"درع الوطن" على خطى "حماية الشعب" في الأمن الذاتي

28 يونيو 2015
النظام يستعطف الأهالي خشية خسارة دعمهم (getty)
+ الخط -
في ظل الانهيارات العسكرية لقوات النظام السوري وعدم قدرتها على حماية قواعدها، فضلاً عن حواضنها الشعبية، اندفعت الأقليات نحو الأمن الذاتي وتشكيل مليشيات لتأمين وإدارة مناطق تواجدها.
وأدى نجاح "قوات حماية الشعب" الكردية في شمال شرق البلاد، في مهام الحماية والإدارة الذاتيتين، إلى محاولة تكرار التجربة في مناطق أخرى على غرار "درع الوطن" في السويداء، معقل الموحدين الدروز، والتي يحاول النظام من خلال سماحه بهذه الخطوة الحفاظ على علاقته بمحافظة السويداء.

اقرأ أيضاً: خريطة المليشيات في السويداء: 8 للنظام و4 للطائفة

عوامل ولادة "درع الوطن"

وعلى الرغم من أنّ فكرة "درع الوطن" لا تتعدى بضعة أسابيع، غير أنها سرقت اهتمام أبناء المحافظة، وخصوصاً بعد اقترابها من خيارهم بعدم الاصطفاف مع أي من الأطراف المسلحة.
ويناط بـ"درع الوطن" حماية محافظة السويداء فقط من أي اعتداء، على أن يكون تسليحه من القوات النظامية، حيث ينسق قائد الدرع نايف العاقل، وهو عميد متقاعد حاصل على وسام بطل الجمهورية في حرب تشرين 1973 ضد إسرائيل، ويحظى باحترام وشعبية في المحافظة، الأعمال العسكرية مع الفرقة 15 قوات خاصة، والمنتشرة في المنطقة الجنوبية في حين أن قيادتها في السويداء.
ومهّدت عوامل عدّة لولادة "درع الوطن"، أبرزها عجز النظام السوري عن حماية المناطق الحاضنة لقواعده الشعبية بعد تقدّم قوات المعارضة في مختلف الجبهات. ومن ضمن هذه الحواضن محافظة السويداء، حيث سحب النظام كميات كبيرة من القطع العسكرية وأفرغ متحف المحافظة وصوامع الحبوب، في مشهد مشابه لما حدث في المدن التي انسحبت قواته منها. ومن بين العوامل أيضاً، خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الآتي من الشرق و"جبهة النصرة" والفصائل الإسلامية من الغرب، فضلاً عن أصداء ارتكاب "النصرة" مجزرة في حق الموحدين الدروز المتواجدين في جبل السماق بريف إدلب. ويضاف إلى ذلك، السباق الإقليمي والدولي لاستخدام ورقة حماية الأقليات في محاولة لاستغلال اقتراب الخطر من الموحدين الدروز.
أما العامل الأخير، فيتمثل في الحراك الدبلوماسي الذي قاده الزعيم اللبناني، وليد جنبلاط، والداعي إلى تحالف الموحدين مع الفصائل المعارضة والابتعاد عن النظام. كما ساهم ارتفاع نداءات الموحدين في فلسطين والجولان السوري المحتلين للدفاع عن إخوانهم في السويداء وجبل الشيخ بريف القنيطرة، في ترسيخ فكرة الأمن الذاتي، فيما حاولت إسرائيل استغلال التطورات للتدخل بذريعة "حماية الموحدين"، وهو ما جوبه بالرفض من الداخل الفلسطيني المحتل ومن الموحدين في سورية أيضاً. وتزامنت مشاورات جنبلاط مع انتشار أنباء عن سيناريو حصار دمشق. ولتخفيف انعكاس ذلك على أهالي السويداء، سُربت أنباء عن اتفاق بين جنبلاط والسلطات في الأردن على تأمين ممر إنساني وعسكري للمحافظة في حال حدوث شيء، واتفاق مماثل إسرائيلي أردني، نفته الأردن. 

وفيما كانت تشهد علاقة النظام بالسويداء تردياً وسوء تعاطي الأجهزة الأمنية مع قيادات المحافظة، وجد النظام السوري نفسه أمام خيارات صعبة قد تفضي إلى خسارته للمحافظة.

تسوية النظام

ولتفادي ذلك، زار رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك، الذي يعتبر الشخصية الثانية في النظام السوري بعد الرئيس، بشار الأسد، المحافظة، خلال الأسبوعين الماضيين، مرات عدة، التقى خلالها رجال دين ووجهاء محليين. وقالت مصادر مطلعة في السويداء، طلبت عدم نشر اسمها لـ"العربي الجديد"، إن "مملوك كان ينصت لأحاديث من التقاهم من ممثلي العائلات وقيادات دينية وعسكرية، في حين لم يكن يتحدث كثيراً، مؤكداً التاريخ الوطني الطويل للمحافظة، والحرب التي تخوضها الدولة ضد الإرهابيين التكفيريين".

وتأتي هذه اللقاءات على ما يبدو لتعزّز تفاهماً غير معلن بين الموحدين والنظام كان نتاجه إقرار الأخير تشكيل "درع الوطن".

كما قبل النظام تسوية أوضاع جميع الشباب الفارين والمتخلفين عن الخدمة العسكرية الإلزامية الراغبين في الالتحاق بدرع الوطن، والذين يقدر عددهم بأكثر من 20 ألف شاب، إضافة إلى فتح باب التطوع لكل قادر على حمل السلاح، في حين يحافظ الموحدون على ارتباط السويداء بالدولة السورية.

وقال سالم، وهو شاب من إحدى قرى السويداء فار من الخدمة العسكرية، منذ أكثر من ثلاث سنوات، لـ"العربي الجديد": "أعيش مع كثير من أبناء قريتي في سجن كبير منذ تركت الجيش، لأنني لم أستطع أن أكون جزءاً من اللعبة"، لافتاً إلى أنه "يفكر اليوم بالالتحاق بدرع الوطن لتأمين حماية أهله والخلاص من السجن الذي يعيش فيه".

وأوضح أن "من يرغب بتسوية وضعه يسير بمهمة من شعبة تجنيده إلى مركز الفرقة 15، حيث يبقى فيها قرابة أسبوعين ليفرز عقب ذلك إلى أقرب حاجز من قريته أو مدينته"، مضيفاً أن "التشكيل حالياً هو عبارة عن حواجز حراسة على مداخل المحافظة والقرى، إضافة إلى مجموعات للمؤازرة في حال حدوث أي اعتداء".

اقرأ أيضاً: السويداء تمنع قوات النظام من إفراغ سلاحها

ويسعى القائمون على قيادة مليشيا "درع الوطن" إلى توحيد جميع الفصائل المسلحة في المحافظة الدينية وغير الدينية تحت رايته، الأمر الذي يواجه صعوبات، خصوصاً في ظل وجود ارتباطات بين بعض تلك المليشيات وزعامات موحدة خارج سورية، إضافة إلى وجود قرى ومدن في المحافظة تسعى إلى التسليح الذاتي، وقد شُكلت لجان لهذا الأمر.

المساهمون