"جواهر السماء"... مصدر رزق لصيادي العراق والخليج

19 ديسمبر 2017
الخليجيون يقبلون على اقتناء الصقور (Getty)
+ الخط -
يمثل الصيد موسماً لعمل عدد من العراقيين، بينما تزداد نسبة البطالة  في البلد الغني بالنفط، لاسيما مع ارتفاع عدد الخريجين من المعاهد والجامعات، في ظل عدم وجود خطط حكومية لاستيعاب الخريجين الجدد، وتوفير فرص عمل لهم في دوائر ومؤسسات الدولة، بعدما دمرت الحرب ضد تنظيم "داعش" الكثير من المصانع ومصادر الدخل.
وبلغت البطالة معدلات قياسية، لتصل إلى 29% في 2016، بعدما كانت 11% عام 2005. ويشهد العراق، وفق تقرير حديث للبنك الدولي، واحدة من أدنى نسب العاملين الى السكان في المنطقة. كما تفاقمت نسبة الفقر من 9% عام 2004 إلى 33% العام الماضي.
وبحسب تقارير أعدتها وزارة التخطيط مؤخراً، فإن 95% من العراقيين ما زالوا يعيشون على خدمات وبنى تحتية تم إنشاؤها في الفترة التي سبقت عام 2003 (الغزو الأميركي للبلاد)، من بينها الطرق والجسور ومحطات الكهرباء والمياه والمباني الحكومية والمدارس والمستشفيات وحتى المناطق الترفيهية. إلا أن هذه الخدمات تراجعت بفعل تقادمها والتلاعب بمخصصات صيانتها.
وساهمت الحرب على "داعش" التي شهدها العراق بالسنوات الأربع الماضية في هجر الصيادين للصحراء والبادية، ما منح المنطقة فرصة كبيرة لتكاثر الطيور والحيوانات البرية النادرة فيها، بشكل جعلها في نظر الكثير بمثابة فرصة كبيرة لجني الأموال والتجارة، خاصة عبر اصطياد الصقور التي تحظى باهتمام القادمين من دول الخليج العربي، ويصل سعر الواحد منها إلى نحو 80 ألف دولار.


وتتركز الطيور النادرة والحيوانات البرية في صحراء الأنبار (غرب العراق) وبادية نينوى (شمال) والسماوة وغرب كربلاء (جنوب)، لتحوي هذه المناطق أغلب ما يبحث عنه هواة الصيد أو الباحثون عن ربح سريع عبر بيع ما يتم اقتناصه.
وتزخر تلك المناطق بأنواع مختلفة من الصقور النادرة، كالحوم والباز والعقاب الجارح، وطيور الحبارى الثمينة والهدهد، والغزلان والفهود والأرانب البرية وبعض أنواع الخنازير.
ويقضي الصيادون أياماً أو أسابيع عدة في رحلات عبر سيارات رباعية الدفع ووسائل صيد مختلفة للحصول على ضالتهم، وهو ما يمكن اعتباره تشغيلاً لليد العاملة أيضاً بالعراق في هذا الموسم عدا عن الربح الذي يجنيه الصيادون.
ويعتمد الصيد على المهارة والحس في تحديد أماكن مرور الصقور القادمة من بلدان مجاورة للعراق، حيث تتخذ من بوداي وصحارى العراق مُقاماً لها، وتباع بأسواق الكويت والسعودية وقطر بأسعار مرتفعة.
والأسبوع الماضي سمحت السلطات العراقية  بدخول الصيادين من دول الخليج مرة أخرى، لكن وفقاً لضوابط وشروط مسبقة حددتها، وطالبت الالتزام بها خوفاً على حياتهم من أعمال خطف يتعرضون لها أو هجمات إرهابية.
وبيع أول صقر عراقي تم اصطياده بصحراء الأنبار بمبلغ 30 ألف دولار لأحد الهواة الكويتيين من مربي الصقور، إلا أن آخرين يتحدثون عن صيد صقر نادر كبير بيع بمبلغ 60 ألف دولار، وهو ثمن يقابله شراء منزل بالعراق على سبيل المثال، وهو ما دفع بكثيرين للتوجه إلى هناك أملاً في أن يحالفهم الحظ في الصيد، بينما بيع غزال ريم عراقي بمبلغ 5 آلاف دولار مع صغيريها.
وقال عضو جمعية الصقور العراقية محمد حسين عبد الرحمن في حديث مع "العربي الجديد"، إن" العراق يعتبر واحداً من البلدان العربية التي تشتهر بانتشار أنواع من الصقور ذات الأنواع الفريدة وغالية الأسعار يصل سعر الصقر الواحد إلى أكثر من 60 ألف دولار، ولنا أصدقاء من دول خليجية يأتون للصيد في هذا الموسم".
وأضاف عبد الرحمن: "المواسم السابقة شهدت تراجعاً في أعداد الصيادين، لكن هذا الموسم أفضل وبدأ الصيادون بالعودة وهذا طبعاً يساهم في تنشيط السياحة، ولكن هناك ضوابط حكومية عراقية تمنع الكثير من التنقل في البادية".
وتابع أن "بادية العراق تعتبر امتداداً للمنطقة العربية وتكثر فيها الصقور الغالية والنادرة وتمتاز عن الصقور الأخرى، وهناك صيادون رغم المخاطر يأتون وينجحون في اصطياد عدد قليل منها"، مشيراً إلى أن أحد الصيادين الخليجيين اصطاد هذا الموسم صقراً أطلق عليه اسم الأشهب وهو بعمر لم يتجاوز 9 شهور وصل سعره في بلاده إلى 80 ألف دولار.
من جهته قال أحد صيادي الصقور العراقيين ويدعى قيس العبادي لـ"العربي الجديد" إن "موسم الصيد بالنسبة للصقور يمتد لأربعة شهور يبدأ من أكتوبر/ تشرين الأول ولغاية يناير/كانون الثاني، ونستغل هذه الأشهر والموسم بين اصطياد 5 صقور أو لا نصطاد وهذا يعتمد على الرزق، ونحن هذا الموسم اصطدنا ثلاثة صقور فقط واحدٌ منها تم بيعه بسعر 35 ألف دولار، ونحن نعرف كيف نصطادها والمواقع التي تطير بها ونحن نسميها الجواهر الطائرة فهي جوهرة السماء ورزق لمن يبحث عنه، ولكن عملية الصيد ليست سهلة كما يعتقد البعض فقد تدفع حياتك ثمناً للصيد أو تعتقل".
وأعلنت قيادة عمليات الرافدين في محافظة المثنى العراقية وسط البلاد عن اعتقال 13 صياداً بينهم 8 كويتيين في بادية السماوة، مشيرة إلى عدم حصولهم على تراخيص للصيد، بينما تم ضبط 11 صقراً بحوزتهم.
المساهمون