"داعش" تُحاصر مستشفيات الموصل

26 سبتمبر 2014
لا تجرى عمليات إلّا للحالات الحرجة(مروان إبراهيم/ فرانس برس)
+ الخط -
شهد العاشر من شهر حزيران/ يونيو الماضي سقوط مدينة الموصل، شمالي العرق، في يد مسلحي الدولة الإسلامية (داعش). ومنذ ذلك التاريخ، بدأ العدّ التنازلي لجودة الخدمات الطبية والصحية التي تقدمها مستشفيات المدينة ومراكزها الطبية. تلك المستشفيات التي اشتهرت بدقة عملها، واستقطبت منذ تأسيسها قبل عقود، مئات الآلاف من المرضى والمراجعين من العراق ودول الجوار.

وعن ذلك، يقول الطبيب في مستشفى ابن سينا التعليمي وسط الموصل "ع.م." إنّ "النقص الكبير الذي تعانيه حالياً المستشفيات الحكومية والأهلية، على حد سواء، بالأدوية والعلاجات والتجهيزات غير الطبية، والكوادر الطبية والتمريضية والإدارية، من أهم اسباب التردي الخدمي فيها".

ويضيف: "جاء ذلك نتيجة لسيطرة المسلحين على المدينة، وقطع التواصل والإمدادات مع العاصمة بغداد، وإقليم كوردستان المجاور، وباقي المحافظات، بالإضافة إلى انقطاع التواصل مع تركيا وسورية". ويتابع أنّ من الأسباب أيضاً "انقطاع التيار الكهربائي المستمر، الذي أوقف عمل الكثير من الأقسام والمختبرات. وكذلك عدم تسلم المحافظة لميزانيتها التشغيلية، ما أربك عمل المؤسسات الطبية التي لم تتمكن من توفير احتياجاتها من الأسواق المحلية والخارجية. ويضاف إلى كلّ هذا، سوء تعامل المسلحين مع الطواقم، وتعليماتهم التي أثارت استياء العاملين في المستشفيات، ما دفع بعضهم الى ترك العمل وخاصة الكادر النسوي والأقليات".

ويقول الطبيب إنّ العمل يقتصر اليوم، على معالجة الحالات الطارئة في المستشفيات المكتظة بالمرضى والمراجعين بسبب الوضع الأمني والتلوث البيئي الحاصل، ونقص الخدمات وسوء التغذية والمضاعفات لدى المرضى نتيجة قلة الأدوية. ويشير إلى أنّ المستشفيات لا تجري عمليات جراحية، إلّا للحالات الضرورية والحرجة، بسبب عدم توفر المستلزمات الطبية اللازمة، بخاصة مادة التخدير.

وتضم مدينة الموصل مجمعاً طبياً كبيراً غربي المدينة، يشتمل على مستشفى ابن سينا التعليمي، والمستشفى الجمهوري، ومستشفى البتول للولادة، ومستشفى الأورام والحميات، ومستشفى الطب العدلي، ومصرف الدم. وخارج المجمع يوجد مستشفى الموصل العام، ومستشفى للأطفال في الساحل الأيمن للمدينة. فيما يضم الساحل الأيسر، مستشفى السلام، ومستشفى الخنساء للولادة، ومستشفى ابن الأثير للأطفال. بالإضافة إلى عشرات المراكز الطبية الأولية، والمستوصفات المنتشرة في أرجاء المدينة. وتقول الطبيبة "ف. و." من مستشفى البتول للولادة، إنّ الطبيبات والممرضات والموظفات أضربن عن العمل في المستشفيات، احتجاجاً على مضايقات المسلحين، وتدخلهم في كل أمر، وإجبارهن على لبس الخمار والنقاب. إلاّ أنّ المسلحين هددوا بمحاسبة من لم تواصل دوامها وتلتزم بالأوامر "ما اضطرنا الى العودة للمستشفيات خوفاً".

وتشير إلى أنّ المسلحين يقفون على أبواب المستشفى ليمنعوا كلّ من لا تلتزم بالزي المفروض "رغم أنّ الخمار والنقاب، يعيقان عملنا، في إجراء الفحوصات والعمليات، بل ويصيبان الأطفال بالخوف أيضاً". وتتابع الطبيبة أنّ إحدى زميلاتها، منعت من إجراء عملية لأحد المرضى، إلّا بعد ارتدائها الخمار، إلّا أنّها رفضت وغادرت المستشفى نهائياً.

وتؤكد الطبيبة أنّ هناك تزايداً، في حالات الوفيات بسبب شح الأدوية والجرعات، بخاصة بين الأطفال. وتشير إلى تسجيل 25 حالة وفاة بين الأطفال المصابين باللوكيميا، فضلا عن وفيات بأمراض أخرى. كما تتوقع أن يرتفع عدد الوفيات مع الوقت، بخاصة بين مرضى الأمراض المزمنة، وكبار السن، إذا لم يتم توفير كلّ احتياجات المستشفيات. وتشير إلى أنّ المستشفيات تعتمد حالياً على مخزونها من الأدوية، لكنه سينفد قريباً، في ظل الحصار الحكومي المفروض على المدينة.

من جهته، يقول المعاون الطبي في مستشفى السلام التعليمي شرقي الموصل "ق. ج."، إنّ المسلحين "عينوا واحداً منهم مديراً للمستشفى رغم وجود مدير لها، وبات يتدخل في كل صغيرة وكبيرة، ما دفع المختصين للتوقف عن العمل".

هذا ويلجأ بعض الناس في الموصل اليوم، الى التداوي بالأعشاب ومواد العطارة بعد تعذر الحصول على بعض الأدوية الضرورية لعلاج الأمراض، بخاصة المزمنة. ويقول أبو زيد الذي مات ابنه (9 سنوات) قبل فترة باللوكيميا: "لو حصل ابني على الدم الذي يحتاج إليه في عملية تغيير الدم في مستشفيات الموصل، أو لو تمكنت من أخذه خارج المدينة المحاصرة، لما مات كما يموت غيره اليوم جراء نقص الغذاء والدواء".
المساهمون