تحوّل الحديث عن القراءة وتقلصها منذ عقود إلى شأن نظري، غالباً ما تناوله المفكرون بشيء من التشاؤم، وباتت الكثير من مقولاته جاهزة للاستعمال في مناسبات عديدة.
في مقابل ذلك، أخذت تظهر الكثير من ردود الفعل المدافعة عن القراءة كممارسة ثقافية وبشرية، وبدأت تتجسّد في مؤسّسات وفعاليات وأنشطة، ولعل أحد أشكالها المستحدثة هو التحرك عن طريق المجال الافتراضي أو المراوحة بين الافتراضي والواقعي.
من بين هذه التجارب، نجد "مجموعة عشاق الكتب التونسيين" (بيبليوفيل) التي عقدت يوم أمس لقاءها الدوري. تقول منسّقة المجموعة في تونس العاصمة، آية حيدري "بدأنا التجربة عن طريق صفحة على موقع التواصل الاجتماعي، وبمرور الأشهر فكرنا في الالتقاء وتطوير التجربة من خلال اللقاءات المباشرة".
تضيف أنه في 25 تموز/ يوليو الماضي كان أول اجتماع بين الأعضاء، حيث تم الاتفاق أن تلتقي المجموعة كل أسبوعين في مقهى في المدينة العتيقة. وتوازي أنشطة الفرع العاصمي لقاءات في عدة مدن تونسية أخرى، كما جرت بعض الفعاليات بمناسبة "معرض تونس الدولي للكتاب" هذا العام.
تشير حيدري إلى أنه "ثمة احتفاء بالتجربة، ولكنه يدل أيضاً بأن القراءة حالة غير عادية في تونس". وعن النشاط الرئيس للقاءات تقول: "هو النقاش حول كتاب نصوّت عليه أسبوعياً، نحاول أن نقرأه ونعد قراءات من زوايا مختلفة عنه".
وعن الكتب المختارة، تقول "نحاول التنويع في القراءات بين عربية وأجنبية، وبين معاصرة وتراثية". تذكر حيدري من الكتب التي جرى قراءتها "1984" لـ جورج أورويل و"أخبار النساء" لابن الجوزي و"ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" لأبي الحسن الندوي.
يظل الجانب القانوني أحد أبعاد مثل هذه المشاريع الجماعية. هنا يحدثنا أحد أعضاء المجموعة، منيب سمير، إذ يقول: "لا زالت رابطتنا غير مقنّنة فهي ليست بجمعية رسمية، هي فقط جمعية افتراضية لكننا نملك إرادة جماعية بإنشاء جمعية رسمية في حال تطوّرت التجربة مستقبلاً".
يشير سمير إلى أن نواة هذا المشروع بدأت بإنشاء نادي بصفة رسمية في "دار الثقافة" في مدينة بنزرت.