أكدت مصادر عدة حصول اتفاق بين النظام السوري وتنظيم "داعش"، لخروج الأخير من جنوب دمشق، على الرغم من توافق الجانبين على نفي ذلك، في حين قالت مصادر أخرى إنه تمّت المباشرة بتنفيذ الاتفاق فعلاً، إذ خرجت دفعة من مقاتلي "داعش" وعائلاتهم باتجاه البادية السورية، وسط تكتّم من جانب النظام على الأمر لأسباب عدة.
ومع صعوبة التحقّق من مجمل المعطيات على الأرض بسبب خروج جميع الناشطين من منطقة جنوب دمشق باتجاه الشمال السوري خلال عمليات التهجير الأخيرة، إلا أنّ مصادر إعلامية قريبة من النظام أفادت بوصول عدد من الحافلات إلى دوار البطيخة ومنطقة الزاهرة شمال مخيم اليرموك، لنقل عناصر تنظيم "داعش" الموجودين في المخيم والحجر الأسود، إلى البادية السورية بريف محافظتي دير الزور وحمص.
من جهته، أكّد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" خروج دفعة أولى بالفعل من مقاتلي "داعش" في جنوب دمشق نحو البادية السورية، إذ دخلت حافلات بعد منتصف ليل السبت – الأحد إلى مناطق سيطرة التنظيم، لتحمل على متنها مقاتلين من "داعش" وعوائلهم متجهة نحو البادية السورية، وذلك في سرية كاملة، بعيداً عن نظر وسائل الإعلام.
ويرى مراقبون أن نفي النظام وحرصه على تمرير عملية خروج عناصر "داعش" بدون ضجيج إعلامي، هدفه عدم لفت الأنظار إلى اتفاقه مع التنظيم، وربما رضوخه لشروط "داعش" بعد نحو شهر من المعارك، فضلاً عن محاولة تجنّب تعرّض قافلة التنظيم للقصف من جانب طيران "التحالف الدولي"، وهو ما سعى التنظيم إلى أخذ ضمانات بشأنه منذ بداية عملية التفاوض، لكن النظام عجز عن تقديم هذه الضمانات.
وكانت قناة "روسيا اليوم" نقلت عما وصفتها بـ"مصادر ميدانية" قولها إنه "جرى الاتفاق على وقف إطلاق النار بين الطرفين اعتباراً من الساعة 12 من ظهر أول أمس السبت، وحتى الساعة الخامسة من فجر أمس الأحد، حيث أبدى التنظيم استعداده لسحب عناصره وعائلاتهم والبالغ عددهم 1700 شخص". وأضافت القناة، نقلاً عن المصادر ذاتها، أنه "لم يتم الاتفاق بعد بشأن الجهة التي سينسحب إليها أفراد التنظيم مع عائلاتهم"، موضحةً أن المجموعات المسلحة في البادية السورية "سبق أن رفضت استقبال المسلحين من جنوب دمشق"، وهذا ما يفسر عدم الإعلان عن الاتفاق رسمياً إلى الآن.
وترددت أنباء عن أن وجهة عناصر "داعش" قد تكون منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي الخاضع لسيطرة "جيش خالد" المبايع للتنظيم، والذي تحاصره فصائل المعارضة في الجنوب من الجهات كافة، ويصعب بالتالي إدخال أحد إلى تلك المنطقة بدون موافقة تلك الفصائل.
إلى ذلك، تواصلت حالة الهدوء في المخيم أمس، بحسب مصادر مختلفة، حيث توقّف القصف المدفعي والجوي والصاروخي وإطلاق النار على كامل المحاور. ويأتي ذلك بعد إعلان قوات النظام تمكنها من السيطرة على كامل الحجر الأسود والالتقاء مع "القوات الصديقة"، لتحصر التنظيم في أجزاء من المخيم وأجزاء من حي التضامن.
وقد أثار تأخّر قوات النظام في السيطرة على مخيم اليرموك استياء مؤيدي النظام، خصوصاً أنّ عدد مقاتلي التنظيم لا يتعدى الـ300 مقاتل. لكن مواقع موالية برّرت ذلك بالطبيعة الجغرافية المعقدة والبنية العمرانية الصعبة التي تمنع توغّل الآليات المدرعة الثقيلة والمصفحة، الأساسية في عمليات الاقتحام البري، إضافة إلى كثافة الأنفاق. غير أنّ ناشطين ومنظمات حقوقية يرون أن هدف قوات النظام من إطالة المعركة مع "داعش" كان أخذ الوقت الكافي لتدمير المخيم لمنع الأهالي من العودة، وإدخال المنطقة، خصوصاً "شارع 30"، في المخطط التنظيمي لمشروع "باسيليا سيتي" العمراني، الذي أقرّته محافظة دمشق في 26 من مارس/آذار الماضي، ويمتدّ من جنوب المتحلق الجنوبي إلى القدم والعسالي وشارع الثلاثين.
وقد نشرت وكالة "أعماق" صوراً تظهر حجم الدمار الكبير الذي أصاب المخيم نتيجة الغارات الجوية والقصف الصاروخي اليومي، فيما بثّت صفحات إخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يظهر سيطرة قوات النظام على كامل شارع الـ30 في مخيم اليرموك، وتظهر فيه بوضوح آثار الدمار الكبير الذي حصل بهذا الشارع.