"داعش" و"جبهة النصرة" يرثان "الجيش الحر" في جنوب دمشق

17 نوفمبر 2014
تُجرى المفاوضات من أجل انسحاب "الحر" (يوسف كرواشان/فرانس برس)
+ الخط -


تتواصل عمليات اغتيال قيادات وعناصر "الجيش الحر" في جنوب دمشق، المحاصر منذ نحو عامين، ما يساهم بتبدّل مشهد القوى المسيطرة على الأرض لصالح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) و"جبهة النصرة"، وسط اتهامات من ناشطين للدول والقوى الداعمة لفصائل المعارضة المسلّحة، بمحاولة إنهاء "الجيش الحر" في جنوب دمشق.

وأفاد الناشط من جنوب دمشق، أبو عمر الشامي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، بأن "الحصار الطويل أنهك الفصائل المعارضة المنتمية للجيش الحر، المسيطرة على أحياء جنوب دمشق، في ظل انخفاض الدعم إلى حدّ أصبح فيه المقاتل يجد صعوبة كبيرة في تأمين الاحتياجات المعيشية الأساسية له ولعائلته".

وأضاف أن "هناك مشكلة تزيد الطين بلة، وهي أن مناطق جنوب دمشق، التي وقّعت على هدن مع النظام وبدأت بتلقّي المواد الغذائية، تمنع تلك المواد عن أهالي أحياء التضامن والحجر الأسود ومخيمي اليرموك وفلسطين، وهي مناطق سكنية عشوائية، تضمّ خليطاً واسعاً من السوريين، وإن كان هناك نسبة كبيرة منهم من أبناء محافظة القنيطرة المهجرين من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي يهدد النسيج الاجتماعي في المنطقة وعلاقات الفصائل المسلحة".

وحول انسحاب فصائل "الجيش الحر" من مناطق جنوب دمشق، كشف الشامي عن أن "هناك مفاوضات تجري بين فصائل الجيش الحر والنظام، حول انسحابهم إلى مناطق التضامن والحجر، وذلك تحت ضغوط قلة الدعم والجوع". ولفت إلى أن "الفصائل في هذه المناطق وجّهت رسالة إلى باقي الفصائل، بما معناه أنه إذا كنتم تريدون أن نستمر في الدفاع عن المناطق، يجب أن تساعدونا في موضوع تأمين احتياجاتنا من المواد الغذائية، وعدم معاملتنا كغرباء".

وأضاف الناشط السوري "يجري داعش مفاوضات مع النظام، من أجل الالتحاق بأرض الخلافة، على حد قول عناصره. ولا نعلم إن كان الالتحاق سيتمّ في الوقت القريب، أم بعد القضاء على فصائل الجيش الحر". 

من جانبه، أكد الناشط أبو يوسف الجولاني، في حديث لـ "العربي الجديد"، أنه "بعد توقف القتال بين فصائل الجيش الحر وتنظيم داعش، استأنف الأخير نشاطه، باستقطاب المقاتلين والشباب المدنيين، عبر إغرائهم برواتب مرتفعة. فينال الأعزب 300 دولار أميركي شهرياً، بينما يصل راتب المتزوج إلى 600 دولار، بحسب عدد أفراد عائلته، فضلاً عن تلقيهم دعماً غذائياً وعتاداً عسكرياً". وتابع "تغري قوة التنظيم الأمنية المقاتلين، لما يمنحهم من شعور بأمان كبير".

ولفت إلى أن "عمليات الاغتيال وخطف قيادات وعناصر فصائل الجيش الحر والجبهة الإسلامية، مستمرة منذ أشهر، حتى أصبح التحرك في مناطق جنوب دمشق عقب مغيب الشمس أمرا خطيرا جداً". ولفت إلى أن "عمليات الاغتيال لا تطال داعش، وقد يكون الأمر عائداً إلى قوته الأمنية وتحركات عناصره القليلة".

وأوضح أن "موازين القوى في جنوب دمشق، موزّعة بشكل متساوٍ بين داعش وجبهة النصرة وباقي الفصائل، البالغ عددها نحو 10 فصائل". وأضاف أن "الفصائل تتناحر في ما بينها، بصراعات ناتجة عن اختلاف الجهات الداعمة. فتغلب عليهم المصالح الضيقة وعدم تنازل قادتها عن مماحكاتهم الشخصية، الأمر الذي يصبّ في نهاية الأمر في مصلحة النظام وداعش، الذي يُعدّ الأقوى بين التنظيمات مالياً وعسكرياً، وهو لم يخض أي معركة مع النظام، بل خاض فقط معركة يتيمة مع بعض فصائل الجيش الحر قبل أشهر، ولم تستمر طويلاً".

وتابع الناشط "تختلف طبيعة وتوجهات المقاتلين المنتمين إلى داعش عن النصرة، فمعظم المتوجهين إلى داعش، يغريهم المال والقوة، أما من يتوجه إلى النصرة فهم أصحاب عقيدة وإيمان بالجهاد، فوضع النصرة المادي، ليس أفضل من فصائل الجيش الحر بكثير".

من جهته، رأى الناشط سعيد الغريب، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "توقف الدعم الموجه لفصائل الجيش الحر في جنوب دمشق، يُعتبر السبب الرئيسي لزيادة التطرف فيها، في وقت لم يتوقف دعم داعش، الذي يكبر أمام كل الدول وأجهزة الاستخبارات المحلية والدولية، ولا نستغرب أن يتعرّض جنوب دمشق لقصف من قبل التحالف الدولي، أو أن يتفق داعش مع النظام على أن ينسحب من المنطقة عقب القضاء على فصائل الجيش الحر".

وأوضح أن "أزمة جنوب دمشق لا تقتصر على المقاتلين، فإن قررت الفصائل الانسحاب، سينسحب القرار على عشرات آلاف المدنيين والناشطين، الفاقدين الثقة بالنظام، وخصوصاً عقب عمليات الاعتقال التي قام بها النظام في المناطق المهادنة وحمص".

يشار إلى أن عشرات آلاف المدنيين محاصرين في جنوب دمشق، في ظل وضع إنساني مأساوي، جراء النقص الشديد في المواد الغذائية ومياه الشرب، كما قضى عشرات الأشخاص جوعاً، في ظل جمود جبهات القتال.

المساهمون