يومياً، يعمل محمد الهندي (42 عاماً)، من سكان بلدة الباذان، شرق مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، في فلسطين المحتلة، في قص نبات القصب، المعروف بعدة أسماء، من وديان القرية، باحثاً عن رزقه ورزق أشقائه وأبنائهم. لا يقتصر الأمر على الحصاد، بل يعودون مع ما حصدوا إلى ورشتهم في القرية بالقرب من منازلهم، ليبدأوا مرحلة التصنيع، وتحويل القصب إلى أشكال جميلة عديدة، منها الأطباق والسلال.
منذ 15 عاماً، بدأ محمد الهندي عمله في مهنة نسيج الأطباق والحصر (بسط من القصب)، وارثاً هذه المهنة عن والده الذي رحل عندما كان محمد في السادسة عشرة. افتتح الوالد تلك الورشة قبل أكثر من خمسين عاماً، بعدما تعلم من والده بدوره المهنة. الجدّ كان يصدّر ما يصنعه من سلال وأطباق القش إلى الأردن.
سكين قص القصب لا يفارق يدي محمد، فيصنع باستخدامه ما يطلبه زبائنه. هو يعتاش من هذه المهنة مع اثنين من أشقائه هما، عبدالله، وناصر، ومع ستة آخرين من أبنائهم. يبدأون يومهم باكراً باحثين عن القصب بين الأودية، فيضطرون لتقسيم أنفسهم إلى مجموعات باحثين عن القصب الناضج ليجلبوه بسرعة إلى ورشتهم خشية من هجمات الخنازير. يأخذون قسطاً من الراحة عند الظهيرة، ويعودون إلى العمل مجدداً في عصر كلّ يوم. يساعدهم أطفال ونساء العائلة في عملهم المرهق، إذ يتعلم الأطفال هذه المهنة منذ سنّ السابعة كما يقول محمد لـ"العربي الجديد".
ناصر ترك الدراسة في جامعته، والتحق بأشقائه في مهنتهم، فهذه المهنة بالنسبة إليه متعة وفن وينتج من نسيج القصب مشغولات يدوية جميلة: "هي مهنة تغنيك عن الوظيفة، بالإضافة إلى كونها مهنة نادرة في الضفة الغربية".
ينمو القصب أو "البوص"، أو "جرو الماء" في الوديان وأماكن وجود المياه والتربة الرطبة، إذ ينتشر في منطقة الباذان المشهورة بوديانها، ويتراوح ارتفاعه بين نصف متر ومتر ونصف، وهو نبات قوي له جذور زاحفة.
تحصل عائلة الهندي على القصب مجاناً من الأهالي، مقابل تخليصهم منه، وربما يشترونه في بعض الأحيان. كذلك، يضطرون إلى السفر إلى أماكن القصب في مناطق أخرى من الضفة الغربية ليحصلوا عليه. ولا بدّ من قص القصب كلّ ستة أشهر حتى يصبح ناضجاً صالحاً لنسيج الأشياء منه، ولا يهم حينها إن كان أخضر اللون مائلاً إلى اللون الأصفر، لكنّ المهم أن يكون ناضجاً، ويحتاج بعد صنعه إلى نحو أسبوع حتى يجفّ.
اقــرأ أيضاً
الأشقاء ورثوا من والدهم الراحل مهنة صنع السلال من القصب، وطوروا ما تعلموه لصنع أشياء جميلة أخرى، تستخدم كمظلات أو جدران للحدائق في غالب الأحيان وكذلك تزيين أسقف المنازل.
قبل 30 عاماً، تعلم عبدالله الهندي، شقيق محمد الأكبر هذه المهنة من والده، واليوم، أصبح مع أشقائه وأبنائهم ينسجون الحصر لبيعها منفردين بهذه الصناعة، في ورشتهم الواقعة على الشارع الرئيس في بلدة الباذان وتبلغ مساحتها نحو 150 متراً مربعاً.
بعد صناعة الحصر من القصب يجري لفّها بشكل أسطواني وتجهيزها لأصحابها بالمقاسات والأشكال المناسبة. كلّ ما يحتاجه صانعو هذه الحصر أدوات بسيطة أهمها المنجل لقص القصب، والسكين لقطع الحجم المناسب منه، والأسلاك المغلفة لربط القصب، والمقص الكهربائي، لصنع أشكال متساوية، لكنّ المهنة في حاجة إلى جهد كبير ومتعب.
في بادئ الأمر، يجري تقشير ورق القصب الذي قد يستخدم أيضاً في هذه الصناعة، ثم تقص عصي القصب بالمقاس المطلوب، وتنسج بواسطة الأسلاك لشدها وتمكينها، ويجري طلاء ما ينتج من القصب بألوان مناسبة وجميلة. كذلك، يميزه وزنه الخفيف، فبعد تجفيف قطعة حصير بطول عشرة أمتار كانت تزن وهي خضراء 50 كيلوغراماً يصبح وزنها بعد التجفيف 15 كيلوغراماً.
تنتج ورشة الهندي مشغولات القصب، تحت الطلب، طوال معظم فترات العام. تُصنع أشكال أخرى منه أيضاً، كالكراسي، وما يسمى "جونية" الغسيل، وهي سلة تستخدم لوضع الملابس المبللة أو الجافة فيها، وسلال صيادي السمك، ومزهريات وأباريق، وخوابي تخزين البصل والبطاطا، وكذلك أطباق القصب التي يوضع التين والتمر فيها. وتباع منتجات الأوعية من القصب بما بين دولار أميركي واحد، وعشرة دولارات.
