"ذاكرة الناصرة": استعادة بصرية لمدينة فلسطينية

23 أكتوبر 2014
صورة من سوق الناصرة معالجة بتقنية التلوين الذاتي
+ الخط -

"ذاكرة الناصرة بين عامي 1930 – 1970"، هو معرض صور فوتوغرافية، أعدّه الباحث أحمد مروات، ويحتضنه غاليري "مركز محمود درويش" في مدينة الناصرة. يضم المعرض 500 صورة بأحجام وتقنيات تصوير مختلفة، تنوّعت بين الأبيض والأسود وتقنية التلوين الذاتي.

شكّلت الناصرة مركزاً تجارياً وثقافياً للقرى المحيطة بها، ومقصداً لسكان هذه القرى الذين يقصدونها لقضاء حاجاتهم وللعمل والدراسة أو العلاج.

استغرق مروات، الباحث في موضوع الأرشفة والتاريخ الفلسطيني الحديث، خمسة عشر عاماً في البحث وتجميع الصور.

وقد اقتنى صوره من مصادر عدة، فبعضها وجدها في دير الفرنسيسكان، حيث جاءت بعثة فرنسية، في الستينيات، في جولة إلى الناصرة للتصوير، فحصل من أرشيف تلك الجولة على 35 صورة. وصور أخرى جمعها من عائلات نصراوية، أو اشتراها من أسواق "الرابش" والأنتيكا في مدينتي يافا وحيفا.

ميّز حفل افتتاح المعرض حضور جمع غفير من أهالي الناصرة، وأيضاً وفد من "نادي المسنين"، وتمكّن هؤلاء من التعرّف على العديد من شخصيات هذه الصور.

استحضر المعرض في صوره مهناً وأسواقاً تلاشت منذ زمن مثل سوق النحّاسين، حيث نشاهد نموذجاً لصورة حانوت تصليح البوابير تعود إلى سنة 1946، وأخرى لصانع المناجل، وواحدة لصقل النحاس وتبييضه، إضافة إلى مصنع السجائر اليدوي. ونجد في صورة أخرى سوق المواشي التي تعتبر من الأسواق الشهيرة في الناصرة وقضائها.

وللمرأة في تاريخ المدينة حضورها في الشأن العام، فقد شاهدناها في المظاهرات والنشاط السياسي في عين العذراء، وفي المدارس والطقوس الدينية، كأحد الشعانين. وقد حضرت مثلاً في صورة بارزة لأعضاء جمعية الاتحاد النسائي في الثلاثينيات وهن في كامل أناقتهن. كما تسنّى للحضور مشاهدة صور عديدة لنساء وفتيات من الريف يبعن محاصيلهن وأشغالهن اليدوية في أسواق الناصرة.

يشير مروات، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى التغيير الذي حصل لمدينة الناصرة حيث فقدت جزءاً كبيراً من مكانتها الثقافية والتربوية، وحتى التجارية.

ففي السابق كانت الناصرة المكان الوحيد في المنطقة الذي توجد فيها مدارس ثانوية، إضافة إلى كونها مركز ثقافي وتربوي. لكن الأمر تغيّر مع توزّع المدارس الثانوية والجمعيّات الثقافية والعيادات والأماكن التجارية في قرى قضاء الناصرة. هذا بالطبع يضاف إلى تأثيرات زمن الاحتلال على الواقع الحضري في فلسطين المحتلة عام 1948.

مع ذلك، نلاحظ بأن الناصرة حافظت على شكلها وجزء من هويتها العمرانية، وخاصة في مركز البلدة/المدينة، منذ 1930 وحتى اليوم، وربما يعود السبب إلى أنها لم تهدم ولم يتوغل الاستيطان في داخلها، مثل باقي البلدات والمدن الفلسطينية، أثناء النكبة وبعيدها.

المساهمون