"داعش" يسيطر على الأنبار والحكومة بانتظار معجزة

16 مايو 2015
يتحفظ التحالف الوطني الحاكم على عملية تسليح العشائر(فرانس برس)
+ الخط -
أنهى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الجدل السياسي القائم في بغداد لتسليح أبناء العشائر، ونقل ذخيرة لصدّ الموجات البشرية الانتحارية، بسيطرته على مناطق عديدة في منطقة الأنبار، مرتكباً مجازر حقيقية ضد عدد من العشائر المناهضة وبعض عناصر الشرطة المحلية.  

وقد شن "داعش" وبعد ساعات قليلة من خطاب صوتي لزعيمه أبو بكر البغدادي، أشاد بمن وصفهم "أسود الجهاد" في الأنبار، هجمات عنيفة في المناطق، مستخدماً 19 سيارة مفخخة، 10 منها، كانت من حصة مدينة الرمادي. واستطاع السيطرة على أحياء الجمعية والبو علوان والحوز والزراعة ومركز الرمادي، بما فيها شارع 17 تمور وشارعا الأطباء والمستودع، وأطبق على المجمع الحكومي، واحتلّ أجزاء منه. 

وعلى الرغم من تدخل طيران التحالف الدولي في محاولة منه لكسر المسلحين، إلا أنّه لم يؤثر على مجريات المعارك، رغم قتله العشرات من مقاتلي "داعش". ونسف "داعش" أمس الجمعة مقر قيادة الشرطة وديوان المحافظة ومبنى حكومة الأنبار داخل المجمع الحكومي بالرمادي. كما سيطر على ستة مبانٍ داخل المجمع الحكومي، في ظل استمرار حرب شوارع مع قوات العشائر في الشارع الروسي وسط المدينة.

يقول المقدم حميد فرحان الدليمي من قيادة عمليات بغداد، لـ "العربي الجديد" إن "تنظيم "داعش" استولى على 80% من مدينة الرمادي والمناطق المتبقية معرّضة للسقوط، في حين أنّ الحكومة تقف منتظرة معجزة إلهية". ويوضح الدليمي أنّ "داعش" يملك سلاحاً أقوى من سلاح الجيش والعشائر بأضعاف"، لافتاً إلى أنّ التنظيم أعدم العشرات من أبناء العشائر المناهضة له، و50 عنصراً من الشرطة المحلية.

اقرأ أيضاً:"داعش" يقتل 100 جندي في الفلوجة ويهاجم الرمادي

في هذا السياق، يؤكد مسؤول عراقي رفيع بوزارة الدفاع في بغداد لـ "العربي الجديد"، استيلاء "داعش" على مدينة جبة وبلدة الكصيرات والحاوي و6 قرى مجاورة، تقع جميعها على مقربة من قاعدة عين الأسد الجوية غرب الأنبار. كما استولى على مناطق المعامل ومجمع المصانع العراقية شرق الفلوجة، ومنطقة الهياكل والجامعة جنوب شرق الفلوجة. وشنّ هجوماً مباغتاً على منطقة سبع البور التي تقع على بعد 22 كيلومتراً غرب بغداد، وتمكّن من الاستيلاء على أجزاء واسعة منه. كما استولى على مبنى المستشفى الأردني غرب بغداد ومناطق زوبع، موقعاً خسائر كبيرة في صفوف قوات الأمن والمليشيات في تلك المناطق.

ويحمّل الدليمي، رئيس الحكومة حيدر العبادي سقوط هذه المدن وتوسع داعش وصولاً إلى حدود بغداد، قائلاً، "يتحمل العبادي مسؤولية ذلك بسبب تأخره بتسليح العشائر، وتركهم بمفردهم، ما أدّى إلى ارتكاب هذه المجازر، وباتت الأنبار بشكل شبه كامل بيد "داعش".

في بغداد بدت قوات الأمن والمليشيات أكثر ترقباً وحذراً، منذ صباح أمس، حول أسوارها الغربية والشمالية القريبة من الأنبار. وشوهدت دبابات أبرامز ومدرعات روسية يستقلها الجيش، تتحصن على محيطها وتمنع الاقتراب منها، ولو سيراً على الأقدام".  

اقرأ أيضاً:تمدد "داعش" يفرز تغييرات ديمغرافية غير مسبوقة

ويلفت قائد اللواء الثاني في الجيش العراقي، العميد فاضل خماس لـ "العربي الجديد" إلى أن "داعش اقترب من بغداد في اليومين الماضيين أكثر من 10 كيلومترات من محور الفلوجة ومحور الكرمة، ويزحف بشكل مستمر إلى حزام العاصمة"، مبيناً أنّ الجيش سيدفع بقوات إضافية إلى مناطق التماس مع "داعش" لمنع تقدمه، وانتقال المعركة إلى محيط العاصمة الداخلي. ويضيف أنّ "القوات جاهزة للتعامل مع "داعش"، وسيحترق قبل أن يفكر بالتقدم إلى العاصمة". ويتابع، "هناك غطاء جوي من المروحيات والطيران المتوفر على مدار الساعة، ولسنا قلقين من اقتحام الإرهابيين لبغداد".

اقرأ أيضاً:تسجيل صوتي للبغدادي يهاجم عاصفة الحزم ويتوعد بمعارك جديدة

إلى ذلك، حذّرت المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق، بشرى العبيدي في تصريح لها، أمس الجمعة، من تبعات سيطرة مسلحي "داعش" على أجزاء واسعة جديدة من الأنبار. قالت إن "الوضع الأمني في الرمادي خطير، وعلى الحكومة الاتحادية التحرك سريعاً لاحتواء التراجع الأمني في المدينة بعد سيطرة الإرهابيين على مناطق جديدة في مركزها"، مشيرة إلى أنّ سيطرة داعش على الرمادي ينذر بالوصول إلى بغداد.

وأكّدت أن "الجهات المعنية اقترفت "خطأ كبيراً"، بإعادة العائلات النازحة التي كانت متواجدة في بغداد إلى الرمادي أخيراً، لافتة إلى أن تلك العائلات وقعت تحت التهديد مرة أخرى من قبل "داعش". وأشارت إلى أنّ "غياب الاستراتيجية الواضحة من قبل القوات الأمنية قادت إلى "وضع العائلات في دائرة الخطر".

ميدانياً، رصدت "العربي الجديد" المئات من العائلات العراقية على طول الطريق الرابط بين الأنبار وبغداد، محاولين الفرار من مناطق المعارك، في الوقت الذي تمنع فيه قوات الأمن العراقية إدخالهم، على الرغم من مناشدات أطلقها سياسيون ومنظمات إنسانية تطالب بإدخالهم، وتعتبر منعهم مخالفة للدستور.

ويتحفظ التحالف الوطني الحاكم للبلاد على عملية تسليح العشائر السنية بالأنبار، كما يرفض تمرير قانون الحرس الوطني الذي تشكل بموجبه قوات من أهالي الأنبار لدحر "داعش"، ضمن مبررات تندرج حول منع تكوين قوة ذات بعد مذهبي في العراق، ما اعتبرته أحزاب وتشكيلات عراقية مرفوضاً وازدواجية بالمعايير التي تبيح تشكيل مليشيات من طائفة معينة.

المساهمون