"دولة داعش" تترنّح في معقلها السوري

15 يونيو 2015
تركيا سمحت للنازحين دخولها (بولنت كيليتش/فرانس برس)
+ الخط -
بات تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) قريباً من خسارة المدن الثلاث التي يسيطر عليها في ريف مدينة الرقة الشمالي، لصالح القوات المشتركة، المكوّنة من قوات تابعة لفصائل "الجيش الحرّ" وقوات "حماية الشعب" الكردية التي تقاتله في سورية. وأجبرت هذه القوات "داعش" على الانسحاب من عشرات القرى والبلدات التي كان يسيطر عليها في ريف الرقة الشمالي، لتصبح مدن تل أبيض وعين عيسى وسلوك، التجمعات السكنية الأكبر في ريف الرقة الشمالي، قاب قوسين أو أدنى، من السقوط في يد القوات المشتركة.

وفي ظلّ عمليات القصف المتبادل والاشتباكات العنيفة بين الطرفين، نزح عشرات الآلاف من السكان، وقام عناصر "داعش" بتفخيخ عشرات المباني السكنية كي لا تتجرأ القوات المشتركة على دخولها للتمركز بها. وهاجمت القوات المشتركة التنظيم من الجهتين الغربية والشرقية في وقت واحد، وضيّقت الخناق على من تبقّى من عناصره في تل أبيض وعين عيسى، والذين لم يتمكنوا من التحرّك إلى منطقة الاشتباكات.

من الجهة الشرقية، تقدمت القوات المشتركة إلى قرية السرد وسيطرت عليها، قبل أن تتقدم إلى قرى مشرفة الحاوي والمحربلي ومهيدي، لتصل إلى قرية بير عاشق، المقابلة لجسر الجلاب، الواقع على نهر الجلاب، شرقي مدينة تل أبيض مباشرة، حيث تتمركز قوات "داعش" المدافعة عن المدخل الشرقي للمدينة.

ودفع التقدم الكبير للقوات المشتركة شرقي تل أبيض، قوات "داعش" إلى إزالة السدود الترابية على طرفي نهر الجلاب، ما أدى إلى إغراق الأراضي الزراعية في المنطقة، وإقفال كل الطرق التي تصل تل أبيض بريفها الشرقي، ليبقى طريق واحد اضطراري، يمر عبر جسر الجلاب والذي يتمركز عليه عناصر التنظيم. وفخّخ التنظيم الجسر أيضاً، تحسباً لإمكانية انسحاب عناصره من المنطقة. وعدا عن جسر الجلاب، فخخت قوات "داعش" جسر شريعان، على نهر الجلاب أيضاً، وهو جسر يربط طرفي الريف الجنوبي لتل أبيض ببعضهما، ويقع جنوب شرق المدينة على بعد سبعة كيلومترات منها.

اقرأ أيضاً: "داعش" ينهار في ريف الرقة الشمالي

بدورها، باتت مدينة سلوك بحكم الساقطة عسكرياً بعد انسحاب "داعش" منها وتركها خالية بعد تفخيخ عشرات المنازل السكنية فيها، الأمر الذي منع القوات المشتركة من تمشيط المدينة حتى الآن، بسبب انشغالها بقتال ما تبقى من قوات التنظيم في محيط تل أبيض.

على الجبهة الغربية، تمكنت القوات المشتركة من إحراز المزيد من التقدم في محيط مدينة عين عيسى، وباتت على التخوم الشمالية للمدينة بعد سيطرتها على قرى الفارس والروضة وخربة علو والجخيدم والطيبه وجهجاه ومقصود وعريضة وعجيل والمهرة وشنينة وسعدة وكورازات.

ونجحت القوات المشتركة في السيطرة على تلال استراتيجية عدة على جبهتي القتال، لتحاصر ما تبقّى من عناصر "داعش" في ريف الرقة الشمالي، ورصد خطوط إمداد التنظيم في المنطقة، وبالتالي منع عناصره وآلياته من التحرك.

وأدى الهجوم من الجبهتين إلى استنزاف "داعش" ومنعه من القيام بأي مناورة أو عملية التفاف على القوات المهاجمة، وشتت قواه وأسقط خطوط دفاعه. ولم يتمكن التنظيم من إعادة تجميع قواته وبناء خط دفاعي حقيقي، يُمكنه من الصمود أمام هجوم القوات المشتركة.

ونزح آلاف السكان جرّاء المعارك، وأوضح الصحافي أحمد الحاج صالح، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن "معاناة النازحين مستمرة لليوم الثالث على التوالي على الحدود السورية التركية، قرب تل أبيض، فالنازحون يتجمّعون على الجانب السوري من الحدود، في المنطقة الواقعة شرقي البوابة الحدودية الجديدة. ويُقدّر عددهم بنحو ألفي نازح، معظمهم من الأطفال والنساء".

وأضاف أن "النازحين يعانون من أوضاع إنسانية مأساوية، مع وصول درجة الحرارة إلى نحو 40 درجة مئوية، وعدم توفّر الماء والخبز، بسبب قيام عناصر داعش بنقل الطحين الموجود في أفران تل أبيض الثلاثة، والطحين الموجود في مطحنة الصوامع، إلى مدينة الرقة، يوم السبت".

أما بالنسبة للاجئين القادمين من الرقة ومن ريف الجنوبي، فأوضح الحاج صالح أن "عددهم يُقدّر بأكثر من سبعة آلاف شخص، يتجمعون في المنطقة الواقعة غرب صوامع تل أبيض باتجاه البوابة الحدودية القديمة. وتزداد المعاناة أكثر بفعل انعدام المياه، ونفاد الطعام ومستلزمات الأطفال".

من جهتهم، يمنع حرس الحدود التركي النازحين من الدخول إلى الأراضي التركية، في ظل تواصل إصابة أعداد منهم بضربات الشمس ولدغات العقارب والأفاعي السامة. ويستخدم حرس الحدود التركي خراطيم المياه، كما يُطلق النار في الهواء لإبعاد النازحين عن الشريط الحدودي. مع العلم أن الحكومة التركية سمحت الأسبوع الماضي بدخول دفعتين من النازحين إلى تركيا، وتجاوز عدد من دخلوا الأراضي التركية من تل أبيض وحدها الأسبوع الماضي، أكثر من سبعة آلاف نازح.

اقرأ أيضاً: عين "داعش" على الحسكة لتعويض خسائره في ريفها