أصدر درغام منتصف الشهر الماضي القرار رقم /1059/ل/إ الخاص بالتعليمات التنفيذية لقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 703 بتاريخ 15/12/2015 لبيع الدولار إلى المصارف العاملة في سورية. وبذلك يعيد النظام عبر المصرف المركزي السماح بتمويل
المستوردات بالدولار بعد أن حصرها سابقاً بمؤسسات الصرافة، بحيث تُقتطع القيمة المعادلة للمبلغ المراد بيعه من الحساب الجاري للمصرف طالب الشراء، والمفتوح من طرف مصرف سورية المركزي.
شركات الصرافة التي مازالت الخطر الأكبر على الإنسان السوري كعرابة للسوق السوداء، لكنها اليوم تجاوزت ذلك لتصبح عبئاً على شركائها من أجهزة ومؤسسات النظام ومسؤوليه، وعلى رأسهم أديب ميالة الوزير الشريك لأهم الشركات المتهمة بتهريب وَغسيل الأموال (شركة الشعار للصرافة)، هذا الخطر يتمثل بالعقوبات الدولية التي طالت شخص أديب ميالة وأعوانه، والعديد من المصارف السورية العامة والخاصة (المصرف التجاري السوري، وبنك سورية الدولي الإسلامي على سبيل المثال لا الحصر). فهل هذا التحول الاستراتيجي هو لمصلحة الشعب السوري، بالطبع لا، وإن كان ظاهره يوحي بذلك (مسيرة التطوير والتحديث).
كما صدر عن درغام ذاته القرار رقم 1060/ل/إ الذي حدد بموجبه العمولات التي يتقاضاها المصرف المركزي على عمليات البيع، وحدد سعر البيع، وسعر الشراء الذي بموجبه سوف تتم أي عملية مطلوبة. كما حدد شروط تقديم الطلبات من المصارف السورية، وحدد العقوبات التي قد تلحق تلك لمصارف من جراء مخالفة التعليمات.
ولتأمين شرعية القرارات في ظل اللاشرعية المزمنة، أصدر مجلس النقد والتسليف الذي يرأسه درغام نفسه القرار رقم (1049/م ن/ب4) الذي أعاد السماح للمصارف السورية ببيع وشراء القطع الأجنبي فيما بينها، وَالناجمة عن عمليات الشراء من الأفراد والمؤسسات المالية والمصارف الأخرى. وميزة هذا القرار الصادر عن المجلس المعني بالسياسات النقدية، هي أنه بحاجة إلى "تذييل" من رئيس الحكومة، فصدر القرار مصادقاً من عماد خميس رئيس الوزراء الجديد على مبدأ "طج توقيعك يا خميس".
وفي نهاية الجلسة الماراثونية أصدر درغام القرار الحاسم 1062/ل/إ الذي ألغى بموجبه كافة القرارات الصادرة في 2014 و2015 التي تعيق إصداراته.
وبناء على المستجدات الحالية، نسأل: لماذا الآن؟ وهل توجد فعلاً سيولة كافية بالقطع الأجنبي (دولار–يورو) لتلبية الطلبات التي قد تنهال بدءاً من تاريخ التنفيذ؟ وفي حال توافرها فمن أين أتت؟ وهل قرارات دولية مستقبلية سوف تمهد لقرارات داخلية أخرى؟
من المتوقع أن نشهد حركة أعمال جيدة للمصارف السورية، كونها توقفت عن تمويل المستوردات بالدولار منذ زمن ميالة، كما أن التجار متعطشون للاستيراد عبر المصارف العامة منها والخاصة، وَالتي تربطهم بها علاقات قوية في سورية ولبنان (معظم المصارف السورية)، فهي الشريك الجديد القديم لهم منذ أن كان بعضها يعمل في المناطق الحرة فقط، وحتى وصولها إلى السوق السورية الداخلية. لكن وبعد قرابة الأسبوع على إصدار حزمة القرار لم تحرك المصارف السورية ساكناً، فهل اعتبروها جدية أم مجرد "ضربة شمس" أصابت درغام؟