استطاع تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) أن يسحب القوات الأمنية والمليشيات إلى الجبهات في الأنبار وصلاح الدين، ليسبب خللاً أمنياً داخل بغداد والمحافظات الأخرى، الأمر الذي أتاح له فرصة تنفيذ أعمال عنف وتفجيرات، أربك من خلالها الأمن الداخلي، فيما حمّل مراقبون الحكومة نتيجة ذلك لسوء إدارة الحرب ضد التنظيم.
ورأى الخبير الأمني الاستراتيجي، واثق العبيدي، أنّ "داعش استطاع أن يسحب القوات الأمنية إلى جبهات القتال، ليفتح ثغرة داخل العاصمة بغداد ويزعزع أمنها".
اقرأ أيضاً: "داعش" يحقق تقدماً جديداً في الأنبار ويتوعد رئيس البرلمان
وقال العبيدي لـ"العربي الجديد"، "إنّ داعش لديه بُعد استراتيجي في التخطيط، ويستطيع المناورة والقتال في جبهات عدّة، فهو يمتلك بالإضافة إلى الخطط العسكرية، العدد والعدة الكافية". مبيناً أنّه "استطاع جرّ القوات الأمنية إلى الأنبار وصلاح الدين ليفتح ثغرة داخل بغداد وديالى، وينفذ هجماته التي لا تقل خطورة وضرراً عن احتلاله المدن".
كما اعتبر أنّ "الحكومة اليوم تقف عاجزة أمام هذا الخلل الأمني، فالقوات الأمنية والمليشيات عجزت عن تحقيق أهدافها في الأنبار والفلوجة وصلاح الدين، ولم تشهد أي من تلك المناطق استقراراً أمنياً، فيما لا تزال مرابطة هناك، تاركة جبهة الداخل مكشوفة أمام داعش يضرب كيفما شاء".
وفي هذا السياق، دعا الخبير الأمني، الحكومة ورئيسها، حيدر العبادي، إلى "الاعتراف بعدم القدرة على صدّ تنظيم الدولة، وعدم المكابرة التي دفع العراقيون بسببها دماء المئات والآلاف منهم"، مشدّداً على ضرورة أن "تستعين الحكومة بقوات دولية للتدخل وعدم الاعتماد على مليشيات الحشد الشعبي، التي أثبتت فشلاً كبيراً، وكشفت عن أجندتها الطائفية".
يشار إلى أنّ معركة الأنبار والفلوجة التي أعلن عن انطلاقها في الـ13 من الشهر الحالي، تسببت في نقل غالبية القوات الأمنية إلى الجبهات، وعلى الرغم من توقف المعركة فإنّ القوات الأمنية ومليشيات "الحشد الشعبي" لا تزال مرابطة في المحافظة، ولا تستطيع الانسحاب العلني منها، الأمر الذي تسبب في خلل أمني داخل بغداد.
إلى ذلك، أكّد عضو المكتب السياسي لـ"تحالف القوى العراقية"، حيدر الملا، أنّ "مواجهة تنظيم داعش تحتاج إلى تضافر جهود كل الشخصيات والقوى السياسية".
ورأى أنّه "من المؤسف سماع بعض المواقف الرخيصة من بعض الأطراف والشخصيات، التي تحاول وضع العراقيل أمام تنقية الأجواء للمصالحة ورص الصفوف، بدلاً من المحافظة على الدم العراقي الذي نزف وينزف في خان بني سعد وبغداد، وبقية المحافظات العراقية".
كذلك، شدّد على أنّ "مواجهة عدو كداعش يحتاج منّا أن ندرك أنّ هذه الأصوات الرخيصة التي تضع العراقيل أمام جهود المصالحة، وتسوية ملفات الاستهداف السياسي السابقة، إنّما هي شريك لهذا العدو، وتعمل بأجندة تصب في مصلحته، بعدما بات واضحاً أنّها لا تستطيع أن تنمو سياسياً، إلّا على حساب الدم العراقي والفساد المستشري".
وكانت موجة عنف ضربت، ليل أمس الثلاثاء، العاصمة بغداد، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، بعضهم من القوات الأمنية.
وقال مصدر أمني لـ"العربي الجديد"، إنّ "28 شخصاً قتلوا، وأصيب 45 في انفجار سيارة مفخخة قرب محال تجارية في منطقة بغداد الجديدة، شرقي بغداد"، بينما قتل ثلاثة مدنيين وأصيب 13 في انفجار سيارة مفخخة في منطقة الشموخ الخاصة في حي البياع، جنوبي بغداد.
إلى ذلك، قتل ثلاثة مدنيين وأصيب سبعة آخرون في انفجار عبوة ناسفة قرب محال تجارية في منطقة الغزالية. أمّا في شمال بغداد، فقتل خمسة جنود وأصيب 11 في تفجير انتحاري بسيارة مفخخة، استهدفت قوات من الجيش في منطقة البحيرات في قضاء الطارمية.
كما قتل، أيضاً، ضابط وأصيب ثلاثة جنود في انفجار عبوة ناسفة في بلدة الرشيد جنوب بغداد، في وقت قتل فيه شرطي وأصيب اثنان آخران في اشتباك مع مسلحين اقتحموا ملهى ليلياً، وقتلوا شخصاً كان في داخله وسط بغداد.
وبالتزامن مع هذه التفجيرات، عثرت دورية شرطة على ثلاث جثث مجهولة الهوية لرجلين وامرأة، كانت ملقاة في أحد شوارع منطقة التاجي شمالي بغداد، وبدت على الجثث آثار طلقات نارية.
وفي ديالى، أكّد مصدر محلّي لـ"العربي الجديد"، أنّ "تسعة أشخاص قتلوا وأصيب 27 في انفجار سيارة مفخخة في قرية الندا، غرب بلدة مندلي الحدودية مع إيران.
اقرأ أيضاً: المليشيات تقتل وتعتقل العشرات في ديالى