"جيب حق القات" لتحصل على لبن العصفور في اليمن

16 فبراير 2015
مطالبات بتأمين العدالة ومكافحة الفساد (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
"جيب حق القات"، كلمة سحرية في اليمن، يمكن بعدها أن تحصل حتى على لبن العصفور. هو مصطلح مزدهر جداً، ينافس بانتشاره عبارة "صباح الخير"، ويعني بطبيعة الحال: "أريد رشوة". توجد عبارة تلقى رواجاً، أيضاً، ترتبط بإنجاز المعاملات، بحيث يقول الموظف أو مقدم الخدمة بطريقة سريعة: "حق بن هادي"، وعليك هنا أن تعرف طريقك للحصول على مرادك. بعض المرتشين يكون أكثر مباشرة، يخلع عبارات المجاز ويقول لك: "حرّك إيدك"، فما عليك سوى أن تحركها نحو جيبك.

يوميات الفساد 
يقول المواطن اليمني، صلاح عبدالله، إنه وجد نفسه مضطراً لدفع رشوة بلغت 1500 ريال للحصول على وثائق شخصية منها شهادة ميلاد لابنه، رغم أنها مجانية. وهي حالة من بين آلاف الحالات التي تكرس الفساد في اليمن كسلوك اجتماعي ينصهر بيوميات المواطنين، من الحصول على معاملات بسيطة مروراً بالتوظيف والإفادة من خدمة عامة وصولاً إلى ركن سيارة في شارع... لا بل وصل الفساد الى الجهات الرقابية المولجة بمحاربة مظاهره! إذ يعتبر الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، والهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات، واللجنة العليا للمناقصات والمزايدات، أجهزة، تشكل عبئاً على الدولة لا أكثر، بحسب الخبير، غمدان باحمدون، الذي يقول لـ "العربي الجديد": "يستشري الفساد في اليمن في مختلف أجهزة الدولة، في القطاع النفطي، في الوظيفة العامة، في المناقصات، فضلاً عن انتشار الرشوة والمحسوبية والتعيينات في المراكز القيادية للدولة، والتي تتم وفق النفوذ السياسي والقبلي والمناطقي بعيداً عن الكفاءة العلمية والإدارية".

ضعف جهاز القضاء
من جانب آخر، يؤكد الحقوقي، الدكتور فهد الحميري، لـ"العربي الجديد"، إن ضعف القضاء ساهم في تفشي هذه الظاهرة، وجعل 70% من أبناء اليمن يعانون من سلبيات الفساد، في حين أن من يعملون على تغذية الفساد لتحقيق مصالحهم لا يتعدون 30%. ويلفت الحميري إلى أن أسباب الفساد تتعدد وتتداخل مع بعضها بعضاً، فهناك أسباب اقتصادية واجتماعية، الأمر الذي يستوجب وجود جهاز قضائي قوي وعادل يسهم في الحد من هذه الظاهرة. بدورها تعترف الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أن هناك قصوراً في التشريعات والقوانين، حيث توجد نصوص وتشريعات تحول دون المكافحة الناجعة لممارسات الفساد.
هذه التحديات، التي يشكلها الفساد أمام العملية التنموية، تزيد من تفاقم أزمات المواطنين المعيشية بحسب الباحث، عبدالله عبدالرقيب، ويقول :"إن الفساد الذي تعاني منه اليمن ولد حالة من الفوضى لدى الكثيرين، وصارت ممارسة هذه الظاهرة علناً دون خوف كون أجهزة الرقابة التابعة للدولة، وكذلك التابعة للمنظمات المدنية، أما القضاء فضعيف وغير قادر على محاسبة الفاسدين." ويلفت الى أن كلفة الفساد تزيد عن ثلث ميزانية الدولة، بمعنى أن ما يزيد عن 4 مليارات دولار تعد حصة الفساد من الموازنة العامة. إلى ذلك، يصف عبد الرقيب الأجهزة الرقابية التابعة للدولة بأنها أجهزة لشرعنة الفساد، وأن وجودها لا قيمة له.
يقول الكاتب الاقتصادي، محمد العبسي، لـ "العربي الجديد"، إن الجزء الأكبر من الفساد في اليمن يكمن في السياسة المالية للدولة، حيث يتم استهلاك ثلاثة بنود فقط مما يعادل 75% من إجمالي الموازنة، ويبين أن هذه البنود التي تشكل بؤرة للفساد تتمحور في: المرتبات وزيادة التوظيف والتجنيد العسكري.
أما عن الفساد في القطاع النفطي، فيقول المدون الاقتصادي، محمد العبسي، إن ما لا يقل عن ثلثي النفط المنتج يومياً يذهب لصالح الشركات الأجنبية وشركات المقاولين من الباطن على هيئة "نفط كلفة"، في حين أن كل ما يذهب لصالح الحكومة اليمنية، لا يتعدى الثلث أو النصف في أحسن الأحوال. ويضيف لـ"العربي الجديد": "وصل الإنتاج النفطي الكلي للشركات العاملة في القطاع النفطي والدولة في عام 2009 إلى 280 ألف برميل يومياً، وعند إجراء نفط التقاسم تبين أن حصة الشركات النفطية والمقاولين بالباطن بلغت 109 آلاف و977 برميل نفط خام، بينما حصة الحكومة اليمنية بلغت 157 ألفاً و293 برميلاً".
دلالات
المساهمون