لا يمكن فصل "ثورة ظفار" التي اندلعت في منتصف الستينيات في جنوب عُمان واستمرّت حوالي عشر سنوات عن سياقات محلية وإقليمية وحتى عالمية، حيث جرى التمرّد ضد حكم السلطان سعيد بن تيمور (1910 – 1972) الذي اتُّهم من قبل خصومه بجعل البلاد تعيش العزلة والتخلّف، كما طالب الثوّار حينها بتحرّر منطقة الخليج كاملة من الاستعمار البريطاني.
ولّد الصراع انقساماً دولياً حوله قائماً على المصالح المتضادة بين بلدان دعمت مسقط في مواجهة المد اليساري والقومي المتنامي في الجزيرة العربية (اليمن الجنوبي وظفار) ومنها إيران والسعودية والأردن، وبين بلدان دعمت الثورة وفي مقدّمتها مصر والعراق، وكان ذلك المشهد جزءاً من الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي والمعسكر الغربي.
يُعرض عند السادسة والنصف من مساء اليوم الخميس في فضاء "برزخ" ببيروت فيلم "دقت ساعة التحرير" (1974) للمخرجة هيني سرور، يُقدّمه نجا الأشقر، ويَليه نقاش مع الباحث عبد الرزاق التكريتي وحفل توقيع لكتابه "ظفار: ثورة الرياح الموسمية" (2019)، بالتعاون "نادي لكل الناس".
يُعتبر الفيلم "المادة البصرية الوحيدة التي تروي يوميات الثورة في إقليم ظفار خلال الستّينيات والسبعينيات، ويسلّط الضوء على "حركة تحرير ظفار" المجابهة لكلّ من الاستعمار البريطاني والحكم الملكي في عُمان، وكذلك على دور المرأة الجوهري في المقاومة الشعبية"، بحسب بيان المنظّمين.
يقدّم الفيلم الذي استمر تصويره قرابة ثلاث سنوات مشاهد حيّة على مدار اثنتين وستين دقيقة لواقع الحياة التي حاولت الحركة إرساءها من خلال إقامة المدارس والمساعدة في أعمال الزراعة وبناء المعسكرات لتدريب كوادرها على حمل السلاح، إلى جانب عرض لقطات من الأرشيف فيها معسكرات وقوات بريطانية في الخليج أثناء ضربها للثوار.
أما كتاب "ظفار، ثورة الرياح الموسمية"، فيتضمّن قراءة معمّقة تبدأ بعرض الأوضاع المعيشية السيئة التي دفعت إلى انطلاق الثورة، والمراحل التي مرّ بها تنظيم الثوار الذي بدأ بسيطاً وغير منظّم قبل اتصالهم بحركة القوميّين العرب ورفع شعار تحرير الخليج بعد عام 1968.
ويناقش المؤلّف أيضاً الانشقاقات بين رفاق السلاح ومحاولة فهم أساب إخفاق ثورتهم، بالاعتماد على طيف واسع من المصادر الشفوية والأرشيفية، والسعي إلى استرجاع التاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي لهذه الثورة، والكشف عن الدور المركزي للحركات الشعبية التي أدّت بمشاركتها إلى قيام الدولة الحديثة.