"درة" التونسية العائدة من سورية تروي مأساتها

12 فبراير 2016
تم تمويه الصورة بغرض الخصوصية (العربي الجديد)
+ الخط -


عانت التونسية، درة الورتاني، من ويلات الحرب في سورية، نجت من القصف عندما انهار بيتها في الغوطة، ففرت بصحبة زوجها السوري وطفلها يوسف، وجنينها، بحثا عن الأمان في مخيمات اللاجئين، لكن الجوع والبرد كانا في انتظارهم، خُطف زوجها وتعرضت إلى الاعتقال والتعذيب من قبل قوات النظام.

تقول درة، المولودة عام 1988، لـ"العربي الجديد" "تعرفت على زوجي، وهو سوري الجنسية في تونس، عام 2004، تزوجنا بعد حوالي عام في تونس، وأنجبت طفلي الأول، لكن رغم ذلك لم يتمكن زوجي من الحصول على الإقامة، فقرر العودة إلى مسقط رأسه، واضطررت للسفر معه إلى سورية، تاركة طفلي لدى والدتي على أمل أن يتمكن من استكمال دراسته في تونس.

عاشت درة في الغوطة، وكانت حياتها عادية قبل الحرب، تمكنت من إنجاب طفل ثان أسمته يوسف، وقررت البقاء في البيت لرعايته. كانت ظروف العائلة المادية مقبولة، وكان زوجها ينشط في مجال تجهيز قاعات الأفراح، وهو من عائلة معروفة في سورية.

لكن الحرب أثّرت على حياتهم كثيرا، كانوا يستمعون إلى دوي القصف ويشاهدون الجثث يوميا في كل مكان، إلى جانب الاعتقالات المتكررة والعشوائية.

وتؤكد درة أن البيت سقط فوق رؤوسهم جراء القصف، وأنها نجت رفقة زوجها وطفلها يوسف وجنينها بأعجوبة، وبعدها كانوا يقتحمون البيوت المهجورة ويعيشون فيها. لا يجدون من الطعام إلا القليل ولا يملكون المال، وكلما حصلت مداهمات يقفزون من النوافذ.

وتكشف درة أن ما عاشته من أهوال لا يمكن وصفه، ولكن التجربة التي مروا بها في مخيمات اللاجئين كانت المعاناة الأكثر قسوة، فقد انتقلت من الغوطة إلى مخيمات "روضة الزبداني"، وهناك نادرا ما كانوا يحصلون على طعام من منظمات الإغاثة، كما لا يسمح لهم بالطبخ، وقد عمقت الظروف المناخية من معاناة اللاجئين، فكثير من الأطفال ماتوا جراء البرد القارس، وآخرون من سوء التغذية.

وتؤكد الشابة التونسية أن العيش في مخيم للاجئين معاناة حقيقية يصعب إيجاد وصف لها، كما أنها تعجز عن وصف معنى الحرب. "تم اعتقال زوجي، وكثير من شباب المخيمات، بعضهم قتل وآخرون ما زال مصيرهم مجهولا حتى اللحظة".

وتحكي عن لحظاتها الصعبة في سورية قائلة إن قوات النظام أوقفتها بمجرد أن عرف أنها تونسية، وتم التحقيق معها عدة مرات متكررة، وكانت في كل مرة تستجوب لعدة ساعات، ثم ترسل إلى المخيم، كما طلب منها عدم الذهاب إلى أي مكان إلا بعد انتهاء التحقيقات، مبينة أنها تعرضت للضرب والتعنيف.

اقرأ أيضا:نساء متشدّدات.. 700 تونسيّة في "داعش" و"النصرة"

في تلك الأثناء، كان ابنها الصغير في المخيم وحيدا، ولا تدري في كل مرة إن كانت ستعود إليه مجددا أم لا، فقط قلب الأم يدفعها إلى التحلي بالصبر، لكن في قرارة نفسها تشعر بالذل والإهانة والخوف من المجهول.

انتهت التحقيقات بعد نحو 3 أشهر. خلال تلك الفترة لم يعد زوجها إلى المخيم، وبدا الحمل ثقيلا حيث كانت على وشك الولادة، وتساءلت أي مصير ينتظر رضيعتها التي كانت شاهدة على الحرب والتعذيب؟

لم تتحمل درة العيش في مخيمات اللاجئين، بدأت تشعر بالانهيار، فقررت مغادرة المخيم، والعودة إلى تونس، فتوجهت إلى سفارة تونس في سورية، هناك روت للمسؤولين مأساتها، واصطدمت بعدة صعوبات أولها كيفية سفر طفلها يوسف معها كونه سوري الجنسية. كانت أمام خيارين، إما أن تتخلى عن طفلها، أو تحمله معها مهما كانت المشاق، نامت في الشارع وفي العراء أمام مكتب السفارة، ثم لاح بصيص نور بعد أن قررت السفارة تمكين يوسف من وثيقة مرور ومنحه الجنسية التونسية.

سافرت مع طفلها عن طريق لبنان، وبعد إيقافها للتثبت من هويتها، عادوا وسمحوا لها بالسفر.

وتشير درة إلى أن ظروفها في تونس صعبة، فهي بمثابة لاجئة في بلدها، لا بطاقة علاج ولا منحة تعيل بها أطفالها، وكانت ولادة طفلتها صعبة ولم تجد حتى الآن بيتا يؤويها هي وأطفالها، لا عمل ولا أقرباء يمكن أن تستند عليهم في محنتها، زارت كثيرا من الجمعيات، والتقت كثيرا من المسؤولين، ولكن لا حلول تذكر.

رفضت درة أن ننشر صورتها، لأن كثيرا من التونسيين يخلطون بين أوضاع التونسيات العائدات من سورية، لكنها وافقت لاحقا بعد التشديد على ضرورة عدم ظهور ملامحها في الصورة التي ننشرها.


اقرأ أيضا:تونسيات إلى سورية.. بغاء أم تغرير؟

المساهمون