"ذا غارديان": أسماء الأسد "سيدة الجحيم الأولى"

23 أكتوبر 2016
ظهرت أخيراً مع قناة "روسيا 24" (يوتيوب)
+ الخط -
نشرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية تقريراً للكاتبة الصحافية، إستر آدلي، تحت عنوان: "أسماء الأسد: من "وردة الصحراء" السورية إلى "سيدة الجحيم الأولى"، وتناولت الحوار التلفزيوني لزوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد، أسماء الأسد، مع قناة "روسيا 24"، بعد غياب 8 أعوام.

وكتبت آدلي: "كان شعرها مجعداً بشكل جميل، ووجهها أخاذاً ومزيناً بمساحيق تجميل، ونبرة صوتها رصينة وهادئة، هكذا كانت أسماء الأسد عندما أجرت الأسبوع الماضي أول حوار تلفزيوني لها منذ 8 أعوام".

ونقلت تصريحات الأسد لـ"روسيا 24"، إذ قالت: "أشعر بالألم والحزن عندما أرى الجرحى والأرامل وضحايا الصراع في بلدي وأحاول مساعدتهم. هل يمكنك تجاهلهم؟ في سورية، نحن نؤمن بضرورة احترام كلمتنا. هذا أمر مهم".

وأشارت الكاتبة إلى أن محاورها، لم يثر أي مواضيع حول قصف قوات الأسد للمدنيين بالبراميل المتفجرة، ولم يثر أيضاً موضوع الدعم الروسي لنظام الأسد، عبر قصف معارضيه، مما أدى إلى اتهامها بارتكاب جرائم حرب، لكن كان هناك اعتراف ضمني بوجود معاناة "غير مسبوقة" عند طرفي الصراع.

وعوضاً عن طرح المواضيع المذكورة، سألها محاورها عن السبب وراء إصرار الإعلام الأجنبي على انتقاد عائلتها بدلاً من التركيز على أعمالها الخيرية. لترد الأسد: "هذا سؤال يجب أن توجهه إليهم".

ورغم أن اللقاء التلفزيوني لم يحتوِ على أية مصارحة أو مكاشفة، فإن قرار الخروج عن صمتها والتحدث لأول مرة منذ 8 سنوات أثار مشاعر كثيرين تجاه السيدة التي حظيت بألقاب كثيرة، بدءاً من "وردة الصحراء"، وصولاً إلى "سيدة الجحيم الأولى". وسألت الكاتبة: "كيف يتماشى ذكاء ورقيّ هذه السيدة التي تتحدث بلكنة لندنية متعاطفة مع وحشية نظام زوجها بشار الأسد؟ ولماذا خرجت للحديث الآن؟".

يرى بروفيسور التاريخ في جامعة "ترينيتي" الأميركية ومؤلف كتاب "سورية: سقوط بيت الأسد"، ديفيد ليش، أن قرار الأسد بالظهور إعلامياً الآن "دليل على ثقتهم بنصرهم في الصراع الدائر في البلاد، وجزء من حملة علاقات عامة ينفذها النظام لرسم صورة عن الاستقرار وسيطرته على مجريات الأمور في سورية"، وفقاً لـ"ذا غارديان".

وأضاف ليش: "أعتقد أنهم يشعرون بالأمان تجاه المستقبل القريب بسبب الدعم الذي يتلقونه من النظامين الروسي والإيراني".

وقالت آدلي: "على العكس من زوجها، لم تترعرع أسماء الأسد في قصر ديكتاتور وحشي، بل عاشت في بيت عادي بمنطقة أكتون في مدينة لندن مع والدها طبيب القلب. ودرست في مدرسة كنيسة إنكلترا، وكانت طالبة عادية ودودة تعرف باسم إيما".

وتابعت: "استأنفت الأسد دراسة الفرنسية وبرمجة الحاسوب في الكلية الملكية في لندن، ثم عملت مصرفية في مدينة نيويورك. كان لقاؤها الأول ببشار في مدينة لندن، حيث كان يتلقى تدريباً كطبيب عيون. وتواصلا بعدها في عام 2000، ليتزوجا سراً. بعدها بأشهر، أصبح الأسد رئيساً لسورية، عندما توفي والده وكانت أسماء حينها في الـ25 من عمرها".

وأشارت الصحافية في مقالها إلى أن "آمالا كبيرة كانت معلقة على الزوجين في بداية عهدهما على الأقل. فبعد سنوات من الديكتاتورية الوحشية التي اتسم بها عهد والده حافظ الأسد، اعتقد كثيرون أن طبيب العيون الذي تلقى تعليمه في الغرب وزوجته الجذابة المولودة في بريطانيا سيدشنان عهداً جديداً من الانفتاح والحرية".

وأفاد مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني، كريس دويل، بأن "الناس كانوا يتحدثون عن ربيع دمشق عندما خلف بشار والده في الحكم. كان هناك تغير وإحساس بالانفتاح بعض الشيء. كان الرئيس الجديد أكثر سهولة في التواصل. تم الاستغناء عن بعض الحرس القديم في نظام والده. ووظفت حملات علاقات عامة باهظة الثمن لرسم صورة جيدة عن الزوجين على المستوى المحلي والعالمي"، وفقاً لـ"ذا غارديان".

