يفتح مقتل ثمانية من رجال الشرطة المصرية، أمس الأحد، في منطقة حلوان، جنوبي القاهرة، الباب واسعاً أمام تساؤلات كثيرة، حول أداء الأجهزة الأمنية، خلال الأشهر القليلة الماضية. في هذ السياق، أعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في بيان نشر على الإنترنت، مسؤوليته عن هجوم بالرصاص، أسفر عن مقتل ثمانية من رجال الشرطة المصرية بينهم ضابط. وذكر التنظيم، في بيانه، أن "مفرزة أمنية من عناصره هاجمت حافلة تقلّ ثمانية من رجال الشرطة في حلوان، وتمكنوا من إطلاق النار عليهم وقتلهم جميعاً". وأضاف البيان أنه "من بين القتلى النقيب محمد حامد، معاون مباحث شرطة حلوان"، ولفت "داعش"، إلى أنه "استولى على أسلحة خفيفة من موقع الاستهداف وعودة عناصره إلى مواقعهم سالمين". وأشار التنظيم إلى أن "العملية تأتي ضمن سلسلة عمليات غزوة أبي علي الأنباري، وثأراً للنساء العفيفات الطاهرات، في السجون المصرية". وبثّ التنظيم صوراً لقتلى الشرطة المصرية، الذين تم استهدافهم.
وبحسب مراقبين، فإن وزارة الداخلية انشغلت بترتيب الأوضاع السياسية بشكل كبير، وبكبت الحريات وتكميم الأفواه، وملاحقة أي معارض للنظام الحالي. بالتالي، يعتبر مراقبون أن فشل الجهاز الأمني في ملاحقة ووقف عمليات الإرهابيين في القاهرة الكبرى، هي نتيجة طبيعية للانشغال بقضايا جانبية وفرعية والدخول في صدامات مع فئات الشعب والنقابات المهنية والعمالية، ودعم النظام الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي ومواجهة معارضيه. ويحذّرون من أن "الانخراط أكثر وأكثر والتدخلات في القضايا السياسية والدخول في صراعات، ينذر بنشاط وتوسع للتنظيمات الإرهابية المسلحة". كما يكشف حادث حلوان، ضعف مسألة التأمين وتدريب القوات الأمنية على مواجهة "الجماعات الإرهابية"، فضلاً عن أزمة حادة ومؤثرة في فشل جهات جمع المعلومات حول عناصر تلك التنظيمات.
والأدهى، بحسب مراقبين، قدرة العناصر المسلحة على استهداف سيارة خاصة ليست تابعة للشرطة المصرية، ثم الهرب والاختفاء تماما عن الأنظار. وهو ما يطرح علامات استفهام حول مسألة تأمين مداخل ومخارج القاهرة الكبرى، لناحية عدم وجود أي كمائن ثابتة ومتحركة في محيط موقع استهداف القوة الأمنية. كما أن الحادثة تثبت وجود خلل أمني كبير في تمركز الكمائن وعدم وجود بعضها في أماكن هامة، وإلا كيف تمكنت العناصر المسلحة من الوصول إلى موقع الحادث وتنفيذ العملية والهرب والاختفاء تماماً.
من جهته، يقول الخبير الأمني، محمود قطري، إن "حادث حلوان وغيره يثبت وجود خلل أمني كبير، لم يتم تداركه حتى الآن، حتى مع تكرار الحوادث الإرهابية التي تستهدف رجال الشرطة". ويضيف قطري لـ"العربي الجديد"، أن "هناك أزمة حقيقة ولا بد من تجاوزها بإحداث تعديلات في قيادات الجهاز الأمني، والدفع بقيادات قادرة على مواجهة هذه الجماعات". ويشير إلى أن "المعلومات هو أهم سلاح في الحرب ضد الإرهاب، ويبدو أنه سلاح خرِب لدى الأمن حتى الآن، خصوصاً في ظل عدم القدرة على الإمساك بطرف خيط لهذه المجموعة التي تعمل لصالح داعش". ويُشدد على أن "إغلاق محيط أي حادث إرهابي لمحاصرة العناصر الإرهابية يحدث بعد هرب المسلحين والوصول لنقطة انطلاقهم"، مطالباً بـ"ضرورة تطوير منظومة البحث الجنائي وجمع المعلومات". ويشير إلى أن "المداهمات التي نفذتها قوات الأمن لم تكن مؤثرة تماماً، وإلا لتوقفت العمليات الإرهابية، خصوصاً أن تنفيذ واقعة حلوان يستلزم إعداداً خاصاً وعناصر مدرّبة على المراقبة والتتبع".