في أحد أزقة مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة، يسابق المتطوع عماد ياسين الزمن، لتوزيع أكياس ممتلئة بالمواد الغذائية والتموينية، على بعض العائلات الفقيرة في المخيم، علّها تساعدهم في إعداد وجبة الغداء قبل غروب الشمس.
وشكلّ ياسين مع صديقيه أحمد مقبل وأشرف أبو كلوب، قبل نحو سنة، فريقاً تطوعياً يسعى لمساعدة العائلات الفقيرة، من خلال تقديم سلّة غذائية مكونة من الخضروات والفاكهة وبعض اللحوم، بدلاً من تقديم المساعدات المالية النقدية التي قد تُصرف على أمور ليست ذات أهمية للعائلة الفقيرة، من قبل ربّ الأسرة.
ويبين المتطوع ياسين، أنهم انطلقوا في حملتهم، التي رفعت شعار "حفظ النعمة"، استشعاراً منهم بحاجة الفقراء الشديدة في قطاع غزة، ولمعرفتهم الخاصة بعائلات أصبحت لا تجد قوت يومها، والذين لا يطلبون الصدقات ولا يعرفون طريقاً للجمعيات والمؤسسات الخيرية، لطلب العون والمساعدة.
ويقول ياسين لـ"العربي الجديد": "توجهنا في بداية الأمر للمطاعم ومحلات الطبخ، ليزودونا بالأرز والطعام الذي يفيض عنهم مع انتهاء عملهم، ليتم تجهيزه في أوعية مغلفة، توزع على العائلات الفقيرة، إلا أن ذلك الأمر لم ينجح كثيراً لعدم توفر كميات مناسبة".
غير أنّ الفكرة تحولت بعد ذلك لتوزيع سلات غذائية، تحتوي أصنافاً من الخضروات التي تحتاجها الأسرة، من خلال التوجه لسوق الخضار في مخيم الشاطئ، وطرح فكرة المشروع على البائعين وأخذ ما تجود به أنفسهم من الخضروات التي تكون بحالة جيدة، ليتم توزيعها على عدد من العائلات حسب الكمية المحصلة.
واستمر العمل بالطريقة السابقة لنحو ثلاثة أشهر، وفق ياسين، ليبدأ الفريق بعد ذلك بجمع تبرعات مالية نقدية من أهل الخير، ساعدتهم على التوجه لسوق بيع الخضار بالجملة "الخان" وشراء خضروات طازجة، بأسعار مميزة، تخلط مع ما يتم جمعه من تبرعات البائعين في السوق، لتجهز في النهاية سلة غذائية متنوعة الأصناف.
أما الشاب أحمد مقبل (30 عاماً)، فيلفت إلى أن الفكرة لاقت استحسان الكثير من العائلات، لأن توزيع سلة خضروات، تعد فكرة جديدة، ففي الغالب توزع الجمعيات الخيرية أو المؤسسات الإغاثية، المعلبات والبقوليات وغيرها، والتي قد تتوفر لدى العائلات الفقيرة بكثرة.
ويقول مقبل لـ"العربي الجديد"، إنّ عدد العائلات التي استفادت من المشروع الخيري حتى الآن، نحو 200 عائلة، حصلت بعض العائلات من أصحاب الحاجة الماسة على نحو 20 سلة غذائية، على فترات متقطعة، بينما حصلت باقي العائلات على ما يزيد عن خمس مساعدات.
ويشير مقبل إلى أن الفريق التطوعي أعدّ أكثر من ألف سلة غذائية، بينما تبلغ تكلفة أي حملة توزيع نحو 170 دولاراً، تسد حاجة 25 عائلة، مبيناً أن الجهات الداعمة للمشروع، هم أهل الخير من أصحاب المحلات والتجار، والذين قدموا حتى الآن نحو 7000 دولار.
وبدأ المتطوعون الثلاثة، وهم موظفون في حكومة غزة السابقة، عملية التوزيع من خلال دراجة نارية يقودها شخص واحد، متخذين من مخيم الشاطئ الهدف الأساسي لعملهم، بجانب عدة مناطق تجاور المخيم.
ويتمنى القائمون على المشروع أن تتم محاكاة فكرتهم في باقي مناطق قطاع غزة المحاصر، حتى يصل الخير للفقراء الذين لا يعلم بحالهم إلا الله، بينما يعدّ شح التبرعات المالية، من أبرز الصعوبات التي تواجه الحملة، الأمر الذي يؤثر على عدد المساعدات الغذائية المقدمة شهرياً.