"داعش" يكشف عن مفاوضات ساجدة ــ الكساسبة

16 فبراير 2015
التسجيل تضمن تهجماً على المقدسي
+ الخط -
بث تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ليلة الأحد ــ الإثنين، تسجيلاً مسموعاً يظهر الدور الذي لعبه أحد أهم منظري التيار السلفي الجهادي على مستوى العالم، الأردني عاصم البرقاوي، الملقب بـ "أبي محمد المقدسي"، في الوساطة للإفراج عن الطيار الحربي الأردني، معاذ الكساسبة، الذي أعدمه التنظيم حرقاً.

التسجيل الذي حمل عنوان "كسر الصنم"، تضمن تهجماً على المقدسي، حين اتهم بالعمالة للمخابرات الأردنية والأميركية، ولخّص الفيديو تطور المقدسي الأخير "من مثبط عن الجهاد وداعية إلى القعود.. إلى محارب لمشروع الخلافة الإسلامية"، في ما يعتبر خطة ممنهجة من قبل (داعش) لتدمير مكانة المنظر في صفوف الجهاديين الذين كانت الفتاوى الصادرة عنه محفزاً لجهادهم.

وتكشف الرسائل الصوتية، التي تبادلها المقدسي مع أحد القادة الشرعيين في التنظيم، عبر خدمة "واتساب"،  ولم يكشف التسجيل شخصيته، لكن المقدسي كشف لاحقاً عن تواصله مع المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني، عن أن المفاوضات الفعلية بين المقدسي والتنظيم انطلقت تقريباً في 5 يناير/كانون الثاني الماضي، إذ يقول المقدسي في إحدى الرسائل: "عقوبة الإعدام كانت مجمدة في الأردن وأعيد العمل فيها قبل أسبوعين"، ويعود تاريخ إعادة العمل بالعقوبة إلى 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قبل ثلاثة أيام من سقوط الطيار الكساسبة في أسر التنظيم بعد إسقاط طائرته في منطقة الرقة السورية، خلال مشاركته في غارة على معاقل التنظيم ضمن صفوف التحالف الدولي.

كما يكشف التسجيل عن أن السلطات الأردنية أطلقت سراح المقدسي قبل بث (داعش) فيديو حرق الكساسبة، وليس بعده.

وأعلنت السلطات الأردنية الإفراج عن المقدسي في 5 فبراير/شباط الجاري، بعد أشهر من اعتقاله من دون محاكمة، على خلفية تصريحات بثها على موقع "منبر الجهاد والتوحيد" يصف فيها غارات التحالف الدولي على تنظيم "الدولة الإسلامية"، بأنها "حرب صليبية"، ويصف فيها الجيوش العربية المشاركة في التحالف بـ "الجيوش المرتدة".

وبحسب التسجيل فإن المقدسي كُلف رسمياً من قبل دائرة المخابرات الأردنية للتفاوض مع (داعش)، حاملاً ضمانات بالإفراج عن العراقية المحكومة بالإعدام، ساجدة الريشاوي، التي نفذ فيها الحكم بعد يوم واحد من فيديو حرق الكساسبة، وفي التسجيل يحمّل المقدسي التنظيم المسؤولية عن حياة الريشاوي بعد أن "أصبح مفتاحها في أيديكم"، كما يقول، قاصداً أسر الطيار الكساسبة، ومشدداً في أكثر من رسالة صوتية على أنه يتفاوض من أجل ساجدة وليس الطيار، ومحرضاً على قبول الوساطة حتى لا يخسر التنظيم أنصاره في الأردن في حال فوّت الفرصة.

المقدسي دعا الطرف الذي كان يتواصل معه إلى إزاحة الأمور الشخصية، في إشارة إلى عتب التنظيم عليه على خلفية مواقفه التي انتقد فيها التنظيم ووصف قادته بـ "الجهل"، وذلك في أعقاب إعلان زعيمه، أبو بكر البغدادي، قيام الخلافة، عارضاً في حال نجاح صفقة التبادل أن يقوم هو شخصياً بالإشادة بالتنظيم ومدحه على تخليص الريشاوي مقابل إطلاق سراح الطيار.

وكان المقدسي قد ظهر على شاشة تلفزيون "رؤيا" المحلي، بعد ساعات من الإفراج الرسمي عنه، في مقابلة مرتبة، تحدث خلالها عن دوره في المفاوضات مع (داعش)، ظهر فيها في مظهر المخذول، واتهم فيها التنظيم بـ "الكذب عليه".

وفي هذا السياق، كشفت مصادر سلفية، لـ "العربي الجديد"، عن أن "المقدسي لم يوافق على المقابلة التلفزيونية عندما طلبت منه، لكنه عاد إلى الموافقة بعد مشاورات أجراها مع قيادات في التيار السلفي الجهادي الأردني التي حثته على الظهور التلفزيوني".

[اقرأ أيضاً: أبو محمد المقدسي: رهان الأجهزة الأردنية في مواجهة "داعش"]

وبحسب المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن اسمها، فإن المقابلة التلفزيونية سجلت ثلاث مرات، بحضور جهات أمنية وقيادات سلفية قبل أن يقرر بثها.

ويعتبر الإفراج عن المقدسي رهاناً من قبل الأجهزة الأمنية الأردنية على الرجل للمساهمة في الحرب الفكرية على التنظيم، بعد أن تعامل معه بشكل مباشر خلال المفاوضات وحجم الخذلان الذي أصابه، مع التذكير بأن الرجل له تاريخ طويل بالتحرير من أية التزامات تفرضها عليه الأجهزة الأمنية، والتي كان آخرها الضغوط التي مورست عليه لعدم الحديث عن موقفه من التحالف الدولي للحرب على (داعش)، لكنه شق عصا الطاعة وهاجم التحالف، الأمر الذي كان سبباً في سجنه قبل أشهر.

المساهمون