وتسببت الحرب في انهيار التعليم بمعظم المدارس الحكومية اليمنية، ما أجبر الكثير من أولياء الأمور على نقل أبنائهم إلى مدارس أهلية رغم ظروفهم المعيشية الصعبة.
جابر فاضل سجّل طفليه في مدرسة خاصة العام الماضي بعدما كانا يدرسان في مدراس حكومية من قبل. لكنه يشكو من ارتفاع تكاليفها هذا العام، ما اضطره إلى بيع بعض المقتنيات الثمينة التي يملكها من أجل تسديدها.
يقول لـ"العربي الجديد": "المدارس الخاصة في صنعاء رفعت الرسوم الدراسية للعام الدراسي الجديد بشكل كبير مقارنة بالعام الماضي، مستغلة تدهور التعليم في المدارس الحكومية التي تعاني من إهمال كبير وعدم توفر المدرسين والكتب الدراسية".
ويضيف أنه دفع رسوم الدراسة هذا العام التي بلغت 230 ألف ريال، بزيادة خمسين ألف ريال عن العام الماضي مقابل تعليم اثنين من أطفاله في المرحلة الابتدائية، مشيرا إلى أن انعدام الرقابة من قبل وزارة التعليم الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أتاح الفرصة لمن وصفهم بـ"تجار التعليم" بأن يفرضوا مبالغ إضافية على أولياء الأمور دون حسيب أو رقيب، بحسب قوله.
ويواصل: "كثير من هذه المدارس تابعة لنافذين وقيادات سياسية يهمها بقاء الوضع كما هو دون إصلاح".
وبالرغم من تزايد أعداد المدارس الخاصة في صنعاء والمدن الأخرى كبديل للمدارس الحكومية، إلا أن الرسوم الدراسية في ارتفاع مستمر نتيجة إقبال الطلاب عليها. يقول مختار عبد الرحيم، أحد سكان مدينة تعز، إن المدارس الخاصة لا تراعي ظروف المواطن بفرضها رسوما كبيرة جداً تفوق قدرة ولي الأمر على تسديدها، بعدما وصلت رسوم التسجيل إلى ما بين 60 ألف ريال و200 ألف ريال يمني، مؤكدا أن التعليم أصبح تجارة مربحة رغم أن المدرسين فيها يتقاضون رواتب شهرية ما بين 30 - 40 ألف ريال يمني فقط.
أما إبراهيم عزي، فقد اضطر لإخراج ابنته من المدرسة الخاصة والإبقاء على الابن الأصغر فيها. يقول لـ"العربي الجديد": "لا أستطيع دفع تكاليف الدراسة لهما معاً، وكان لا بد أن أضحي بأحدهما، وقد قررت إخراج البنت لألحقها بمدرسة حكومية والإبقاء على الولد، لأن تعليم الأولاد أهم بالنسبة لي"، لافتا إلى أن الفتاة في نهاية المطاف ستتزوج "ولن تحتاج إلى التعليم كالرجل الذي سيكون مسؤولا عن أسرته".
في السياق، يؤكد التربوي والخبير في مجال التعليم عبد الخبير مهيوب، أن غياب الرقابة وقصور القوانين الخاصة بالتعليم الأهلي، وغياب المعايير الواضحة والملزمة تسببت في انتشار المدارس الخاصة في صنعاء وغيرها من المدن اليمنية.
ويضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ ضعف مخرجات التعليم في المدارس الحكومية وخوف أولياء الأمور على أبنائهم ساهم في زيادة أعداد الملتحقين بالمدارس الأهلية، التي تستغل أوضاع المواطنين بزيادة الرسوم الدراسية، رغم عدم التزام الكثير منها بالمعايير الخاصة بالتعليم.
وبحسب تقرير حديث صادر عن وزارة التربية بصنعاء، فإن عدد المدارس الخاصة في العاصمة صنعاء أكثر من 700 مدرسة، فيما يصل عدد المدارس في مدينة تعز إلى أكثر من 40 مدرسة، بعضها تعمل دون تراخيص رسمية ومخالفة لمعايير التعليم.