كيف تجمع المؤسسة نفسها عشرات الباحثين من الوطن العربي لمناقشة قضايا فكرية يحتاج نقاشها إطلاق حرية التفكير والتعبير، في بلد يواجه مبدعيه تهماً جاهزة بازدراء الوطن لمجرد توجيهم انتقادات للدولة والمجتمع في أعمالهم.
مفارقة أخرى لا تتعلّق بمسألة شخصية، بل تصف واقعاً موضوعياً يتمثّل بحالة إنكار تام يعيشها وزير الثقافة المصري حلمي النمنم حيال ما تمارسه السلطة من عنف ضدّ أصوات تنتقد ازدواجيتها في التعامل مع الشأن الديني، بينما كان النمنم يتصدّر المنتقدين لهذه الازدواجية قبل أن يتسلّم منصبه الحكومي.
في هذه الأجواء تنطلق صباح الأحد 29 أيار/ مايو فعاليات "ملتقى القاهرة الدولي الأول لتجديد الخطاب الثقافي"، والذي ينظّمه "المجلس الأعلى للثقافة" في القاهرة، وتتواصل على مدار ثلاثة أيام.
يقول المنظّمون في بيانهم الصحافي إن "الملتقى يأتي تلبية للحاجة الملحّة والضرورية لطرح خطاب ثقافي جديد، يمكن من خلاله مواجهة التحديات التي تمرّ بها المنطقة العربية؛ والتأكيد على اضطلاع الثقافة والمثقفين بدورهم في إنارة الدرب الصحيح للنهوض بالأوطان"، وبالضرورة لا يكثرث صائغو هذه العبارات بانعدام المسافة بين الثقافة والسلطة في الحال المصرية والعربية أيضاً.
يتضمّن الملتقى عشرين جلسة بحثية بمشاركة مئة باحث، إضافة إلى عقد ثلاث ورش عمل رئيسية بمشاركة أربعين مناقشاً؛ وتنظيم معرض لنماذج من الصناعات الثقافية كمشغولات الحلي والسجاد اليدوي والخيامية، فضلًا عن معرض للكتاب بخصم 50% على إصدارات "المجلس الأعلى للثقافة"، وفق الجهة المنظِّمة.
عقب إلقاء الخطابات لعدد من ممثلي السلطة، في مصر ونظيراتها العربية، تنعقد أولى الجلسات للملتقى في برئاسة وزير الثقافة الحالي، ويتحدث فيها وزير الثقافة الأسبق جابر عصفور عن تجديد الخطاب الثقافي، ومعهما الباحث شاكر عبد الحميد عن الصناعات الثقافية الإبداعية، وواسيني الأعرج عن تجديد الخطاب الروائي/ الضرورة والفن، والباحثة وفاء صندي عن إصلاح الثقافة كبوابة لإصلاح المجتمع.
تنتقل الفعاليات بعد ذلك إلى مقر المجلس لافتتاح "معرض الصناعات الثقافية"، ثم تتواصل بعد ذلك بقية الجلسات.
من بين المشاركين: الروائي بنسالم حميـش من المغرب، والشاعر سيد حجاب والروائي يوسف القعيد من مصر، والكاتب أحمد إبراهيم الفقيه من ليبيا، والروائي يوسف المحيميد من السعودية، والروائي ربعي المدهون من فلسطين، والروائي نبيل سليمان من سورية.