في السياق نفسه، لفتت آدلي إلى أنه بحلول عام 2010، حاورت كاتبة في مجلة "فوغ" الأميركية الأسد، ووصفتها بـ"أكثر السيدات الأوائل نقاءً وحيوية وجاذبية". بعدها، بدأت الصورة الخيالية للسيدة الأولى بالتصدع، وفقاً للكاتبة. إذ اندلعت الثورة السورية في العام التالي، عندما ألقي القبض على مجموعة من طلاب المدارس الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و15 عاماً، وعُذبوا بسبب عبارات معارضة كتبوها على جدران مدارسهم في مدينة درعا، تقول: "الشعب يريد إسقاط النظام". وخرج مئات السوريين في مدينة درعا للاعتراض على معاملة الأطفال، وانتقلت الاحتجاجات سريعاً إلى مناطق أخرى.

بعدها، سحبت الكاتبة، آنا وينتور، وصفها للسيدة الأولى، وحُذف المقال من موقع مجلة "فوغ". وأثيرت الشكوك والتساؤلات في بداية الصراع حول مدى معرفة الأسد بأفعال زوجها، وسجلت زوجتا السفيرين البريطاني والألماني لدى الأمم المتحدة مقطع فيديو في 2012 يناشدان خلاله أسماء "المخاطرة والتحدث بصوت عال للمطالبة بوقف حمامات الدم"، وقالتا أيضاً في الفيديو: "لا يمكن أن تظل مختبئة خلف زوجها"، وفقاً للكاتبة.

واستشهدت الصحافية بدويل مجدداً الذي رأى أنه "بعد سنوات من الصراع الطويل والوحشي، يصعب التصديق أن أسماء لا تعرف حتى الآن ما يفعله زوجها. إنها تغض الطرف عما يحدث. أعتقد أن الأفراد يصبحون أكثر ارتياحاً في موقع القوة، والسلطة تفسد الأشخاص. مع الوقت، يتنامى حبهم للمناصب، ويقعون في فخ السلطة، فيصبحون أكثر تأقلماً مع الممارسات الديكتاتورية".

وأضاف: "بعد 5 سنوات من معايشة هذه المذابح والدمار والتهجير كله، يصعب الاعتقاد أن أسماء وغيرها في مواقع السلطة لا يعون جيداً ماهية الذي يحدث في سورية".

ولفتت آدلي إلى تسريبات صحيفة "ذا غارديان" لبريد الزوجين الإلكتروني، إذ أظهرت الرسائل الإلكترونية إنفاق الأسد مبالغ ضخمة على شراء المجوهرات والملابس والديكورات الداخلية، في الوقت الذي يتعرض فيه السوريون للقصف المتواصل.

وتوضح الرسائل الإلكترونية أيضاً قوة وقرب علاقة الزوجين، إذ جاء في أحد الرسائل من الأسد لزوجها: "إذا ظللنا متماسكين معاً، فسنتجاوز هذه المحنة معاً. أحبك"، وفقاً للصحيفة.

وكانت هذه الرسائل قد انتشرت في سورية، بالإضافة إلى صور نُشرت على موقع "فيسبوك" تظهر أفراد السلطة الحاكمة، يستمتعون بالحفلات السخية، بينما يموت كثير من السوريين جوعاً.

وقالت الكاتبة إنه: "رغم مرور 5 سنوات على هذا الصراع المدمر، لا تزال هناك أجزاء من مدينة دمشق التي يسيطر عليها نظام الأسد، تتمتع بحياة طبيعية نسبياً. ورغم أن القصر الرئاسي، القابع على أعلى تلة في المدينة، لم يصب بسوء، يعتقد كثيرون أن الزوجين وأبناءهما، حافظ ذا الـ14 عاماً، وزين ذا الـ12 عاماً، وكريم ذا الـ11 عاماً، يعيشون في بيت آخر شديد الحراسة بحي المالكي".

وأضافت: "تصطحب أسماء أولادها كل صباح لمدرسة مونتسوري. وبدأ ابنها حافظ بالظهور في الفعاليات الشبابية برفقتها، ويرى بعضهم في ذلك إعداداً لتولي أعمال الأسرة في المستقبل. ويحب حافظ برمجة الحاسوب ويتعلم الروسية، وهو طويل القامة كوالده".

وأشارت آدلي إلى أنه رغم انسحاب الأسد من الظهور التلفزيوني أو العلني خلال الأعوام السابقة، لكنها تحرص على تلميع صورتها عبر الحسابات الرسمية لها ولزوجها عبر موقع "إنستغرام"، حيث تنشر صوراً متواصلة لزياراتها الجنود الجرحى والأطفال المبتسمين، وترفقها بوسم "نحبك يا أسماء".

ولا يصدق الكثيرون الترويج لشعبية آل الأسد، إذ أفاد مصدر مطلع للصحيفة بأن "هناك استياء عاماً بين السوريين، حتى بين العلويين، تجاه نظام الأسد؛ لأنهم يشعرون بأنهم يدفعون فاتورة هذا الصراع. في القرى العلوية، يمكنك سماعهم يقولون: القبور لنا والقصور لهم"، في إشارة إلى عائلة الأسد. 

وأنهت آدلي مقالها بتصريح ليش الذي قال: "من المؤكد أن عائلة الأسد خسرت جاذبيتها السابقة بعد اندلاع الحرب. بالنسبة إلى الكثير من السوريين، خسرت العائلة شرعيتها في الحكم. لذا، فإن السؤال المهم الآن هو: هل يدركون ذلك؟ هل يدرك النظام إلى أي مدى تحول العامة بعيداً عنه؟".

(العربي الجديد)

 

المساهمون