اقــرأ أيضاً
يشير محمد الهندي إلى أنّ الحصيرة المصنوعة من القصب قوية، وتدوم نحو 20 عاماً. يباع المتر الواحد منها بما بين ثلاثة وخمسة دولارات وتستخدم كمظلات وجدران في الحدائق والمطاعم. وتسوق العائلة تلك المنتجات من القصب في محافظات الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948.
منذ 15 عاماً، بدأ محمد الهندي عمله في مهنة نسيج الأطباق والحصر (بسط من القصب)، وارثاً هذه المهنة عن والده الذي رحل عندما كان محمد في السادسة عشرة. افتتح الوالد تلك الورشة قبل أكثر من خمسين عاماً، بعدما تعلم من والده بدوره المهنة. الجدّ كان يصدّر ما يصنعه من سلال وأطباق القش إلى الأردن.
سكين قص القصب لا يفارق يدي محمد، فيصنع باستخدامه ما يطلبه زبائنه. هو يعتاش من هذه المهنة مع اثنين من أشقائه هما، عبدالله، وناصر، ومع ستة آخرين من أبنائهم. يبدأون يومهم باكراً باحثين عن القصب بين الأودية، فيضطرون لتقسيم أنفسهم إلى مجموعات باحثين عن القصب الناضج ليجلبوه بسرعة إلى ورشتهم خشية من هجمات الخنازير. يأخذون قسطاً من الراحة عند الظهيرة، ويعودون إلى العمل مجدداً في عصر كلّ يوم. يساعدهم أطفال ونساء العائلة في عملهم المرهق، إذ يتعلم الأطفال هذه المهنة منذ سنّ السابعة كما يقول محمد لـ"العربي الجديد".
ناصر ترك الدراسة في جامعته، والتحق بأشقائه في مهنتهم، فهذه المهنة بالنسبة إليه متعة وفن وينتج من نسيج القصب مشغولات يدوية جميلة: "هي مهنة تغنيك عن الوظيفة، بالإضافة إلى كونها مهنة نادرة في الضفة الغربية".
ينمو القصب أو "البوص"، أو "جرو الماء" في الوديان وأماكن وجود المياه والتربة الرطبة، إذ ينتشر في منطقة الباذان المشهورة بوديانها، ويتراوح ارتفاعه بين نصف متر ومتر ونصف، وهو نبات قوي له جذور زاحفة.
تحصل عائلة الهندي على القصب مجاناً من الأهالي، مقابل تخليصهم منه، وربما يشترونه في بعض الأحيان. كذلك، يضطرون إلى السفر إلى أماكن القصب في مناطق أخرى من الضفة الغربية ليحصلوا عليه. ولا بدّ من قص القصب كلّ ستة أشهر حتى يصبح ناضجاً صالحاً لنسيج الأشياء منه، ولا يهم حينها إن كان أخضر اللون مائلاً إلى اللون الأصفر، لكنّ المهم أن يكون ناضجاً، ويحتاج بعد صنعه إلى نحو أسبوع حتى يجفّ.
الأشقاء ورثوا من والدهم الراحل مهنة صنع السلال من القصب، وطوروا ما تعلموه لصنع أشياء جميلة أخرى، تستخدم كمظلات أو جدران للحدائق في غالب الأحيان وكذلك تزيين أسقف المنازل.
قبل 30 عاماً، تعلم عبدالله الهندي، شقيق محمد الأكبر هذه المهنة من والده، واليوم، أصبح مع أشقائه وأبنائهم ينسجون الحصر لبيعها منفردين بهذه الصناعة، في ورشتهم الواقعة على الشارع الرئيس في بلدة الباذان وتبلغ مساحتها نحو 150 متراً مربعاً.
بعد صناعة الحصر من القصب يجري لفّها بشكل أسطواني وتجهيزها لأصحابها بالمقاسات والأشكال المناسبة. كلّ ما يحتاجه صانعو هذه الحصر أدوات بسيطة أهمها المنجل لقص القصب، والسكين لقطع الحجم المناسب منه، والأسلاك المغلفة لربط القصب، والمقص الكهربائي، لصنع أشكال متساوية، لكنّ المهنة في حاجة إلى جهد كبير ومتعب.
في بادئ الأمر، يجري تقشير ورق القصب الذي قد يستخدم أيضاً في هذه الصناعة، ثم تقص عصي القصب بالمقاس المطلوب، وتنسج بواسطة الأسلاك لشدها وتمكينها، ويجري طلاء ما ينتج من القصب بألوان مناسبة وجميلة. كذلك، يميزه وزنه الخفيف، فبعد تجفيف قطعة حصير بطول عشرة أمتار كانت تزن وهي خضراء 50 كيلوغراماً يصبح وزنها بعد التجفيف 15 كيلوغراماً.
تنتج ورشة الهندي مشغولات القصب، تحت الطلب، طوال معظم فترات العام. تُصنع أشكال أخرى منه أيضاً، كالكراسي، وما يسمى "جونية" الغسيل، وهي سلة تستخدم لوضع الملابس المبللة أو الجافة فيها، وسلال صيادي السمك، ومزهريات وأباريق، وخوابي تخزين البصل والبطاطا، وكذلك أطباق القصب التي يوضع التين والتمر فيها. وتباع منتجات الأوعية من القصب بما بين دولار أميركي واحد، وعشرة دولارات.
يشير محمد الهندي إلى أنّ الحصيرة المصنوعة من القصب قوية، وتدوم نحو 20 عاماً. يباع المتر الواحد منها بما بين ثلاثة وخمسة دولارات وتستخدم كمظلات وجدران في الحدائق والمطاعم. وتسوق العائلة تلك المنتجات من القصب في محافظات الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948.