تجددت الاشتباكات في محيط المحطة الثانية (T2) التابعة لبادية دير الزور، بين قوات النظام السوري وتنظيم "داعش" الإرهابي، إثر محاولة الأخير استعادة السيطرة عليها، في حين أعلن التحالف الدولي أن المليشيات الكردية المدعومة من قبله قد تهاجم آخر معاقل التنظيم في مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية، والتي تستعد قوات النظام أيضا للتوجه إليها.
وقالت مصادر محلية إن المعارك في محيط المحطة الثانية (من خطوط نقل النفط العراقي عبر الأراضي السورية) تزامنت مع غارات جوية وقصف مدفعي عنيف من جانب النظام والمليشيات الموالية له، بينما أعلن "داعش"، بحسب وكالة أعماق التابعة له، عن تمكّنه من تدمير دبابتين وإعطاب أخرى، ومدفعين لقوات النظام، بصواريخ موجهة.
وقد نعت مصادر إعلامية تابعة للنظام السوري، في اليومين الماضيين، عشرات العناصر من مليشيات تابعة للعقيد سهيل الحسن، قُتلوا خلال العمليات العسكرية في دير الزور.
كما شيّعت مليشيا "لواء الباقر" في مدينة حلب، أمس الجمعة، أحد قيادييها الذين قُتلوا خلال المعارك مع تنظيم "داعش" في دير الزور، وهو طارق حسين الحسن، قائد أركان هذه المليشيا.
وكانت مصادر إعلام مقربة من المليشيات المدعومة من قبل إيران ذكرت أن لواءي الباقر والقدس أرسلا قوات النخبة للمشاركة في المعارك الدائرة في مدينة دير الزور.
في غضون ذلك، أعلن المتحدث الرسمي باسم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، رايان ديلون، اليوم السبت، أن قوات التحالف تُعد هجوماً على مدينة البوكمال شرق دير الزور.
وقال ديلون، في تصريح صحافي: "ينبغي أن نرسخ المنجزات التي حققتها قوات سورية الديمقراطية في حقول العمر النفطية، ومواصلة تنظيف المنطقة التي لا تزال خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة، ومن ثم الإعداد للهجوم على مدينة البوكمال، التي، وفق اعتقادنا، فيها غالبية قادة داعش".
وأضاف أن "تنظيم داعش يعزز دفاعاته في منطقة على الحدود بين سورية والعراق، تحسبا لهجوم من قبل القوات السورية والعراقية الساعية إلى طرد التنظيم من آخر معاقله"، معتبرا أن مقاتلي التنظيم "باتوا الآن مختلفين تماماً عن المقاتلين الذين حاربهم التحالف في الفترة التي سبقت معركة الموصل، حيث لم نر قتالاً حتى الموت مثل الذي رأيناه في الموصل، وأعتقد أن الأمر يرجع في معظمه إلى معنوياتهم".
ويتوجّب على مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" المدعومة أميركياً عبور نهر الفرات، للسيطرة على البوكمال، في الوقت ذاته الذي تسعى فيه قوات النظام المدعومة روسياً للوصول إلى المدينة، عبر عملية عسكرية من محورين، الأول مدينة الميادين شرق دير الزور، والثاني من قاعدة الـT2 في أقصى جنوب دير الزور على الحدود السورية – العراقية.
وحتى الآن، لم تعبر مليشيات "سورية الديمقراطية" نهر الفرات إلى ضفته الغربية في محافظة دير الزور، إذ يعتبر الفرات الخط الفاصل بين قسد والنظام في المحافظة، والذي شهد اشتباكات بين الطرفين في مناطق عدة على ضفافه، كان آخرها انتزاع "قسد" قرية ذيبان من النظام السوري.
وتعد مدينة البوكمال آخر معاقل تنظيم الدولة في سورية، إضافة إلى بعض قواته المحاصرة في مدينة دير الزور، في حين يتجمع القسم الأخير المتبقي من التنظيم بالعراق في مدينة القائم المقابلة للبوكمال شرق سورية.
وتعوّل إيران على مدينة البوكمال؛ كونها صلة الوصل بين العراق وسورية، وذلك بهدف فتح ممر آمن لها من طهران للعراق ثم سورية وبيروت عبر البوكمال.
وفي شرق حماة، وسط البلاد، قالت هيئة "تحرير الشام" إنها صدّت محاولة تقدم لقوات النظام على قرية الخفية بريف حماة الشرقي، وسط قصف مكثف للطيران الروسي، فيما تجددت الاشتباكات بين الطرفين على أطراف قرية جب أبيض، حيث تمكنت الهيئة من تدمير عربة "بي إم بي" وسيارتين كانتا تحملان عناصر، ما أدى إلى مقتلهم.
كما تستمر الاشتباكات بين "تحرير الشام" وتنظيم "داعش" في قرية خربة الدوش وعدة مناطق في محيطها قريبة من طريق أثريا خناصر، بينما سلم عدد من عناصر التنظيم أنفسهم للهيئة أثناء الاشتباكات.
وقد أصدر مجلس محافظة حماة الحرة بياناً طالب فيه الهيئات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، بإيقاف القصف المتواصل على ريف حماة الشرقي.
