"تويتر" والمشاكل التي لا تنتهي

16 أكتوبر 2017
لم ينجح جاك دورسي بمهمته بعد (درو أنغيرير/Getty)
+ الخط -
منذ عامين، عاد جاك دورسي لمنصب الرئيس التنفيذي لشركة "تويتر"، لمحاولة إنقاذها من الغرق. حينها، ارتفع سعر سهم "تويتر" لحوالى 28 دولاراً، خصوصاً مع انطلاق ميزة "مومنتس" في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2015. لكنّ ذلك الأمل لم يستمر طويلاً، فانخفض السهم لأقل من 17 دولاراً إثر رحيل 3 مديرين في يوم واحد. ثم أدى حصول الشركة على حقوق عرض كرة القدم الأميركية إلى ارتفاع سعر السهم قليلاً، ليعود وينخفض مع إغلاق منصة "فاين" في أكتوبر 2016، ويستمرّ بتلك التقلّبات، ليصل إلى سعر 17 دولاراً أواخر الشهر الماضي، مع إعلان "تويتر" رفع عدد أحرف التغريدة إلى 280 حرفاً بدلاً من 140. 

لم يستطِع دورسي حتى الآن إنجاز أي جديد يوحي بأنّ الشركة تستطيع البقاء والمنافسة في المستقبل، خصوصاً مع توسّع إمبراطوريّة "فيسبوك". ورغم تمسّك محبي "تويتر" بالمنصّة، واعتبارها مصدراً للأخبار ومنصةً لتبادل وجهات النظر والنكات حول العالم، إلا أنّ الشركة لا تقدّم لهم المزيد. فحتى زيادة الحدّ الأقصى للحروف في التغريدة لم يستطِع أن يجذب المستخدمين، تحديداً بعد سنوات من مطالبتهم بزرّ التعديل (edit) وإصرار "تويتر" على تجاهل مطالبهم.



ترسم تلك التقلّبات صورةً للمشاكل التي تعاني منها الشركة منذ سنوات، فهي لم تستطع أن تستقطب مستخدمين جدداً، كما أنّها تواجه انتقادات كبيرة إثر تعاطيها مع الحسابات التي تروّج للإرهاب، وما زاد الطين بلّة مشكلة تعاطيها مع العنصرية والتحرش الجنسي، وأخيراً انغماسها في الدعاية الروسيّة خلال الانتخابات الرئاسيّة الأميركية عام 2016.

ولعلّ حملة المقاطعة التي شهدها "تويتر" نهاية الأسبوع الماضي خير دليل على أزمة المنصّة. فقد أطلقت نساء حملة عنوانها #WomenBoycottTwitter (النساء يقاطعن تويتر)، لمقاطعة الموقع، الجمعة، تضامناً مع الممثلة الأميركية، روز ماكغوان، بعد تعليق حسابها على "تويتر" بشكل مؤقت، لمشاركتها رقم هاتف في تغريدة، ما يعد انتهاكاً لسياسة الموقع.
وماكغوان واظبت، طوال الأسبوع الماضي، على التغريد حول تجربتها مع المنتج الأميركي، هارفي وينستين الذي اتهمته باغتصابها، إلى جانب أخريات اتهمنه بالتحرش والاعتداء الجنسي والاغتصاب.

وظهر الوسم ضمن قائمة الأكثر تداولاً على موقع "تويتر" في أنحاء العالم كافة، وأشارت النساء المشاركات إلى أن الهدف من الحملة تسليط الضوء على إساءة معاملة النساء على الموقع، فتوقف المشاركات والمشاركون عن استعمال الموقع عند منتصف ليل الخميس، بتوقيت مدينة نيويورك الأميركية.

وبعد الحملة أعلنت الشركة عن اتباع آلية جديدة، في سبيل حماية الضحايا والمهمشين على الموقع، علماً أنه واجه انتقادات واتهامات طوال سنوات، على خلفية انتشار خطاب الكراهية والتنمر وعدم حماية المستخدمين.

وتفاعل المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي، جاك دورسي، مع الحملة مغرداً "اليوم شهدنا على أصوات تسكت نفسها أو تفصح عن موقفها لأننا لا نزال لا نقوم بما يكفي... قررنا اتخاذ خطوة أكثر هجومية حول قواعدنا وكيفية إنفاذها. قواعد جديدة منتظرة: التمهيدات الجنسية غير المرغوب فيها، العري غير المتفق عليه، رموز الكراهية، مجموعات العنف، والتغريدات الممجدة للعنف".




وأتت تلك الحملة في وقتٍ يُثير فيه "تويتر" الغضب إثر حذفه تغريدات وبيانات ذات أهمية عالية للمحققين، حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية، عام 2016، وفق ما أفاد مسؤولون حكوميون حاليون وسابقون في مجال الأمن السيبراني.

ورأى المحققون الاتحاديون أن "تويتر" شكل أحد أسلحة روسيا الأكثر فعالية، في إطار جهودها الرامية إلى تعزيز فوز الجمهوري دونالد ترامب على الديمقراطية هيلاري كلينتون، وفقاً لموقع "بوليتيكو"، الجمعة.

في الوقت نفسه، قالت وكالة "أسوشييتد برس" إنّ الشركة سلّمت إلى المحققين الأميركيين البيانات الشخصية لـ 201 حساب مرتبط بالمحاولات الروسية للتأثير في الانتخابات الأميركية الرئاسية، عام 2016، بعدما واجهت انتقادات واتهامات بعدم التعاون والتعامل بجدية مع تحقيقات الكونغرس الأميركي.

وأفاد المسؤولون بأن مستخدمين مجهولين أطلقوا موجات متكررة من الأخبار الزائفة والمبالغ فيها، والمؤيدة لترامب والمعادية لكلينتون على "تويتر"، عن طريق إنشاء ونشر جيوش من الروبوتات الآلية، الوسوم الجذابة، والحملات الإعلانية الوهمية. وأشاروا إلى أن البيانات اللازمة لتحديد مصدر هذه الحملات على الموقع وطريقة تواصلها وارتباطها المزعوم بالكرملين حُذفت من "تويتر".

وأحد أسباب التخلص من هذه البيانات يعود إلى سياسة الموقع المشددة إزاء خصوصية المستخدمين، إذ تملي على الموقع السير على خطى المستخدم نفسه، في حال حذف تغريدة أو دفع لقاء إعلانات أو غيرها. كما تفرض على الشركات الخاصة التي تدفع للحصول على تدفق البيانات العالمية، لاستخدامها في التسويق وغيرها من التحليل التجاري، اتباع إجراءات مماثلة.
ويتمثل السبب الثاني في إملاء خبراء المجال السيبراني الروس على الناشطين حذف الآثار الرقمية فوراً، وفقاً لمساعد المدير التنفيذي السابق في "مكتب التحقيقات الفدرالي" (إف بي آي)، روبرت أندرسون، وآخرين مطلعين على العمليات الروسية.

وتنص سياسة الشركة على حذف التغريدات بعد إزالتها على يد المستخدم، إلا أن السياسة نفسها تنص أيضاً على إعفاء بعض التغريدات منها، إذ إن التغريدات المعاد مشاركتها لا تُحذف في حال علّق المغرد الآخر على تغريدة المغرد الأول. كما لا تستطيع الشركة حذف التغريدات المحفوظة بشكل دائم أو مؤقت، أو تلك "المخبأة" Cached في خدمات أخرى مثل "غوغل"، أو المعاد نشرها في مواقع أخرى، وفقاً لـ "أسوشييتد برس".



المساهمون