"ترمينيتور": بعيداً عن السلسلة

07 نوفمبر 2019
يحاول الفيلم التحرّر من إرث السلسلة الشهيرة (Imdb)
+ الخط -
بشكل لافت للانتباه، أصبح Terminator: Dark Fate، ليتم ميلّر، أحد أكثر أفلام عام 2019 إثارة للجدل، لكون كلّ طرف من طرفي الجدل هذا (من يراه سيئًا ومن يراه جيدًا) يملك وجهة نظر صلبة للغاية.
الفيلم هو سادس أجزاء السلسلة المشهورة، التي أطلقها جيمس كاميرون عام 1984، والتي حقّق جزؤها الثاني، Judgment Day، عام 1991، نجاحًا خارقًا، جعله من كلاسيكيات سينما الحركة والخيال العلمي، وأحد أكثر الأفلام شعبية خلال عقد كامل. وهذا قبل ابتعاد كاميرون عن السلسلة أكثر من ربع قرن، أُنجزت خلاله 3 أفلام، في 2003 و2009 و2015، لم يحقّق أيّ منها نجاحًا نقديًا أو جماهيريًا.
من هنا تأتي استثنائية Dark Fate، حتى قبل إطلاق عروضه:
أولاً: وهو الأهم، يُشارك كاميرون مجدّدًا في السلسلة، بكونه منتج الفيلم وكاتب قصته.
ثانيًا: يبدأ الفيلم من حيث انتهى الجزء الثاني عام 1991، مُسقطًا الثلاثية التالية له كأنّها لم تكن.
ثالثًا: تعود الممثلة ليندا هاملتون إلى السلسلة بتأديتها دور سارة كونر، الذي يمثّل أساس الجزأين الأولين.
رابعًا وأخيرًا: المخرج هو تيم ميلر، وهذا فيلمه الثاني بعد Deadpool (2016). مخرج يملك رؤية مختلفة، يفترض بها إعادة إحياء السلسلة كما أحبّها المشاهدون منذ البداية.
ما يصدم في Dark Fate، منذ اللحظة الأولى، القرار الأكثر إشكالية: سارة كونر وابنها جون عام 1998، بالشكل القديم نفسه، حيث استطاعا تغيير مصير العالم في نهاية Judgment Day، ولم تسيطر الآلات عليه، ولم يمت 3 مليارات شخص عام 1997، كما كان مُقدّرًا. ثم يظهر Terminator T-800 (أرنولد شوارزينيغر بشكلٍ معدّل، بتقنية الـ d-aging أيضًا) قادمًا من بعيد، ورافعًا سلاحه، ويقتل كونر. ويستمرّ الفيلم على هذا الخط الزمني الجديد.
هذا قرار ثوري للغاية، يُلقي إرث السلسلة وجزأيها الأولين خلفه، حيث لا مقاومة ولا "سكاي نت"، ولا حتى كونر. يُشبه الأمر أنْ تبدأ سلسلة جديدة لـ"ماتريكس" بقتل نيو (كيانو ريفيز)، أو سلسلة جديدة لـ"حرب النجوم" بقتل لوك (مارك هاميل)، من دون تقدير كافٍ لإرث Terminator، من دون التنبّه إلى أنّ الصراع كلّه في الجزأين الأولين، وتحديداً الثاني، دائرٌ فقط حول حماية كونر. فكيف يُقتل بهذه البساطة؟
يُكمل الفيلم خطه الدرامي الجديد، مُنتقلاً إلى عام 2019، ومُقدِّمًا القصّة المعتادة كما هي: آلي خارق يُرسَل من المستقبل (من شركة تدعى "ليغاند"، حلّت مكان "سكاي نت") لقتل فتاة تدعى داني (ناتاليا رايس)، مع 3 حرّاس، مهمّتهم حمايتها، لأنها مهمة لمستقبل البشرية: مُقاتلة مُرسلة من المستقبل أيضًا، ومُعدّلة لتصبح أقوى، تدعى غريس (ستيفاني جيل)؛ وسارة كونر، التي لم تستعد حياتها بعد وفاة ابنها؛ والآلي "T-800"، المنضمّ إليهما لاحقًا، في صورة كهل.
من الناحية الإيجابية، هذا الفيلم أفضل من الأجزاء الثلاثة الأخيرة. متماسك ومسلٍّ، وإذا شوهد بمعزلٍ عن تاريخ السلسلة، يظهر كفيلم حركة جيد للغاية. لكن أزمته الكبرى أنّه يحاول التحرّر من إرث السلسلة، ويبقى، في الوقت نفسه، أسيرًا للقالب نفسه، إلى درجة أنّه يتّخذ بأكمله البناء السردي نفسه للجزء الثاني، حتى في بعض تفاصيل مَشاهد الحركة. مع هذا، تكمن جاذبيته وقوّته الرئيسية في شخصية سارة كونر، التي تؤدّيها هاملتون للمرة الثالثة بروعة، وبصورة بديعة لعجوز ستينية، مُقاتلة وقوية بدنيًا، وكذلك شوارزينيغر نفسه، الذي يبقى أيقونة في دوره هذا، رغم المسار العجيب وغير المقنع المتّخذ لشخصيته في الفيلم.
ومع الاعتماد على هذا "الإرث" (القصة والبناء والأبطال)، استبدل صنّاعه شخصية ارتبط بها المُشاهد عاطفيًا أعوامًا مديدة، وقرّروا بشكل فجّ تصدير داني، باعتبارها جون كونر الجديد (كما تقول سارة، بجملة شديدة المباشرة). هذا يحمل قطعًا رؤية نسوية وسياسية في أنْ تكون "فتاة سمراء لاتينية" قائدة المقاومة المستقبلية. لكن المشكلة أنّ ناتالي رايس تفتقر إلى أية جاذبية أو إقناع في هذا الدور، وليس كافيًا أبدًا أن تُقبل جماهيريًا بكونها جون كونر لمجرد أن يُقال للمُشاهدين إنها هكذا.
بهذا الشكل، الفيلم جيّد، لكنه غير مقبول جماهيريًا في علاقته بالجزأين القديمين، إذْ حقّق 123 مليونًا و633 ألفًا و832 دولارًا أميركيًا كإيرادات دولية، منذ بدء عروضه التجارية في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، مقابل 185 مليون دولار أميركي ميزانية إنتاج. كما أنّه لا يملك مقوّمات لبدء ثلاثية جديدة، بشخصيات مختلفة.
دلالات
المساهمون