"دبلوماسية الاستخبارات": وسيلة إسرائيل لتوسيع تحالفاتها الدولية

13 أكتوبر 2017
دفع نتنياهو نحو تطوير حرب السايبر (مناحيم كاهانا/فرانس برس)
+ الخط -

سلّط التقرير الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في عددها الصادر يوم الأربعاء الماضي، الأضواء بشكل غير مباشر على آليات توظيف إسرائيل قدراتها الاستخبارية في تعزيز علاقاتها بالدول المتحالفة معها وإغراء أخرى بالاقتراب منها، إلى جانب دور المعلومات في تعزيز مكانة تل أبيب الدولية، خصوصاً في ظلّ سياسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في تعزيز حرب السايبر.

وحسبما كشفت الصحيفة الأميركية، فإن "ضباط (وحدة 8200)، أي وحدة التجسس الإلكتروني التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، تمكنوا من التعرف إلى ثغرة في جدران حماية الشبكات المحوسبة لوكالة الأمن الوطني الأميركية (أس أن أي)، يحاول قراصنة روس التسلل عبرها باستخدام برامج مضادة للفيروسات، بهدف الحصول على معلومات استخبارية حساسة".

وأضافت الصحيفة، أن "وحدة 8200 أبلغت وكالة أس أن أي الأميركية، مما أفضى إلى إحباط المحاولة. وتنضم الخدمة الاستخبارية الإسرائيلية هذه إلى جملة من الخدمات التي قدمتها الاستخبارات الإسرائيلية للولايات المتحدة، في الآونة الأخيرة. فقد كشفت وسائل الإعلام الأميركية، قبل أربعة أشهر، أن السبب وراء اتخاذ سلطات الطيران المدني الأميركي قراراً يحظر بموجبه على المسافرين الآتين من عدد من الدول العربية والإسلامية والأوروبية، اصطحاب حواسيب محمولة، يعود إلى تقديم الاستخبارات الإسرائيلية معلومات تفيد بأن تنظيم داعش يخطط لتفخيخ حواسيب محمولة وتفجيرها عندما تحلق الطائرات في الأجواء الأميركية".

وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن "الاستخبارات الإسرائيلية تقدم للولايات المتحدة معلومات استخبارية حول الحركات الجهادية، تسهم في تحسين قدرة التحالف الدولي الذي تقوده واشطن على المسّ بهذه الحركات، خصوصاً في العراق وسورية".

وأسهمت المعلومات الاستخبارية المقدّمة لواشنطن في تعزيز مكانة إسرائيل لدى الولايات المتحدة، وتجاوز الحرص على تطوير العلاقات مع تل أبيب النخب السياسية الأميركية المتأثرة بدور اللوبي اليهودي، إلى حدّ أن المؤسستين العسكرية والاستخبارية الأميركية مراهنة على التعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية في تمكينها من تحقيق أهدافها في المنطقة والعالم.



وقد نوّهت إذاعة الجيش الإسرائيلي أخيراً إلى أنه "بغضّ النظر عن توجهات مؤسسة الرئاسة في واشنطن إزاء القيادة السياسية في إسرائيل، فإن قادة الجيش الأميركي يشدّدون دائماً على أهمية وحيوية التعاون مع المؤسسات العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية، بسبب العوائد الكبيرة لهذا التعاون".

ونظراً للطاقة الكامنة في "دبلوماسية المعلومات الاستخبارية" في تعزيز مكانة إسرائيل الدولية، فقد عمدت تل أبيب إلى جمع معلومات عن أهداف تشكّل خطراً على الدول الأوروبية ولا تشكّل خطراً مباشراً على إسرائيل ذاتها. فقد كشفت صحيفة "ميكور ريشون" الإسرائيلية، مطلع الأسبوع الحالي، النقاب عن أن "الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية تستثمر جهوداً كبيرة في مراقبة الشباب الأوروبي المسلم، من المنضمين للحركات الجهادية العاملة في سورية والعراق، وتقديم معلومات عنهم للحكومات الأوروبية، بغية توظيفها في إحباط عمليات قد يقدم هؤلاء على تنفيذها بعد عودتهم إلى أوروبا".

ونوّهت الصحيفة إلى أن "العملية الإرهابية التي استهدفت باريس، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، مثّلت نقطة تحوّل دفعت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) إلى اتخاذ قرار بالاهتمام بجمع معلومات حول نشطاء التنظيمات الجهادية من أصول أوروبية، بغية تقديمها للأوروبيين وتوظيفها في إحباط عمليات محتملة".

وأشارت الصحيفة إلى أن "السلوك الإسرائيلي أسفر عن تعزيز مكانة إسرائيل لدى الكثير من الدول الأوروبية. وإن كانت إسرائيل تتجسس على الروس من أجل تعزيز مكانتها لدى الولايات المتحدة، فإنها في المقابل تتجسس لصالحهم في سورية من أجل تحسين قدرتها على تحقيق خارطة مصالحها هناك".

في هذا الصدد، كشف قائد "لواء العمليات" في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال إيتسيك تورجمان، أن "الاستخبارات الإسرائيلية قدّمت معلومات استخبارية حول مخططات لجماعات سورية لاستهداف القوات الروسية"، مدعياً أن "هذه المعلومات أسفرت عن إحباط هذه العمليات". وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "يديعوت أحرنوت" ونشرها موقعها الجمعة الماضي، أوضح تورجمان أن "الروس قدروا الخطوة وشكرونا عليها".

وقد تبين أن جذور "دبلوماسية المعلومات الاستخبارية" قد تبنتها إسرائيل منذ خمسينيات القرن الماضي. فقد كشف تحقيق أعده يوسي ميلمان، معلق الشؤون الاستخبارية ونشرته صحيفة "معاريف"، في مايو الماضي، أن "وحدة تابعة للاستخبارات العسكرية عملت في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي بهدف جمع معلومات عن الاتحاد السوفييتي وتقديمها للولايات المتحدة وأوروبا". وحسب التحقيق، فإن الوحدة التي أطلق عليها "مسرغاه" قد أسهمت بشكل كبير في تعزيز العلاقات الاستراتيجية والعسكرية والأمنية بين إسرائيل والغرب بشكل عام.



المساهمون