01 نوفمبر 2024
"توبة" غزة
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، في الأيام الماضية، شريط مصور لما قيل إنه "حلقات استتابة" لأطفال في قطاع غزة. وأثار الشريط سجالاً واسعاً، وأعاد تسليط الضوء على آلية إدارة حركة حماس القطاع، خصوصاً أن المشاهد المصوّرة كانت من ضمن دورة أقامتها وزارة الأوقاف الفلسطينية في حكومة غزة. التوضيح الصادر عن مشاركين في الدورة، والإشارة إلى أن المقاطع مجتزأة، لا يلغيان أن ما هو مصوّر جزء من النشاط الذي قامت به الوزارة، والذي استهدف أطفالاً، كثير منهم لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره بعد، في إطار "استتابتهم" و"رجوعهم إلى الله"، وكأنهم أسس البلاء الذي يعيشه القطاع.
في القطاع ما يكفي من البلاء، ومن المؤكد أن هؤلاء الأطفال ليسوا جزءاً منه. وفي غزة ما يكفي من القضايا الحقيقية، والمشكلات الاجتماعية، التي تحتاج من وزارة الأوقاف إلى الاهتمام بها، خصوصاً مع ازدياد معدل الفقر والجوع في القطاع، بفعل الحصار متعدّد الأوجه، والممارسات السياسية التي قد لا تكون "حماس" بعيدة عنها. وهناك أيضاً ما يكفي من البؤس الذي لن تحله هذه الحلقات، بل من الواجب البحث عن حلول ناجعة له، قد يكون أولها البحث جدياً في إعادة الوحدة إلى الساحة الفلسطينية، بدل الدخول في مزيد من المناكفات وتغليب الحسابات الخاصة على غيرها، سواء بالنسبة إلى مسؤولي "حماس" أو المسؤولين الآخرين القابعين في رام الله.
وبغضّ النظر عن هذه الجزئية، من غير الواضح ما هو المطلوب من وراء هذه الحلقات، وأي أثر مفيد من الممكن أن تتركه على المجتمع في قطاع غزة، والذي باتت علامات التشدد واضحة عليه، ومن المؤكد أن مثل هذه النشاطات ستزيد هذه المظاهر في درجة كبيرة. المشكلة أن علامات التشدد كانت "حماس" نفسها ضحية لها في السنوات الماضية، سواء في معاركها مع "جيش الإسلام"، والذي كانت في تحالف معه في السابق، إلى المعارك في المساجد التابعة للجماعات السلفية، وأخيراً الحديث عن وجود لـ "داعش" في القطاع. والحركة اليوم تدخل في مفاوضات مع القاهرة في إطار ضبط الحدود بعد الاتهامات التي توجه إلى قطاع غزة بأنه مركز أساسي لتصدير المتشددين للقتال في سيناء.
في هذا السياق، لا يمكن للحركة الإسلامية التغاضي عن أن مثل هذه التصرفات كانت، ولا تزال، تمثل بيئةً حاضنةً لمثل هذه الأفكار المتطرفة، في وقت يتجنّد العالم فيه لمواجهتها. ومن المؤكد أن "حماس"، وغيرها من التنظيمات الإسلامية التي تصنف نفسها "معتدلة"، بحاجة إلى إبعاد أية شبهات قد تربطها بالأفكار المتشدّدة، وهو أمر تترقبه وتراقبه إسرائيل والدول الغربية، وحتى بعض الدول العربية، خصوصاً في ظل محاولات "حماس" الانفتاح على المحيط، وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
"الاستتابة" ربما يجب أن تكون عن مثل هذه المظاهر التي انتشرت في القطاع في السنوات الماضية، ووعت لها "حماس" لاحقاً وأوقفت بعضها، على غرار حملات "منع الرذيلة" ومكافحة "التدخين النسائي" وإغلاق المطاعم التي تنظم حفلات موسيقية، وما إلى ذلك من حملات عرفها وعايشها الكثير من الغزيين خلال السنوات الماضية.
