"جدار الرحمة" مبادرة عراقية للتبرع بالملابس المستعملة

15 ابريل 2016
(العربي الجديد)
+ الخط -

ترشد بعض المبادرات في العاصمة العراقية بغداد ومحافظات أخرى، إلى أهمية التراحم بين الناس، لا سيما في الوقت الحالي، إذ تزداد آلامهم من جراء الواقع الأمني المقلق الذي يعيشونه، خاصة في ظل سيطرة تنظيم الدولة (داعش) على مناطق في البلاد، وتنفيذه المستمر لتفجيرات بين المدنيين.

"جدار الرحمة" إحدى تلك المبادرات التي توضح سعي الناس إلى مساعدة الآخرين، وتهوين الصعوبات الحياتية التي يواجهونها، حيث تمتلئ أماكن في شوارع عامة بالملابس المستعملة، لمن هم في حاجة، ومن يتمكن من إضافة ملابس إلى تلك الأكوام.

الغاية من تلك المبادرة التي أطلقها ناشطون بالتعاون مع وزارة الداخلية، توفير ما يحتاجه فقراء الحال والنازحين من ملابس لهم، والمساهمة في نشر الرحمة بين الناس. واختيرت بعض الأماكن لتكون "جدار الرحمة" حيث يتم تعليق ملابس مستعملة على جدار طويل، بالإضافة إلى نشر أخرى على الطاولات.

ليس هناك من يدير المكان، الملابس في مكانها، واللافتات المعلقة تحث الناس على فعل الخير، لا سيما العبارة التي باتت مشهورة عند تلك الجدران، التي تقول "إن كنت لا تحتاج إليها فاتركها، وإن كنت بحاجة إليها فخذها" في إشارة إلى الملابس.

بعض الأشخاص جعلوا من جدار الرحمة هاجسهم اليومي وشغلهم الشاغل، كما هو الحال مع قيس الهنداوي (64 عاما)، والذي يتفقد باستمرار جدار الرحمة القريب من منزله في حي الأعظمية، ويحاول معرفة أي من أنواع الملابس تنفد أسرع من غيرها، ويحض الهنداوي زملاءه المتقاعدين الذين يلتقون في المقهى صباح كل يوم على محاولة جمع الملابس المستعملة من أقاربهم ومعارفهم، ووضعها عند الجدار.

ويقول في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن "أكثر أنواع الملابس التي يأخذها المحتاجون هي ملابس الأطفال. كثيرون صار اهتمامهم بهذا الجدار كبيراً، العراقيون يتراحمون في ما بينهم، هذا ليس جديداً".

منظمات مدنية ودوائر حكومية وأندية رياضية، ووسائل إعلام تشارك في هذه الجدران، فالمبادرة صارت تلفت الجميع لدعمها، بحسب الصحافي أحمد سلمان، والذي أكد أنه "بمجرد أن تناولت وسائل الإعلام المبادرة، سارع الصحافيون إلى التبرع، أغلب المؤسسات الصحافية بادرت للتبرع بشكل جماعي، هذا بالإضافة إلى أن الصحافة أخذت دورها في حث الناس للتبرع عبر المقالات".


بعض المواطنين، أخذوا على عاتقهم ترتيب الملابس، زينة حسين (32 عاما)، أخذت على عاتقها أن تقوم بذلك الدور بشكل يومي، وتقول لـ"العربي الجديد"، إن "جدار الرحمة يخلو من أشخاص يديرونه، فكميات الملابس كثيرة، البعض يقومون بوضع أكوام الملابس التي تبرعوا بها ويرحلون، أو يضعونها مع الملابس الأخرى دون أن تكون مفروزة".

وأضافت: "أذهب باستمرار عند جدار الرحمة، أحياناً برفقة إحدى صديقاتي، أحاول أن أفرز الملابس حسب الأحجام والأنواع، لكي يسهل الأمر على المحتاج، أجد راحة كبيرة وأنا أؤدي هذا العمل، كذلك هناك غيري يتطوعون للقيام بمثل هذا العمل، نحن نحاول أن نشارك في هذا العمل الإنساني، وأن نتراحم في ما بيننا".

وبينت أن غالبية المحتاجين الذين يلجأون لجدار الرحمة لأخذ ما يحتاجون من ملابس، هم من النازحين، والذين هربوا من مناطق سكناهم بعد سيطرة تنظيم "داعش" عليها.
وقال حيدر ناصر (20 عاما)، لـ"العربي الجديد"، إنه وأصدقاءه، وهم ينتمون إلى عائلات ميسورة الحال، كونوا فريقاً لفعل الخير، موضحاً "بالإضافة إلى قيامنا بالتبرع بالملابس لجدار الرحمة، نجمع من أقاربنا تبرعات مالية، وأدوات منزلية، ونذهب بها للأسر المحتاجة".