وذكر المجلس أن الطائرات الروسية شنت أكثر من 500 غارة على قرى ريف حماة الشرقي وقرى ريف إدلب الجنوبي الشرقي المتاخمة، خلال الأيام الماضية، راح ضحيتها 12 قتيلا وأكثر من 25 جريحاً، بينهم نساء وأطفال.
وتشهد قرى ريف حماة الشرقي، موجة نزوح كبيرة، جراء تصاعد عمليات القصف الجوي والمدفعي التي تطاول بشكل مباشر وعشوائي منازل المدنيين.
تصاعد الاغتيالات بدرعا
في درعا جنوبي سورية، تصاعدت وتيرة عمليات الاغتيال في محافظة درعا، والتي حصدت خلال الأيام الماضية قادة ومسؤولين في المعارضة السورية، وخاصة من "الجيش الحر".
وخلال الأيام القليلة الماضية قتل نحو عشرة قياديين وعناصر في المعارضة جراء استهدافهم بعبوات ناسفة أو إطلاق نار مباشر.
وقتل القيادي في "قوات شباب السنة" إحسان عوض حوشان إثر استهدافه بعبوة في بلدة صيدا، وهو من أبناء محجة في درعا. واغتيل القيادي في "جيش الثورة"، نصار الزعبي إثر إطلاق النار عليه بشكل مباشر في اليادودة مسقط رأسه، يوم أمس الجمعة، في حين نعى في اليوم نفسه "جيش أحرار العشائر"، القيادي عبد الله خلف العفاش العيادات، الذي اغتيل بعد استهدافه بعبوة ناسفة بين بلدتي صماد وسمج، شمالي درعا، وهو من أبناء بلدة صماد.
كما قتل أمس خمسة عناصر من "جيش الأبابيل" التابع لـ"الجيش الحر" على الطريق بين قريتي زمرين وأم العوسج، وتشير التحقيقات الأولية إلى أن قوات النظام تقف وراء اغتيالهم.
وكان قتل القائد العسكري في "اللواء 11" التابع لـ"جيش الإسلام"، مازن صبحي سليمان الجوفي، إثر إطلاق نار بين بلدتي الطيبة والجيزة، في 20 تشرين الأول، وهو من أبناء بلدة الكرك الشرقي.
كما قتل الملازم أول فاروق غزالي، قائد "اللواء 15" في فرقة القادسية 19 الشهر الجاري خلال محاولة تفكيك عبوة ناسفة مزروعة في سيارته بدرعا البلد.
وتشهد المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في درعا، فوضى أمنية وسط انتشار عمليات الاغتيال وزرع العبوات مجهولة المصدر في سيارات "الجيش الحر" والإعلاميين والناشطين.
وكان قد أعلن قبل أيام عن إلقاء القبض على خلية تابعة للنظام مسؤولة عن عمليات تفجير سابقة، وتم تقديمهم إلى محكمة دار العدل التي ستصدر قريباً حكمها بشأنهم.
وأحصى ناشطون مقتل أكثر من 30 شخصا نتيجة عمليات الاغتيال التي استهدفت قادة وعناصر كتائب المعارضة منذ بداية الشهر الجاري.
ودفعت كثرة الاغتيالات، وعدم معرفة منفذيها، دار العدل في حوران التي يفترض أن تحقق فيها، إلى تعليق عملها لمدة أسبوع بهدف تعزيز الإجراءات الأمنية في المحكمة.
وقال رئيس المحكمة عصمت العبسي في تصريحات صحافية إن سبب التعليق هو نقص القوة الأمنية الموجودة في المحكمة، لضبط الأمور حول أسوارها، وإزالة السواتر الترابية القريبة التي تسهل زرع العبوات الناسفة، مشيرا إلى استهداف كوادر وقضاة المحكمة قبل أيام، وزرع عبوات ناسفة بقصد اغتيالهم.
وتعرض قضاة ومحققون في "دار العدل" لمحاولات اغتيال عدة، كان آخرها العثور على جثة محقق سابق فيها، مقتولا أمام منزله في بلدة المسيفرة.
ويقول ناشطون إن معظم عمليات الاغتيال تتم على الطرق التي تشرف عليها قوات النظام بدرعا مثل الغارية الشرقية ـ الصورة، الغارية الغربية ـ صيدا، الكرك ـ رخم، صما ـ بصرى الشام، انخل ـ السريا، وجميعها تتم باستخدام عبوات ناسفة مصنعة بشكل محكم على شكل صخور بازلتية يصعب تمييزها عن الصخور الطبيعية.
وقد اعترفت الخلية التي تم إلقاء القبض عليها في بلدة (علما) شرق درعا من قبل "جيش الثورة" أن النظام هو مصدر هذه العبوات.
لكن هذه العمليات ليس مصدرها فقط قوات النظام، بل أيضا خلايا تنظيم "داعش" التي تنشط بدورها في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وتعتمد بشكل خاص على زرع العبوات اللاصقة، مثل تلك التي استهدفت قبل يومين سيارة إحسان الحوشان قائد لواء "يوسف العظمة" في فرقة شباب السنة. وكما يقوم عناصر داعش بعمليات اغتيال مباشرة بواسطة القناصات.
وإلى جانب الاغتيالات، تنتشر أيضا فوضى السلاح، ويكثر استخدامه لفض النزاعات الشخصية، حيث قتل أمس قائد مخفر مدينة انخل داخل المخفر، خلال محاولته فض شجار بين عائلتين متخاصمتين.