بالتأكيد، أهل غزة ليسوا بحاجة إلى حملات "استتابة" دينية، والتي توحي بأنهم غارقون بالملذات، بل ربما من الأجدر أن توجه إليهم "الاستتابة"، وهم الذين عانوا الأمرّين في السنوات الماضية، بداية من معارك الانقسام لتضاف إليها تداعيات الحصار، وما رافقها من اعتداءات إسرائيلية لم توفر حجراً وبشراً.
في القطاع ما يكفي من البلاء، ومن المؤكد أن هؤلاء الأطفال ليسوا جزءاً منه. وفي غزة ما يكفي من القضايا الحقيقية، والمشكلات الاجتماعية، التي تحتاج من وزارة الأوقاف إلى الاهتمام بها، خصوصاً مع ازدياد معدل الفقر والجوع في القطاع، بفعل الحصار متعدّد الأوجه، والممارسات السياسية التي قد لا تكون "حماس" بعيدة عنها. وهناك أيضاً ما يكفي من البؤس الذي لن تحله هذه الحلقات، بل من الواجب البحث عن حلول ناجعة له، قد يكون أولها البحث جدياً في إعادة الوحدة إلى الساحة الفلسطينية، بدل الدخول في مزيد من المناكفات وتغليب الحسابات الخاصة على غيرها، سواء بالنسبة إلى مسؤولي "حماس" أو المسؤولين الآخرين القابعين في رام الله.
وبغضّ النظر عن هذه الجزئية، من غير الواضح ما هو المطلوب من وراء هذه الحلقات، وأي أثر مفيد من الممكن أن تتركه على المجتمع في قطاع غزة، والذي باتت علامات التشدد واضحة عليه، ومن المؤكد أن مثل هذه النشاطات ستزيد هذه المظاهر في درجة كبيرة. المشكلة أن علامات التشدد كانت "حماس" نفسها ضحية لها في السنوات الماضية، سواء في معاركها مع "جيش الإسلام"، والذي كانت في تحالف معه في السابق، إلى المعارك في المساجد التابعة للجماعات السلفية، وأخيراً الحديث عن وجود لـ "داعش" في القطاع. والحركة اليوم تدخل في مفاوضات مع القاهرة في إطار ضبط الحدود بعد الاتهامات التي توجه إلى قطاع غزة بأنه مركز أساسي لتصدير المتشددين للقتال في سيناء.
في هذا السياق، لا يمكن للحركة الإسلامية التغاضي عن أن مثل هذه التصرفات كانت، ولا تزال، تمثل بيئةً حاضنةً لمثل هذه الأفكار المتطرفة، في وقت يتجنّد العالم فيه لمواجهتها. ومن المؤكد أن "حماس"، وغيرها من التنظيمات الإسلامية التي تصنف نفسها "معتدلة"، بحاجة إلى إبعاد أية شبهات قد تربطها بالأفكار المتشدّدة، وهو أمر تترقبه وتراقبه إسرائيل والدول الغربية، وحتى بعض الدول العربية، خصوصاً في ظل محاولات "حماس" الانفتاح على المحيط، وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
"الاستتابة" ربما يجب أن تكون عن مثل هذه المظاهر التي انتشرت في القطاع في السنوات الماضية، ووعت لها "حماس" لاحقاً وأوقفت بعضها، على غرار حملات "منع الرذيلة" ومكافحة "التدخين النسائي" وإغلاق المطاعم التي تنظم حفلات موسيقية، وما إلى ذلك من حملات عرفها وعايشها الكثير من الغزيين خلال السنوات الماضية.
بالتأكيد، أهل غزة ليسوا بحاجة إلى حملات "استتابة" دينية، والتي توحي بأنهم غارقون بالملذات، بل ربما من الأجدر أن توجه إليهم "الاستتابة"، وهم الذين عانوا الأمرّين في السنوات الماضية، بداية من معارك الانقسام لتضاف إليها تداعيات الحصار، وما رافقها من اعتداءات إسرائيلية لم توفر حجراً وبشراً.