أصدر والي تنظيم الدولة الإسلامية، (داعش)، في ولاية الفرات الواقعة أقصى سورية، قراراً غير مسبوق بالسماح لعناصر كتائب المعارضة السورية وعناصر جبهة النصرة وعناصر قوات النظام السوري بالالتحاق بالتنظيم والقتال في صفوفه بعد إعلان توبتهم لدى إحدى محاكم التنظيم وحضورهم لدورات شرعية يقيمها التنظيم في معسكراته التدريبية.
واشترط القرار على الراغبين بالعودة إلى مناطق سيطرة "داعش" أن يلتحقوا بالمعسكرات التي يقيمها التنظيم لتأهيل مقاتليه من أجل أن يتوجه مَن يرغب منهم إلى جبهات القتال التي يخوض فيها التنظيم معاركه ضد قوات النظام السوري وقوات حماية الشعب الكردية وقوات المعارضة.
وشمل القرار جميع عناصر فصائل المعارضة، بالإضافة لعناصرالنظام وجبهة النصرة ممّن قاتلوا "داعش" سابقاً، سواء كانوا موجودين ضمن مناطق سيطرة المعارضة أو النظام أو حتى الموجودين في الأراضي التركية ويرغبون بالعودة إلى مناطق سيطرة "داعش"، من دون أن يشمل القرار القياديين في قوات المعارضة وجبهة النصرة الذين استثناهم التنظيم صراحةً.
وجاء هذا القرار بعد خسائر بشرية كبيرة تكبّدها "داعش" في الأشهر الأخيرة منذ انطلاق غارات التحالف الدولي ضد مواقعه وقواته في سورية، إذ خسر "داعش" المئات من عناصره بفعل الغارات التي شنها التحالف على مختلف مناطق سيطرة التنظيم شرق سورية، وخسر المئات من عناصره على وجه الخصوص إثر غارات التحالف على النقاط التي يتمركز بها في مدينة عين العرب، إذ تؤكد مصادر محلية في مدينة منبج، في ريف حلب الشرقي، لـ"العربي الجديد"، قيام عناصر التنظيم بشكل شبه يومي بدفن مقاتلين قضوا إثر غارات التحالف على عين العرب.
كما تكبّد "داعش" خسائر بشرية كبيرة أثناء معاركه ضد قوات حماية الشعب الكردية في منطقة الجزيرة السورية، وخصوصاً في المعارك التي دارت بين الطرفين جنوبي مدينة القامشلي، أقصى شمال شرق سورية، وفي محيط مدينة رأس العين القريبة منها، وفي مدينة عين العرب الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة حلب.
كذلك، أدت محاولته اقتحام مطار دير الزور العسكري، مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلى مقتل عدد كبير من عناصره، حين تمكنت قوات النظام من استعادة منطقة الجفرة الواقعة قرب المطار بعد إجبارها لقوات "داعش" على الانسحاب منها.
ولذلك يبدو أن قرار العفو جاء بدافع الحاجة الكبيرة لدى التنظيم لمصادر التجنيد خصوصاً مع فتح التنظيم لجبهات قتال متعددة في وقت واحد ضد كل من المعارضة السورية وقوات حماية الشعب الكردية وقوات النظام السوري.
كما يسعى "داعش"، في قراره الأخير، إلى الحصول على كميات إضافية من العتاد العسكري ستفيده بلا شك في معاركه، ذلك أن قرار التنظيم بالعفو عن المجموعات والعناصر التي قاتلته في وقت سابق في حال أعلنت تبعيتها للتنظيم، اشترط عليها أن تقوم بتسليم جميع الأسلحة التي تملكها لقيادة "داعش" بحيث تصبح هذه الأسلحة ملكاً للتنظيم.
وأشار التنظيم، في قراره، إلى أن العفو الذي تم بتوجيهات من قائد التنظيم أبو بكر البغدادي، يهدف إلى لمّ شمل عناصر المجموعات المعادية للتنظيم من أبناء المناطق التي تخضع له بعائلاتهم، إذ سيسمح للراغبين بالعودة لمناطق سيطرة "داعش" باللقاء بعائلاتهم التي تقيم في مناطق سيطرة "داعش". وهو الأمر الذي يعتمد عليه التنظيم لجلب المزيد من المتطوعين في صفوفه بسبب التركيبة السكانية العشائرية في مناطق شرق سورية والتي ستدفع بلا شك الكثير من عناصر المجموعات التي تقاتل التنظيم للعودة إلى مناطق سيطرته بهدف الالتحاق بعائلاتهم وعشائرهم التي تسكن مناطق سيطرة التنظيم.