"ذي إندبندنت" تكشف تفاصيل معركة سرية تخوضها السعودية في العوامية

06 اغسطس 2017
تبدو صور العوامية وكأنها من مدينة سورية (تويتر)
+ الخط -




كشفت صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، يوم الأحد، عن جزء من خفايا ما يدور في مدينة العوامية السعودية، مشيرةً من خلال شهادات لمقاتلين وناشطين، إلى أن المدينة تخضع لحصار استثنائي، وتتعرض لهجوم شامل من حوالي ثلاثة أشهر.

وقالت الصحيفة، إنه عندما وصل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى السعودية في أول زيارة له إلى الخارج كرئيس للولايات المتحدة في مايو/أيار كانت الحكومة السعودية قد بدأت للتو حرباً على بلدة في شرق البلاد المضطرب، في معركة لا تزال ملتهبة على الرغم من وجود تغطية إعلامية قليلة جداً.

وتحيط بالعوامية، وهي بلدة عمرها 400 عام في محافظة القطيف الشرقية التي يقطنها نحو 30 ألف شخص، حواجز وضعتها أجهزة الأمن منذ أحداث 10 مايو/أيار، التي حاولت فيها الحكومة إجراء هدم وتحديثات، ورفض السكان ذلك.

ومنذ ذلك الحين، تدهورت الحالة بسرعة. ويقول السكان المحليون إن ما لا يقل عن 25 شخصاً قد قتلوا في القصف وبنيران القناصة، وتبدو الصور من الشوارع التي تغطيها الأنقاض، وكأنها مأخوذة من سورية، وليس من مدينة في دولة نفطية غنية.

وحسب الصحيفة، فإن من الصعب التحقق من المعلومات عن العوامية، إذ لا يسمح لوسائل الإعلام الأجنبية الاقتراب من المنطقة دون مرافقة حكومية، وهذا يعني أن العالم يعتمد على وسائل الإعلام الحكومية السعودية، وبعض وسائل الإعلام المحلية، ووسائل التواصل الاجتماعي، من أجل معرفة ما يحدث. ولا يمكن التحقق بشكل مستقل من الصور المنشورة للأضرار التي لحقت بالمدينة، أو للمنازل والمحلات التجارية المدمرة.

ونقلت الصحيفة عن باحثين وعن أحد المسلحين داخل المدينة المحاصرة، واثنين من الناشطين السلميين الذين يعيشون الآن خارج البلاد، صورة حول الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تعيش فيها المنطقة.

وقال أحد المقاتلين المشاركين في الاشتباكات هناك، في مقابلة هاتفية مع الصحيفة البريطانية: "كنت متظاهراً سلمياً، كان معظمنا في العوامية، حتى قررت الحكومة إدراجنا كإرهابيين مطلوبين. كل ما قمنا به هو الإبقاء على دعوات للإصلاح". وأضاف: "لأننا لم نخَف من النظام، استهدفوا المدينة كلها".

وكانت العوامية قد حوصرت قبل ثلاثة أشهر، بعد أن رفض السكان المحليون الامتثال لقوات الأمن التي جهزت الجرافات ومعدات البناء الأخرى من أجل هدم المنطقة القديمة وإعادة تطويرها.


وتدّعي الرياض من جانبها أن المتظاهرين المسلحين في العوامية إرهابيون يريدون زعزعة استقرار البلاد جميعها، ويجب أن يتوقفوا عن استخدام المباني المهجورة في المدينة والشوارع الضيقة كمخابئ.

ونقلت الصحيفة عن الباحث في شؤون الشرق الأوسط لصالح منظمة هيومن رايتس ووتش، آدم قوغل، قوله إنه وثق صراعات في المملكة من قبل، لكن شيئا من هذا القبيل لم يكن في السابق. "العديد من سكان العوامية يخافون من القصف والقناصة ولا يغادرون منازلهم. رغم أنه تم قطع المياه والكهرباء في عدد من المناطق".

وذكرت عدة تقارير أن سيارات الإسعاف واجهت صعوبة فى الوصول إلى البلدة بعد احتجازها في نقاط التفتيش، ما ساهم بتعزيز الظروف الصعبة. وأفاد نشطاء أن السكان خائفون جدا من أن تُرمى الجثث في الشوارع لأيام.

والعوامية هي مدينة الشيخ نمر النمر، رجل الدين المؤثر الذي أعدم بتهمة الإرهاب العام الماضي. وأدت وفاته إلى مظاهرات في جميع أنحاء العالم.

وقال علي أدوباسي، مدير مجموعة الناشطين الأوربيين السعوديين لحقوق الإنسان، الذي غادر من البلاد في عام 2013 بعد احتجازه وتعذيبه، إن المواجهة الحالية في المدينة لا يمكن أن تختزل إلى قضية طائفية.

وأضاف أن قمع حقوق الإنسان والقضاء على المعارضة في السعودية، "لا تزال متاحة مائة في المائة حتى في القرن الحادي والعشرين".

وفي يوم الجمعة الماضي، أصدرت السلطات السعودية مرة أخرى إخطارات بالإخلاء لسكان العوامية، وأمرتهم بالمغادرة من خلال طريقين ورفع أقمشة بيضاء. وترافق هذا الأمر مع اشتباكات قالت وسائل الإعلام السعودية، إن سبعة أشخاص على الأقل قتلوا فيها.

ومع أن مئات السكان غادروا، لم توفر لهم أماكن ملائمة للعيش في المدن المجاورة، التي تم استيعابهم فيها.

وفي شهر مايو/أيار، دانت الأمم المتحدة خطط إعادة التطوير، متهمة السلطات بمحاولة طرد السكان من العوامية قسرا من دون تقديم خيارات كافية لإعادة استيعابهم، في عملية تهدد "التراث التاريخي والثقافي للمدينة".

ولم تستطع الصحيفة الحصول على تعليق رسمي سعودي، ولم يكن هناك أي استجابة فورية بعد الاتصال بالسفارات السعودية في كل من بيروت ولندن.