنص المادة 7 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وتعود بداية القضية إلى نهاية شهري إبريل/نيسان ومايو/أيار عام 2015، عندما تم خطف مجموعة من الشباب من أماكن مختلفة وفي أوقات متفرقة وإخفاؤهم في مقر المخابرات الحربية والأمن الوطني العام، حيث تم إخضاعهم للتعذيب لإجبارهم على الإقرار باعترافات تخصّ تنفيذهم عمليات إرهابية مختلفة.
وعلى صعيد آخر أرسل ذوو "المختطفين" العديد من البلاغات للنائب العام، وفي شهر يوليو/تموز 2015، فوجئ الأهالي بظهور ذويهم على شاشات الإعلام الرسمي في فيديو مصور، أظهر كمّ التعذيب الذي تعرّضوا له، واعترفوا فيه بارتكابهم وإعدادهم لأعمال تخريبية.
معظم الضحايا ظهروا فى سجن طره استقبال بعد عمليات التعذيب فى حالة صحية يرثى لها، وكان معظمهم لا تزال عليه آثار التعذيب، وقد رفضت إدارة سجن طرة والقاضي لاحقا إثبات الجروح والكدمات الظاهرة على أجسادهم لحظة وصولهم السجن، كما رفض القاضي طلباتهم بعرضهم على الطب الشرعي.
وأعرب نشطاء وحقوقيون عن قلقهم من أن يلقى المتهمون في تلك القضية نفس مصير متهمي قضية "عرب شركس"، عندما أحالت المحكمة العسكرية أوراق 7، إلى مفتي الجمهورية في شهر أغسطس/آب 2014، ليتم تنفيذ حكم الإعدام في 6 منهم يوم 17 مايو/أيار 2015، وكانت المفارقة التي سجلتها وسائل الإعلام في قضية "عرب شركس" هي أن عددا من متهميها كانوا في السجن بالفعل أثناء وقوع الأحداث التي تم اتهامهم بالتورط فيها وتم إعدامهم على أساسها.